عاجل

دولة الفاتيكان أو دولة مدينة الفاتيكان بحسب الاسم الرسمي هي أصغر مدينة مستقلّة في العالم، إنّ المكانة العالية للفاتيكان

دولة الفاتيكان أو دولة مدينة الفاتيكان بحسب الاسم الرسمي هي أصغر مدينة مستقلّة في العالم، إنّ المكانة العالية للفاتيكان
الأحد ٠٧ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٠:٠٠ ص
907

 دولة الفاتيكان أو دولة مدينة الفاتيكان بحسب الاسم الرسمي هي أصغر مدينة مستقلّة في العالم، إنّ المكانة العالية للفاتيكان قد اكتسبتها من الموقع الذي شهد بحسب التقاليد المسيحيّة الكاثوليكيّة صلب ودفن القدّيس بطرس، وذلك في عهد الإمبراطور الروماني نيرون.


تبلغ مساحة الفاتيكان 0.44 كم مربع ويقارب عدد سكانها 801 نسمة فقط وتعتبر بالتالي ثالث أصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد كل من جزر كوكوس و جزر بيتكيرن.

ورغم كونها أصغر دول العالم سكانًا ومساحةً فهي تستقي دورها وأهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة، كذلك من كونها تحفظ في متاحفها و‌أرشيفها مجموعة من أرقى المنتوجات الفنية للجنس البشري على مر العصور، فضلاً عن القضايا السلمية والأخلاقية التي تدافع عنها.

لا تأخذ الفاتيكان بأي لغة على أنها لغتها الرسمية، لكن لغة الكرسي الرسولي الرسمية هي اللاتينية، وتستعمل الإيطالية في الفاتيكان بشكل واسع بحكم الأمر الواقع، كذلك حال اللغة الألمانية؛ وإلى جانب هذه اللغات يعترف الكرسي الرسولي بثمان وثلاثين لغة أبرزها: الإسبانية، الفرنسية، البولندية، البرتغالية، و‌الإنكليزية، وتغطي هذه اللغات نسبة كبيرة من اللغات المنتشرة بين كاثوليك العالم.

 
ورغم الوجود التاريخي للفاتيكان، فإن هذا الوجود لم يصبح بالشكل المستقل المتعارف عليه اليوم، قبل 7 يونيو سنة 1929 حين تمّ توقيع ثلاث معاهدات في قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية التي كانت آنذاك فاشية بقيادة بينيتو موسيليني وممثل البابا بيوس الحادي عشر، الكاردينال بيترو كاسباري، وعرفت هذه الاتفاقيات باسم اتفاقية لاتران؛ نظمت الاتفاقيات الثلاث العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، جزء مستقل عن الدولة الإيطالية ومدار من قبل البابا.

أيضًا فقد نصت على إدارة الفاتيكان بشكل مباشر لكافة الكنائس والأديرة في مدينة روما، استنادًا على الاعتقاد الكاثوليكي بكون البابا هو أسقف روما المنتخب، وثلاثة وعشرين موقعًا آخر خارج أسوار الفاتيكان وتزيد مساحة هذه المواقع في روما ومحيطها عن مساحة الفاتيكان نفسها؛ وضمنت الاتفاقيات أيضًا مبلغًا سنويًا من المال يدفع إلى الفاتيكان تعويضًا عن الخسائر التي مني بها الكرسي الرسولي إثر قضاء مملكة إيطاليا على الولايات البابوية، التي كانت تمتد من الساحل جنوب روما إلى حدود البندقية شمالاً قاسمة بذلك إيطاليا إلى ثلاث أقسام.

كانت الفترة التي تلت القضاء على الدولة البابوية وحتى توقيع الاتفاقيات فترة من الفوضى القانونية أطلق على البابوات خلالها اسم سجناء روما، لعدم وجود أي تنظيم لحال السيادة الإيطالية وسيادة الكرسي الرسولي، ونظرًا لأهميتها فقد أدرجت هذه الاتفاقيات في الدستور الإيطالي عام 1947.

تعتبر الفاتيكان دولة يديرها الإكليروس، ويرأس هؤلاء البابا أسقف روما المنتخب من قبل مجمع الكرادلة متمتعًا بصلاحيات غير محدودة مدى الحياة؛ بيد أن البابا فعليًا لا يمارس أيًا من صلاحياته على الأمور الإدارية و‌السياسية والقانونية تاركًا تدبير هذه الشؤون لرئيس وزراء دولة الفاتيكان، ومؤسسات الدولة المختلفة. يشغل منصب رئيس الوزراء عادة كاردينال كنسي، معين من قبل البابا.

أدرجت الفاتيكان، على لائحة اليونيسكو كإحدى مواقع التراث العالمي. وهي الدولة الوحيدة المدرجة بكاملها على اللائحة المذكورة، أيضًا فإن الفاتيكان ممثل لدى عديد من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وعدد من وكالاتها منظمة الأغذية العالمية و‌منظمة الصحة العالمية و‌منظمة العمل الدولية إلى جانب منظمات أخرى غير رسمية كالجمعية العالمية للعلوم التاريخية والجمعية العالمية للطب المحايد وغيرها.

النشيد الوطني في الفاتيكان وهو "السلام البابوي" ألفه الفرنسي شارل غونو خلال القرن التاسع عشر لمناسبة قداس اليوبيل الذهبي لنيل للبابا بيوس التاسع سر الكهنوت.

إن المنطقة التي تعرف اليوم باسم الفاتيكان، كانت في العصور القديمة، خالية من السكان وتشكل جزءًا من الضواحي المنتشرة حول مدينة روما خلف التلال السبعة التقليدية التي تشكل حدود المدينة، على الضفة اليمنى لنهر التيبر؛ وقد استمدت اسمها من إحدى الهضاب الصغيرة كانت تسمى الفاتيكان؛ ولم تكن هذه الهضبة ضمن قائمة الهضاب السبع التي تنقل التقاليد الإيطالية أنها مهد مدينة روما الحديثة.

بنيت على هضبة الفاتيكان كنيسة صغيرة على اسم القديس بطرس ومن ثم بنيت كاتدرائية القديس بطرس في القرن السادس عشر؛ وعلى الرغم من كون روما المقر الدائم للبابوية إلا أن البابوات قبل القرن الرابع عشر كانوا قد اتخذوا من قصر لاتران في المدينة مركزًا لهم، ولم تتجه الأنظار نحو الفاتيكان إلا في أعقاب الانتهاء من انشقاق أفينغون، حيث انتقل البابوات ومعهم قيادة الكنيسة إلى الفاتيكان، وشيّد هناك خلال عصر النهضة سلسلة من المباني و‌المتاحف إلى جانب القصر البابوي والحدائق البابوية وعدد من المباني الأخرى.

اكتسبت هضبة الفاتيكان أهميتها، ومن ثم دورها كعاصمة للكنيسة الكاثوليكية، من كون التقاليد المسيحية قد نقلت أن الهضبة كانت الموقع الذي شهد صلب القديس بطرس عام 67 ضمن حملة اضطهادات واسعة قادها الإمبراطور نيرون على المسيحيين، التقليد نفسه نقل أن القديس بطرس قد دفن في قبر صغير أسفل الهضبة؛ هذه التقاليد تمّ تأكيدها من خلال المزار القديم للقديس بطرس الذي كان مقامًا في الهضبة، وحديثًا من خلال البحوث والتنقيبات الأثرية؛ ولا يمكن اليوم رؤية أو الشعور بوجود الهضبة الأصلية إذ شيدت فوقها كاتدرائية القديس بطرس عام 1506 و‌الساحة التي تمتد بشكل إهليلجي أمامها والمسماة على اسم القديس بطرس أيضًا وهي مرصوفة بالحجر الغرانيتي الأسود، غير أنه يمكن ملاحظة الهضبة في الحدائق البابوية إلى الخلف من الكاتدرائية.
من ناحية روما اليوم، فإن الفاتيكان تقع في شمال غربي المدينة، بعيدة فقط عدة مئات من الأمتار عن نهر التيبر؛ يبلغ مجموع طول حدودها 3.2 كم وهي محددة بواسطة سور خاص مزين بعدد من الأعمال الفنية وينفتح مقابل ساحة القديس بطرس على مدينة روما. بنى السور الأول للفاتيكان حماية لضريح القديس بطرس في عهد البابا ليون الرابع (847 -855) ثم أعاد بناء السور بالشكل الحالي البابا بولس الثالث (1534 -1549) واعتبر هذا السور الأساس الذي تمّ بناءً عليه ترسيم حدود الفاتيكان بشكلها الحالي عام 1929، أضيفت إليه أجزاء صغيرة لتسوير المناطق الشمالية من المدينة؛ أما الحدود بين ساحة القديس بطرس و‌روما، وهي المنطقة الوحيدة غير المحاطة بسور، فقد تم تحديده بخط أبيض مرسوم على الأرضية فاصلاً بذلك الفاتيكان عن روما، وتعرف هذه المنطقة باسم ميدان البابا بيوس الثاني عشر؛ وترتبط الفاتيكان مع روما من خلال طريق واحد هو جادة ديلا كونكيليازون (بالإيطالية: della Conciliazione) الذي يقطع نهر التيبر باتجاه ساحة القديس بطرس.

لا تقتصر أملاك الفاتيكان على المدينة، إذ تشمل جميع الكنائس و‌الكاتدرائيات و‌الأديرة والمصليات الواقعة في مدينة روما، إضافة إلى قلعة غاندولفو الواقعة إلى الجنوب من روما قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي تعتبر المقر الصيفي لإقامة البابا، ومقر المكتبة الفاتيكانية الفلكية والمرصد الفاتيكاني الفلكي؛ يضاف إلى هذه القائمة عدد من الأبنية التي تمثل سفارات الدول لدى الفاتيكان وعدد آخر من الشقق السكنية والمكاتب التي تعود ملكيتها للفاتيكان ويشغلها موظفون خاصون بالكرسي الرسولي؛ يذكر أن جميع مباني الفاتيكان الواقعة خارج أسوار المدينة، يتولى الحرس السويسري شؤون الأمن فيها وليس الشرطة الإيطالية.

تعتبر الفاتيكان واحدة من ثلاث دول أخرى في العالم تعتبر محتواة في دولة أخرى، أي أنها لا تملك أي حدود برية أو بحرية مع سواها، وإلى جانب الفاتيكان فهناك سان مارينو المحتواة في إيطاليا أيضًا و‌ليسوتو المحتواة ضمن جنوب أفريقيا؛ كذلك تعتبر الفاتيكان الدولة الوحيدة في العالم التي لا وجود لشرطة حدود على حدودها للتدقيق في هوية الداخلين والخارجين؛ وتعتبر الفاتيكان أيضًا الدولة الوحيدة التي يحتل بناء واحد فيها أكثر من نصف مساحة الدولة، إذ تغطي كاتدرائية القديس بطرس التي تتسع لأربعيين ألف شخص أكثر من نصف مساحة الفاتيكان البالغة 0.44 كم2.
الأكثر قراءة
Latest-News-img
المركزي: ارتفاع إيرادات رسوم المرور بقناة السويس بمعدل 20.7% لتسجل 4.8 مليار دولار خلال 6 أشهر
Latest-News-img
انعقاد ملتقى الفكر للواعظات بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)
Latest-News-img
النفط يتراجع عن أعلى مستوى في أشهر عدة متأثرا بارتفاع الدولار
Latest-News-img
جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع سعر الذهب إلى 2300 دولار بنهاية 2024
Latest-News-img
الإحصاء: تراجع معدل التضخم السنوي لشهر مارس 2024
Latest-News-img
جوجل تحذف بيانات جمعتها من تصفح مستخدميها تفاديا لدعوى مرفوعة عليها
جديد الأخبار