أخبار وتقارير

أخيرا وبعد طول انتظار، وصل رئيس الوزراء اللبناني “المستقيل” سعد الحريري إلى باريس قادما من الرياض حيث أجبر على الاستقالة


أخيرا وبعد طول انتظار، وصل رئيس الوزراء اللبناني "المستقيل" سعد الحريري إلى باريس قادما من الرياض حيث أجبر على الاستقالة وعلى الإقامة على ما يبدو. ويعد هذا المخرج نجاحا للدبلوماسية الفرنسية، وكذلك حلا يحفظ صورة لبنان وصورة العربية السعودية. وبالرغم أن هذه السفرة الباريسية لن تنهي المشكل في انتظار ما سيصرح به الحريري في بيروت بمناسبة عيد الاستقلال يوم الاربعاء المقبل، فإن هذا المسلسل يعكس مستوى التدني الذي وصلته أوضاع السياسة في الشرق الأوسط.

ففي الوقت الذي أصبحت فيه رهانات أغلب جهات العالم تقريبا هي التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتحضير للأجيال المقبلة، مازالت بلدان الشرق الأوسط غارقة في سياسات داخلية متخلفة وفي تحالفات أو صراعات بينية تجاوزها الزمن. إعلان الحريري استقالته من خارج بلده وبشكل مفاجئ جسد كل الاستهتار بالدولة اللبنانية وبسيادتها في بلد تبقى فيه التوازنات السياسية الطائفية هشة وتنذر بالانفجار في أية لحظة. إنه وضع اللامعقول في سياسة اليوم وعلينا ربما العودة للعصور الوسطى كي نعثر على حالات شبيهة. غير أن هذا الوضع لم يكن ليتم لولا ضعف النسيج الداخلي اللبناني المبني على توازنات تقليدية بين الطوائف على حساب الدولة والانتماء المواطني. وهذا ما سمح بالاختراقات الخارجية المبنية على أساس طائفي والتي تزايدت مع الأزمة السورية.

يظهر تخلف السياسة في الشرق الأوسط أيضا من خلال طبيعة الرهانات التي تحكم صراعات وتحالفات دوله. فقد أدرج سعد الحريري استقالته ضمن خانة التجاذب الطائفي الإقليمي من خلال اتهامه لإيران ولحزب الله بالهيمنة على الوضع في لبنان. وهو الصراع القائم اليوم ويضع على خط المواجهة إيران والعربية السعودية. صراع بين نظامين لم يرتقيا بعد إلى تلبية حاجيات التنمية الشاملة الداخلية واتخذا من المواجهات الخارجية استراتيجية للالتفاف على استحقاقات الوضع الداخلي.


بعيدا عن الطائفية، يتصدر المشهد السياسي الشرق أوسطي أيضا خلاف العربية السعودية مع قطر. وقد استثمر الإعلام القطري بكل حماس مشكل تغييب سعد الحريري لإضعاف سياسة ولي العهد السعودي الصاعد. في هذه الحالة أيضا نقف على رهانات سياسية تخص عائلات حاكمة هي أبعد ما يكون عن رهانات الشعوب الحقيقية في بداية القرن الواحد والعشرين والمتمثلة في التنمية السياسية بما يسمح للمواطنة بالتعبير عن ذاتها وتعزز انتماء الأفراد لدولهم. لكن كيف السبيل إلى ذلك والحكام يضعون أنفسهم قبل الدولة وقبل المواطنة؟
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى