أخبار وتقارير

أصبح مشروع ميزانية الدولة التونسية لسنة 2017 والذي قدمته حكومة الوحدة الوطنية، موضوع تجاذب سياسي واجتماعي حاد تعيش على وقعه

أصبح مشروع ميزانية الدولة التونسية لسنة 2017 والذي قدمته حكومة الوحدة الوطنية، موضوع تجاذب سياسي واجتماعي حاد تعيش على وقعه البلاد اليوم. وقد وصل الأمر إلى حد من الخطورة سيكون فيه اقتصاد البلاد مهددا وكذلك السلم الاجتماعية في ظل وضع أمني هش.

الواضح أنه تم إعداد هذه الميزانية في ظل ضغوطات متعارضة. ذلك أن صندوق النقد الدولي، وهو المانح الوحيد اليوم لتونس، يطالب بالتخفيض في النفقات العمومية. وهو ما التزمت به الحكومة السابقة، لكن وقعت في نفس الوقت زيادة في الأجور مع الاتحاد العام التونسي للشغل تدخل حيز التنفيذ بداية سنة 2017.
ولذلك وجدت الحكومة الحالية نفسها في مأزق. فإما أن تلبي توصيات صندوق النقد الدولي لضمان تمويل الميزانية فتثير بذلك موجة إضرابات كما هدد بذلك اتحاد الشغل، أو أن تلبي طلب الطرف النقابي لتخسر دعم مانحها الأول.
تقع الحكومة كذلك تحت ضغط أطراف اجتماعية أخرى مثل اتحاد أرباب العمل الذي لم يقبل بالزيادة الاستثنائية بنسبة 7 بالمائة في الضريبة على الشركات. واعتبر أن وضع هذه الأخيرة هش منذ ست سنوات ولا يترك هامشا كبيرا للتحرك. كما انضم إلى معارضي هذا المشروع المحامون والأطباء واللذين رفضوا بنودا تفرض عليهم مزيدا من الشفافية في التصريح بمداخيلهم.
أما على المستوى السياسي فإن حكومة يوسف الشاهد لم تجد دعما من أحزاب المعارضة التي انتقدت بشدة ما تسميه غياب العدالة الجبائية في مشروع الميزانية وتوصيات صندوق النقد الدولي. غير أن الغريب في هذا السياق أن لا تقبل الأحزاب الكبرى المساندة للحكومة، اي نداء تونس والنهضة الإسلامي، بأهم قرار لتحسين العائدات الجبائية ومقاومة الفساد والمتمثل في رفع السر البنكي. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول جدية انخراط هذين الحزبين في مبدأ الوحدة الوطنية.
بغض النظر عن هذه الحيثيات، فإن الأمر يتجاوز في الحقيقة مجرد خلاف حول الميزانية ليضع الدولة التونسية وتجربتها في الانتقال الديمقراطي على المحك. فتنوع جبهة المعارضة لمشروع الميزانية لا يعود في الحقيقة إلى ثغرات حقيقية،
ذلك أنه تضمن إجراءات جريئة لمقاومة الفساد ولتوزيع العبء الضريبي على كل الفئات. يتعلق الأمر أكثر بضعف الدولة التونسية منذ الثورة وذلك بسبب سقوط سلطة الاستبداد والعجز عن تعويضها بسلطة القانون. وهذا ما سمح للقطاعية المهنية بأن تتحدى الدولة وبالتالي مصلحة المجموعة الوطنية مما يهدد بجدية مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
 
تحليل :
 عادل اللطيفي
نقلا عن مونت كارلو
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى