أخبار وتقارير

أوروبا أمام منعطف اقتصادي حاد .. إفلاس الشركات في أعلى مستوياته

تشهد أوروبا منذ بداية العام موجة من الإفلاس بين شركاتها لترتفع 8 % خلال الربع الثاني من هذا العام فقط، ما يعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها القارة.

وكشفت الأرقام الرسمية، أن حالات الإفلاس وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 2015، ما يسلط الضوء على عمق الأزمة التي تعصف بقطاعات حيوية في الاقتصاد الأوروبي.

ارتفع متوسط عدد حالات الإفلاس العام الماضي 24 % مقارنة بـ 2022، وذلك بعد زيادة بنسبة 30 % بين 2021 و 2022. بينما تجاوزت معدلات الإفلاس في بعض الدول الأوروبية مستويات ما قبل الجائحة، إلا أنها أقل من الذروة التي شهدتها في الأزمة المالية عام 2008 وأزمة منطقة اليورو بين 2011 و 2015.

كريستي فرينانديز، أستاذ الاقتصاد الأوروبي، أوضح لـ “الاقتصادية” : “أن ارتفاع معدلات الإفلاس في أنحاء أوروبا لا ينفي التباينات الكبيرة بين الدول،ففي بريطانيا والسويد بدأت معدلات الإفلاس في الارتفاع بشكل حاد منذ 2022، وتجاوزت مستويات ما قبل الجائحة. وفي 2023 استمر هذا الاتجاه وزادت حالات الإفلاس في البلدين 13 و 29 % على التوالي”.

وأضاف “على النقيض من ذلك، شهدت ألمانيا وإيطاليا وهولندا معدلات إفلاس أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، ما يعكس الأداء الاقتصادي المستقر لها. ففي إيطاليا استفاد السوق العقاري من استقرار نسبي في السنوات التي تلت أزمة منطقة اليورو، ما جعل تأثير ارتفاع أسعار الفائدة أقل حدة مقارنة بدول أخرى”.

ويتخوف الخبراء من أن تؤثر الزيادات المستمرة في معدلات الإفلاس بشكل سلبي على سوق العمل وعلى الاقتصاد بشكل عام، خاصة في ظل نمو اقتصادي أوروبي ضعيف.

تشير لورين فيليب الباحثة السابقة في المكتب الإحصائي التابع للاتحاد الأوروبي لـ “الاقتصادية” : إن قطاعات التجارة والبناء تعد الأكثر تأثرا بالارتفاعات الأخيرة في معدلات الإفلاس، حيث تعرضت لصدمات كبيرة نتيجة التضخم وارتفاع تكاليف البناء وأسعار الفائدة. حيث بينت أن حالات الإفلاس في تلك القطاعات وصلت في بعض البلدان الأوروبية مثل السويد وأمريكا إلى مستويات غير مسبوقة. وفي فرنسا وهولندا، رغم زيادة معدلات الإفلاس، إلا أنها لم تصل إلى الذروة التي شهدتها في الماضي.

وشهد القطاع العقاري تدهورا ملحوظا في معظم الدول الأوروبية خلال الأشهر الـ6 الماضية نتيجة انخفاض مبيعات المساكن. كما تأثرت قطاعات المعلومات والاتصالات بشكل كبير، إضافة إلى خدمات الإقامة والمطاعم، حيث سجلت حالات الإفلاس فيها 24 % خلال الربع الثاني مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. مضافا إليه قطاعا النقل والتخزين.

تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الشركات الأوروبية صعوبات مالية بسبب ارتفاع معدلات الفائدة والشروط التمويلية الأكثر صرامة، وتشير التقديرات إلى أن حالات الإفلاس ستواصل الارتفاع حتى أواخر 2024 مع توقعات بعدم استقرار الوضع حتى النصف الأول من العام المقبل.

يعلق الخبير المصرفي كليفرلي جيمس قائلا “ارتفاع أسعار الفائدة جعل الشركات الأوروبية تضيف 8.2 مليار يورو إلى تكاليف الفائدة بسبب ارتفاع معدلات الإقراض”. ويتوقع ارتفاع التكاليف مرة أخرى في 2025 و 2026 ما يزيد الضغوط المالية على الشركات. كما أن التضخم يرفع تكاليف الإنتاج ويضغط على هامش الأرباح ويدفع الشركات إلى الإفلاس.

ويحذر الخبراء من أن هذه الأزمة ليست مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل تكشف عن مشاكل هيكلية في الاقتصاد الأوروبي، تتطلب تدخل الحكومات لتقديم حزم دعم جديدة والعمل على تحسين بيئة الأعمال بتقليل البيروقراطية وتعزيز حوافز الاستثمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى