إضراب عمال قطاع السيارات في أمريكا واستراتيجية خلق عدم اليقين
يرى مراقبون أن حالة عدم اليقين التي يخلفها الإضراب التاريخي في قطاع السيارات في الولايات المتحدة هي ما يعول عليه العمال المضربون، في ظل غياب التأثير المادي الفوري على مجموعات السيارات “الثلاث الكبرى” وعدم تجاوب إداراتها.
بحسب “الفرنسية”، تستمر المفاوضات لليوم الرابع الإثنين بين نقابة “عمال السيارات المتحدين” في الولايات المتحدة وشركات “جنرال موتورز” و”فورد” و”ستيلانتيس”، مع تصريحات علنية من كلا الطرفين تظهر أنهما لا يزالان متباعدين في المواقف.
مساء الاثنين، حددت نقابة “عمال السيارات المتحدين” مهلة حتى الجمعة للشركات لإحراز تقدم ملموس في المحادثات.
وقال رئيس النقابة شون فين “إذا لم نحرز تقدما جديا بحلول ظهر الجمعة في 22 سبتمبر، ستدعو النقابة مزيدا من العمال للانضمام إلى الإضراب”.
ولفت فين عبر قناة “إم إس أن بي سي” صباح الاثنين إلى أن الطرفين ما زالا متباعدين.
يقول مراقبون إن الإضراب قد يستمر لأسابيع أو أكثر، ويعود ذلك جزئيا إلى أن التكاليف التي تكبدها الطرفان لا تزال محدودة.
أدى الإضراب الذي بدأته نقابة عمال السيارات المتحدين إلى توقف الإنتاج في مصنع واحد فقط في كل شركة، ولا يزال نطاقه محدودا.
لذلك، فإن تكتيك الإضراب الموجه لا يمارس ضغطا فوريا محسوسا على أي من الشركات، لكنه يخلق حالة من عدم اليقين”، حسبما يرى الأستاذ في كلية العلاقات الصناعية والعمالية في جامعة كورنيل هاري كاتز.
ويعتقد كاتز أن الإضراب قد يستمر ستة أو ثمانية أسابيع أو حتى أكثر.
وتنتج المصانع الثلاثة التي توقفت عن الإنتاج بفعل الإضراب شاحنات متوسطة الحجم تدر أرباحا للشركات، لكن التوقف عن إنتاجها لا يلحق بالشركات حتى الآن أقصى قدر من الخسائر الممكنة، لذلك لا يزال التأثير محدودا.
وتقول الأستاذة المتخصصة في العلاقات العمالية في جامعة ولاية ميشيغن ميشيل كامينسكي “النقابة أعطت نفسها القدرة على التصعيد وضرب المنشآت التي تسبب ضررا أكبر”.
وسيتراوح تأثير تراجع المبيعات بين 41 مليون دولار و64 مليون دولار في الأرباح التشغيلية الأسبوعية، وفق مذكرة من دويتشه بنك.
يشارك نحو 12700 من 150 ألف عامل تقريبا تمثلهم النقابة في الإضراب.
ضغط تدريجي
لفت المصرف الألماني إلى أن حركة الإضراب هذه ستكلف النقابة 6.5 مليون دولار أسبوعيا.
وتابع المصرف “تبدو هذه الرياح المعاكسة قابلة للتحكم إلى حد جيد حتى الآن، ما يعكس استراتيجية النقابة القائمة على عدم شل عملية الإنتاج على نطاق واسع فورا، بل إحداث مستوى عال من عدم اليقين(…) لممارسة ضغط تدريجي، وفقا لكيفية تقدم المفاوضات”.
ويتوقع الخبير في العلاقات العمالية التاريخية نيلسون ليختنستاين أن يتوسع إضراب النقابة إلى مصانع إضافية على أساس أسبوعي طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ويضيف “الهدف التالي هو التهديد”، معتبرا أن الإضراب قد يستمر شهرا على الأقل.
تشمل مطالب النقابة زيادة في الأجور نسبتها 40 في المائة للأعوام الأربعة المقبلة لمواكبة الزيادات التي يحصل عليها الرؤساء التنفيذيون.
أما النقاط الأخرى العالقة فتشمل زيادة الأجور والمخصصات لصغار الموظفين لتقليص الفجوة بينهم وبين أولئك الأكثر خبرة.
في الماضي، كانت نقابة عمال السيارات المتحدين في الولايات المتحدة تستهدف واحدة من الشركات الكبيرة في إضرابها، ثم تستخدم العقد الذي يتم التوصل إليه كنموذج لإضرابها في الشركات الأخرى.
غير أنها كسرت هذا التقليد هذه المرة، بحيث بدأت إضرابا في الشركات الثلاثة في الوقت عينه، على الرغم من أن الخبراء يتوقعون أن تستخدم النقابة أول عقد تتوصل إليه مع الإدارات كنموذج للتفاوض على شروط مثل الأجور.
ويقول محللون لدى شركة “كوكس أوتوموتيف” إن مبيعات “جنرال موتورز” قد تكون “أكثر عرضة للخطر” بسبب المبيعات السريعة لدى الوكلاء، بالمقارنة خصوصا بـ”ستيلانتيس” التي لديها مخزون أكبر من البضائع بسبب مبيعاتها الضعيفة، فيما شركة “فورد” تقع “بين” الشركتين الأخريين.