اختبار الخرف أو العزل.. بايدن يواجه سيناريو غير مسبوق
أصبحت صحة الرئيس الأمريكي جو بايدن العقلية مثاراً للجدل في الولايات المتحدة، وسلاحاً فعالاً، يتناوب على استخدامه خصومه، وعلى رأسهم الجمهوري دونالد ترامب، الطامح لخوض غمار المواجهة الانتخابية القادمة ضد خصمه الديمقراطي.
ومع تكرر زلات الرئيس الثمانيني وأخطائه وخلطه في أمور سياسية كثيرة، أصبح مطالباً بشكل رسمي من قبل عدد من الأطباء للخضوع إلى “فحص الخرف” لتقييم حالته الذهنية وقدرته على الاستمرار في منصبه، بعد تقرير من وزارة العدل بقيادة المحقق الخاص روبرت هور يشكك بجدية في صحة بايدن العقلية، ويصفه بأنه “رجل مسن حسن النية، وذو ذاكرة ضعيفة”.
وطالب أطباء بضرورة فحص الرئيس الأمريكي لإثبات سلامته العقلية، وقالوا إن نسيانه أحداثاً رئيسية، مثل وفاة ابنه بو، كان علامة مميزة على تدهور قدراته المعرفية، ومقدمة لإصابته بالخرف.
ويؤكد الطبيب الباطني في ولاية نيويورك ستيوارت فيشر لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، إن الاختبار الإدراكي للرئيس بايدن طال انتظاره، وأصبح ضرورة ملحة، ولكي تثبت للجمهور أنك سليم عقلياً وجسدياً فعليك أن تُظهر لهم ذلك، لأنه وبحكم توليك أعلى منصب في البلاد، يتوجب عليك أن تكون قادراً على الإنتاج”.
وأشار الطبيب فيشر، إلى شفافية العائلة المالكة في بريطانيا، التي أعلنت إصابة الملك تشارلز بالسرطان في وقت سابق من هذا الأسبوع، وطالب البيت الأبيض بتطبيق نفس المستوى من المصداقية، عندما يتعلق الأمر بمشاكل بايدن الصحية.
ويؤكد فيشر، أنه “من الممكن أن يكون بايدن يعاني من حالة ضعف إدراكي معتدلة، لكن إجراء اختبارات شاملة هي الطريقة الوحيدة لمعرفة العلة على وجه اليقين”.
وقال طبيب الأعصاب في جامعة فلوريدا كينيث هيلمان، “الطريقة الوحيدة حقاً، إذا كنت قلقاً بشأن شخص يتقدم في السن، هي أن تخضعه لتقييم كامل من قبل طبيب أعصاب، لمعرفة ما إذا كان يستوفي معايير الضعف الإدراكي”.
ويمكن إرجاع علامات التدهور المعرفي الأولية إلى الشيخوخة والتقدم في العمر، ويعاني حوالي 40% من الأشخاص، الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكبر، من تراجع وضعف نسبي في الذاكرة، لكن 1% فقط يصابون بالخرف.
وقال الطبيب هيلمان، “هناك سلسلة كاملة من الأشياء التي يجب أن تنظر إليها عند تشخيص شخص يعاني من علامات مبكرة على الخرف، فمثلاً نتحدث معه لفترة من الوقت لنرى كيف هي لغته، وإذا كان لديه الكثير من المشاكل في العثور على الكلمات، فإن ذلك يصبح مصدر قلق، وبعد ذلك ندخل في حديث معه، ونطلب منه أشياء معينة، وإذا لم يفهم طلبنا، يصبح ذلك مصدر قلق أكبر”.
وفي الخطوة الثانية، يتوجه الأطباء لإخضاع الشخص إلى تقييم “مونتريال” المعرفي، وهو اختبار بسيط داخل العيادة يُطلب فيه من الأشخاص رسم مكعب، والتعرف على حيوانات، ورسم ساعة للكشف عن الضعف الإدراكي المعتدل.
تحقيق وزارة العدل
وبعد صدور نتائج تحقيق وزارة العدل في سوء تعامل بايدن مع الوثائق السرية، أثيرت تساؤلات أخرى بناء على النتائج التي تؤكد أن بايدن لم يتذكر فعلياً متى كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، ولا متى انتهت ولايته.
وتعقيباً على التقرير، قالت الدكتورة جين أورينت، المديرة التنفيذية لجمعية الأطباء والجراحين الأمريكيين، في حين أن الهجمات السابقة من الجمهوريين حول صحة بايدن يمكن تأطيرها على أنها حزبية، فإن الاستنتاج الذي توصلت إليه وزارة العدل كان لحظة محورية بحكم ما تتمتع به من مصداقية أكبر بكثير من الأشخاص الذين يمكن اتهامهم بالتحيز”.
وقال طبيب التخدير في جورجيا يوسف حميد، إن “قدرات بايدن العقلية تتضاءل.. وهذا يحدث للجميع، ولكن بعض علامات الخرف تحدث بمعدل أسرع من غيرها”. وأضاف، “من الصعب تحديد هؤلاء المرضى الذين لديهم علامات متسارعة للخرف، ولكن تذكر بايدن محادثات مع قادة العالم المتوفين أمر مثير للقلق”.
وأضاف الطبيب، “إذا كان المدعي العام غير راغب في ملاحقة بايدن قضائياً بسبب ضعف ذاكرته وضعفه، فإن بايدن قد يواجه مشاكل من نوع آخر”.
وكشف استطلاع جديد أجرته شبكة “إن بي سي”، أن 62% من الناخبين في الولايات المتحدة أبدوا مخاوف كبيرة بشأن صحة بايدن العقلية والجسدية.
زلات كثيرة
ووقع بايدن خلال الفترة البسيطة الماضية في أكثر من زلة لسان، أحدثها جاء بعد استنفاره في الدفاع عن سلامته العقلية بوقت وجيز، وأشار يوم الخميس الماضي خلال حديثه عن الأوضاع في غزة، إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أنه رئيس المكسيك.
وأشار في أحد خطاباته السياسية أمام أعضاء الحزب الديمقراطي إلى الرئيس السابق دونالد ترامب على أنه “الرئيس الحالي”، ما أثار موجة من السخرية من المحافظين على الإنترنت. كما خلط بين الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون ورئيس فرنسا السابق فرانسوا ميتران، الذي توفي عام 1996.
وفي حديث عن قمة مجموعة السبع المنعقدة في عام 2021، قال بايدن إنه التقى بالمستشار الألماني هيلموت كول، وتحدثا بخصوص طبيعة انتفاضة 6 يناير. وفي الحقيقة التقى بايدن بالمستشارة أنجيلا ميركل، لأن كول توفي عام 2017، ولم يكن موجوداً في قمة 2021.
ويوضح الطبيب النفسي في جامعة لويزفيل آرثر أوليفا، بقوله “هذه هي الأخبار الأكثر إثارة للقلق التي سمعتها عن ذكرى بايدن. إن ارتكاب الزلات أثناء الخطابات أو التعثر في الكلمات هو شيء واحد، ولكن هذا يعد تذكّراً سيئاً بشكل مشروع.. عادةً ما يتم فقدان ذاكرة الأشخاص قصيرة المدى أولاً، ولكن وجود مشكلات في تذكر الوقت الذي كان فيه نائباً للرئيس هو أمر سيئ”.
احتمالات العزل
وبناء على الزلات المتكررة ووهن ذاكرة الرئيس بايدن، دعا النائبان الجمهوريان ريك سكوت ومارغوري تايلور غرين إلى تفعيل التعديل الـ25، الذي ينص على أنه يمكن عزل الرئيس، إذا كان غير لائق للمنصب. ويمنح التعديل نائب الرئيس سلطة عزل القائد العام من منصبه من خلال تصويت بالأغلبية في مجلس الشيوخ على عدم أهلية الرئيس، ولم يسبق أن اضطرت الولايات المتحدة إلى استخدام هذا التعديل في تاريخها.
ومن المفارقات المدهشة، أنه كانت هناك دعوات لعزل الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2018 على أساس أنه غير لائق عقلياً للمنصب.
وأكدت الطبيبة جين أورينت، “أعتقد أن التعديل الـ25 هو تعديل سياسي ومن غير المرجح أن يُفعّل لأن الحزب الديمقراطي وجميع الوزراء مخلصين للرئيس بايدن وسعيدين بالعمل معه”. وتضيف،”لكنني أعتقد أنه يمكن رفع دعوى من قبل أي مواطن عادي قلق من زلات وأخطاء الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتخذ قرارات حاسمة للغاية بشأن كل ثانية من حياة الأمريكيين”.
ودعت الطبيبة إلى إجراء “الاختبارات المعرفية الأساسية” ونشرها على الملأ.
ولكي يتم تفعيل التعديل الـ25، يجب على نائب الرئيس، جنباً إلى جنب مع أغلبية المسؤولين الرئيسيين في الإدارات التنفيذية، إصدار إعلان مكتوب بأن الرئيس غير قادر على تنفيذ مهامه، وبمجرد إرسال هذا الإعلان إلى الكونغرس، يصبح نائب الرئيس على الفور رئيساً للبلاد.