الاقتصاد المصري يتحدى التوقعات وينمو 4.4% بدعم من السياحة والصناعة

في مشهد يعكس صلابة لافتة وقدرة على امتصاص الصدمات، رسم الاقتصاد المصري لوحة من التعافي القوي خلال العام المالي 2024/2025، متجاوزًا كافة التوقعات المحلية والدولية. فقد أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن عجلة النمو دارت بوتيرة أسرع من المتوقع، لتسجل 4.4% على أساس سنوي، في قصة نجاح قادتها قطاعات حيوية على رأسها السياحة والصناعة.
محركات النمو.. قطاعات تتألق وتقود مسيرة التعافي
لم يأتِ هذا الأداء الإيجابي من فراغ، بل كان نتاجًا لزخم استثنائي في قطاعات بعينها. ففي الربع الأخير وحده من العام المالي، قفز معدل النمو إلى 5%، وهو المعدل الأعلى منذ ثلاث سنوات، ليؤكد أن مسار التعافي الاقتصادي يكتسب قوة وثباتًا. هذا الأداء المتميز جاء مدفوعًا بتألق عدة قطاعات رئيسية.
السياحة: عائدات ووجهات تفتح ذراعيها للعالم
يبرز قطاع السياحة (المطاعم والفنادق) كنجم الشباك الأول في هذا المشهد، حيث حقق نموًا هائلاً بلغ 19.3% في الربع الرابع، و17.3% على مدار العام. هذه الأرقام لم تكن مجرد حبر على ورق، بل ترجمة حقيقية لزيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر لأكثر من 17 مليون سائح، والذين قضوا نحو 179 مليون ليلة سياحية، في دلالة واضحة على عودة مصر بقوة إلى خريطة السياحة العالمية.
الصناعة والاتصالات: قاطرة الإنتاج والتصدير
على جبهة أخرى، واصلت الصناعات التحويلية غير البترولية تعافيها الملحوظ، مسجلةً نموًا بنسبة 18.8% في الربع الرابع. هذا الانتعاش شمل صناعات استراتيجية كالسيارات (126%) والمستحضرات الصيدلانية (52%) والملابس الجاهزة (41%). بالتوازي، حافظ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أدائه القوي بنمو بلغ 14.6%، مدعومًا باستثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية وشبكات الجيل الخامس، وهو ما عزز من مكانة مصر كمركز إقليمي لشركات التعهيد التي وصل عددها إلى 186 شركة.
- الصادرات السلعية: ارتفعت بنسبة 12.8% في الربع الرابع، مما يعكس قدرة المنتج المصري على المنافسة.
- الوساطة المالية: سجلت نموًا قويًا بنسبة 10.8%، مواكبةً للنشاط الاقتصادي العام.
- قطاعات أخرى: شهدت قطاعات التأمين والكهرباء والنقل والتشييد والبناء نموًا إيجابيًا أسهم في دعم الأداء الكلي.
تحول هيكلي.. القطاع الخاص يتصدر المشهد الاستثماري
ربما يكون التحول الأبرز الذي كشفته الأرقام هو التغير في تركيبة الاستثمارات. فبينما استقرت قيمة الاستثمارات المنفذة عند 1.23 تريليون جنيه، شهدت حصة القطاع الخاص قفزة تاريخية لتصل إلى 47.5% من الإجمالي، وهي النسبة الأعلى منذ خمس سنوات. في المقابل، تراجعت حصة الاستثمارات العامة إلى 43.3%، وهو ما يعكس تحولاً هيكليًا جادًا نحو تمكين القطاع الخاص ليصبح المحرك الرئيسي للنمو وخلق فرص العمل.
على الجانب الآخر.. تحديات جيوسياسية تلقي بظلالها
رغم الصورة المشرقة، لم تخلُ الرحلة من تحديات. فقد عانت قناة السويس من انكماش سنوي تاريخي بلغ 52%، متأثرة بالتوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر التي أثرت على حركة التجارة العالمية. كما سجل قطاع الاستخراجات (النفط والغاز) انكماشًا بنسبة 9% سنويًا. لكن بصيص الأمل يكمن في أن وتيرة التراجع بدأت تتباطأ في الربع الأخير، مع استئناف أعمال التطوير في بعض الحقول البحرية.
رؤية حكومية: استدامة التعافي وتعزيز الشراكة
وفي تعليقها على هذه النتائج، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط، أن الأرقام “تعكس صلابة الاقتصاد المصري ونجاح السياسات الإصلاحية في إعادة هيكلة مصادر النمو”. وأضافت أن الحكومة تركز حاليًا على ضمان استدامة هذا التعافي من خلال تعميق الشراكة مع القطاع الخاص، وتنويع بنية الاقتصاد، لضمان مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .