قال محافظ البنك المركزى هشام رامز، إن الودائع الخليجية سترفع احتياطى مصر من النقد الأجنبى إلى أكثر من 20 مليار دولار، مؤكدًا التزام البنك بتوفير سيولة عاجلة وضخ مزيد من العملات الأجنبية لتغطية الواردات، مع التركيز على السلع الرمضانية وإعطاء الأولوية للمنتجات الأساسية، تليها الكمالية، مشيرًا إلى أنه تم توجيه تعليمات مباشرة لرؤساء البنوك بتغطية طلبات الصناعات المختلفة، دون رفض أى منها.
وقد تعهدت السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الذى عقد فى مارس الماضى، بتقديم دعم إضافى لمصر بإجمالى 12.5 مليار دولار فى صورة استثمارات ومساعدات وودائع بالبنك المركزى.
وأوضح محافظ «المركزى» أن أرصدة الاحتياطى قد تتراجع نسبيًّا مع تزايد احتياجات قطاعى الطاقة، والبترول والكهرباء، وتمويل المشروعات الاستثمارية، إلى جانب سداد مستحقات العالم الخارجى التى تقدّر بـ1.4 مليار دولار لدول نادى باريس، ومليار دولار سندات مستحقة لدولة قطر فى يوليو 2016.
وشدد رامز، فى تصريحات على هامش مشاركته أمس بالمؤتمر المصرفى العربى «التمويل من أجل التنمية»، على انتهاء السوق السوداء للدولار بعد قرار فرض حد أقصى للإيداعات الكاش بالعملة الأمريكية لدى البنوك، مشيرًا إلى أن البنك يدرس مزيدًا من الإجراءات الاحترازية، من شأنها إحباط آمال تنشيط تعاملات تلك السوق مرة أخرى، كما أكد أن «المركزى» بصدد تفعيل سوق الإنتربنك الدولارى فى الأيام المقبلة، بعد تحسن موقف السيولة الدولارية وإيرادات البنوك من النقد الأجنبى.
وعن أزمة البنوك فى تدبير السيولة الدولارية لتمويل المشروعات الضخمة المطروحة حاليًا، قال رامز «البنوك المحلية ليست ملزَمة بتدبير التمويل الأجنبى بالكامل للمشروعات، وأى استثمار أجنبى لابد أن يقترن بضخ رؤوس أموال واستثمارات من الخارج، فيما تغطى البنوك المحلية نسبًا محدودة من التمويلات».
ولفت إلى أن «المركزى» يبحث ضخ مبالغ دولارية مباشرة لتغطية تحويلات أرباح المستثمرين الأجانب المعلقة فى سوق المال، مشيرًا إلى أنها مبالغ محدودة دخلت قبل تفعيل آلية صندوق حماية المستثمر فى مارس 2013، وأن البنك ضخ 800 مليون دولار لتغطية تحويلات المستثمرين فى البورصة، منها 350 مليونًا عبر الصندوق.
وقال إن الدَّين الخارجى لمصر مرشح للارتفاع، مع وصول ودائع الخليج، مشيرًا إلى أنها سجلت نهاية فبراير 40.2 مليار دولار، لكنها سترتفع فى الفترة المقبلة، فيما استبعد أن يؤثر ذلك سلبًا على نظرة العالم الخارجى للاقتصاد المصرى.
وأكد رامز أن مصر مؤهلة للاقتراض من صندوق النقد الدولى، بعد أن نجحت فى خطوات الإصلاح المالى للاقتصاد، لكنه أوضح أن القرار يتوقف على مدى حاجة الاقتصاد للاقتراض، بالإضافة للتوقيت المناسب.
وأشاد باتجاه الحكومة لإصدار سندات دولية فى الخارج بقيمة 1.5 مليار دولار، مقرر طرحها الشهر المقبل باعتبارها خطوة تضع مصر على الخريطة العالمية بين الدول، بعد غياب دام 4 سنوات، متوقعًا نجاح السندات وتغطيتها بأكثر من مرة.
كما توقع محافظ «المركزى» استمرار تحسن التصنيف الائتمانى للبلاد من قِبل مؤسسات التصنيف الدولى، معبرًا عن تحسن مؤشرات النمو الاقتصادى فى الفترة المقبلة.
من جهة أخرى أكد أن القطاع المصرفى يواجه حاليًا عددًا من التحديات الخارجية التى قد تؤثر سلبًا على مؤشرات النمو الاقتصادى فى الفترة المقبلة، والناتجة عن تدنى الوضع الاقتصادى فى الدول الأوروبية، وانخفاض أسعار المنتجات عالميًّا لمستويات متدنية، وصعوبة الوقوف على آثار سياسات التيسيير الكمى التى اتبعتها أمريكا، وبعدها الدول الأوروبية، والتى تمثل تهديدات أساسية على نمو الاقتصاد.
وكشف رامز عن اجتماعات مكثفة مع الوزارات المعنية لصياغة تعريف موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لدى البنوك وجميع الجهات التى تتعامل مع القطاع.
وخلال كلمته بالمؤتمر أكد محمد بركات، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، أن البنوك فى المنطقة قادرة على قيادة قاطرة التمويل، لافتًا إلى ارتفاع إجمالى أصول المصارف العربية إلى 3.1 تريليون دولار بنهاية 2014، برأسمال مجمَّع بلغ 336 مليار دولار، بما يمكنها من جذب ودائع بقيمة 2.1 تريليون دولار، فيما بلغت القروض الموجهة للقطاعين العام والخاص نحو 1.6 تريليون دولار.
وأشار رئيس اتحاد المصارف العربية إلى أنه رغم معدلات النمو المرتفعة للدول العربية لكنها لم تترجم فى زيادة معدلات التنمية للمواطن العربى، فقد ارتفعت مؤشرات البطالة، وتراجعت مستويات المعيشة إلى جانب بعض المشاكل الحيوية، بما يتطلب ضرورة إيجاد فرص العمل كمحفز لشبابنا للبناء والاضطلاع بالمسئولية بما يساهم فى تحقيق المسئولية المستدامة.
فيما أكد نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الاضطرابات السياسية فى المنطقة أدت إلى العديد من المشاكل فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية فى الدول العربية، لافتًا إلى أن اتحاد المصارف يباشر دورًا محوريًّا فى هذا المجال، بينما لا يزال موضوع التمويل وربطه بالتنمية إحدى المشكلات التى تعانى منها أغلب الدول نتيجة نقص الموارد.
وقال جوزيف طرابيه، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولى للمصرفيين العرب، إن المصارف دورها مجابهة الظروف والأوضاع الصعبة التى تواجهها المنطقة العربية فى السنوات الأخيرة، بالأمل ودعم التمويل من أجل تحقيق التنمية وإعادة الإعمار، فى ظل فتح جبهات الصراع ضد الإنسان والعمران بعدد من البلدان العربية، والتى خلفت وراءها عواقب مالية جسيمة، مثل زيادة عجز الموازنات وتراجع الاحتياطيات الدولية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة بصورة كبيرة، وتراجع التصنيف السيادى لعدد من الدول العربية، إضافة إلى كارثة تشريد ونزوح اللاجئين.