البيزنس يحكم العالم
أحكمت الشركات المتعددة الجنسيات قبضتها حول العالم وشرعت القوانين واصبحت تتحكم فى مصائر الشعوب وتزرع رجالها بين حكومات العالم ليس هذا فحسب بل ان رجالها اخترقوا جبهات المعارضة منذ عقود ومن ثم صار للراسمالية رجالا حتى بلاط الحكام وفى دهاليز المعارضة
ولعل المتابع لحركة الرأسمالية يدرك يقينا ان الاقتصاد هو الذى يصنع السياسة ويؤثر فيها ويحركها كيفما شاء وليس العكس فلم يعد غريبا ان نجد رئيسا امريكيا يجلس على رأس الحكم فى البيت الابيض بينما تكون جذوره ونشأته فى ردهات الشركات العالمية تلك الشركات التى من اجل عيونها يتم تشريع قوانين التجارة العالمية لتصبح كل اسواق العالم مستباحة لتلك الشركات ولا تقوى الشركات المحلية على المنافسة او حتى الدفاع عن نفسها والبقاء فى وجه طاغوت الرأسمالية الذى يعصف بكل القوانين
فى ستينيات القرن الماضى عندما ادرك بارونات ومهندسى الرأسمالية ان الخطر يكمن فى الاقتصاديات النامية وتحديدا فى دول امريكا الجنوبية فأتفق الراسماليون على الترويج لافكارهم بعد اجتماع جرى فى جامعة شيكاغو الامريكية للاقتصاد وكانت النتيجة الاتفاق على ان تصبح تشيلى هى قاعدة الانطلاق ومحور ارتكاز الرأسمالية فى امريكا الجنوبية وتم جذب الطلبة من تشيلى لدراسة الاقتصاد فى جامعة شيكاغو وبالفعل اصبح هناك جيل جديد من المتشبعين بالافكار الرأسمالية فى تشيلى وتحركت بعدها المخابرات الامريكية وقادت انقلابا سياسيا لتفسح المجال اما الراسماليين الجدد للمنافسة السياسية الا ان الانتخابات لم تؤدى الى نجاح حاملى لواء الرأسمالية وهناك قال الرئيس الامريكى نيكسون مقولته الشهيرة(ان الديمقراطية تلفظ الرأسمالية لكن الديكتاتورية تفرز مناخا جيدا يساعد الرأسمالية على الوصول للحكم)
وكان يقصد بذلك ان الانتخابات الديمقراطية التى جرت فى تشيلى لن تؤدى الى نجاح الرأسمالية حيث فاز بها الاشتراكيون والمدافعون عن صفوف العمال واصحاب افكار التأميم وكان يعتبرهم نموذجا للديكتاتورية لن يستطيعوا خدمة بلدهم تشيلى وسوف يصطدموا بالامر الواقع ويفشلوا وبالتالى يستطيع اصحاب الفكر الرأسمالى الصعود الى الحكم بعد ان يعملوا فى صفوف المعارضة
تكرر هذا النموذج فى بقية دول امريكا اللاتينية حتى افلست الارجنتين وخرجت موجات عاتية من الجماهير العريضة ترفع اوانى الطعام تعبيرا عن الجوع والفقر كما تكرر المشهد فى اسيا حتى احكمت الرأسمالية قبضتها واصبح لها رجالها فى كل بلاد العالم
واذا نظرنا الى قوانين التجارة العالمية والمعايير التى تتحكم فى حركة الاموال حول العالم سوف نجد انها تصب جميعا فى صالح اصحاب الشركات ورأس المال وحتى نتأكد من قوة وبطش الشركات العالمية فأن علينا ان نراجع قائمة اقوى الاقتصاديات الشركات العالمية هى اقوى من اقتصاديات عدد كبير من دول العالم وبين الرأسمالية هناك شركات ذات نفوذ وشركات اخرى تعتبر تكميلية او هى جزء من المنظومة ولكن ليست بنفس التأثير والنفوذ هذا النفوذ تحظى به وتتحكم فيه ثلاث انواع من الشركات هى شركات السلاح والبترول والادوية وتأتى الميديا ووسائل الاعلام كمحرك رئيسى للاحداث وخادم مخلص لمخطططات تلك الشركات ففى لحظات الهدوء السياسى على سبيل المثال تهبط اسعار النفط وتتراجع مبيعات السلاح والادوية وهنا يتحرك رجال وجنود الراسمالية فى اى منطقة سواء فى اسيا او الشرق الاوسط حيث بؤر الصراعات الملتهبة فيصطنعوا احداثا تخلق توترا او تفجر مشكلة كانت هادئة وعندها تبدأ وسائل الاعلام وتتدخل بدورها لاشعال الموقف وحفذ الغضب الشعبى فتضطر الحكومات الى اتخاذ قرارات عنترية فيزداد التوتر وتنفجر اسعار النفط صعودا وتزداد مبيعات السلاح وتقبل الشعوب على شراء ادوية الضغط تحت وطأة التوتر الشعبى وتكتظ خزائن الشركات العالمية بالاموال على حساب الشعوب