فن
الفنانة دنيا عبدالعزيز ..تروى بداية انطلاقها مع المخرج الراحل سعيد مرزوق، الذى تدين له بالفضل، وتعتبره الأب الذى لم ينجبها،
حوار : موسي صبري
الفنانة دنيا عبدالعزيز ..تروى بداية انطلاقها مع المخرج الراحل سعيد مرزوق، الذى تدين له بالفضل، وتعتبره الأب الذى لم ينجبها، والمعلم الذى شكل وجدانها، وحفر بداخلها الثقة بالنفس والجدية والالتزام والحس الراقى، فهو الذى أسقاها كأس العشق الفنى، وأورثها الكبرياء والانضباط، علاقة قوية ربطت بين دنيا ومخرج الصورة العبقرى، حتى أنها لم تفارقه فى فترة مرضه، حتى رحيله… ولأول مرة تكشف دنيا أسرار " فيلسوف السينما" سعيد مرزوق ..
تقول الفنانة دنيا عبدالعزيز: فيلم الجراج هو" طاقة القدر" التى فتحت لى، استطعت من خلاله أن أخرج طاقتى الفنية، وحقق الفيلم الذى قامت ببطولته الفنانة القديرة نجلاء فتحى نجاحاً كبيرا ، كما حصلت على جائزة عن دورى فى الفيلم وبعده علمت برغبة المخرج الكبير سعيد مرزوق فى مقابلتى، وحينها لم أستطع تمالك نفسى، وشعرت بحالة من السعادة الغامرة التى لا يمكن وصفها.
اللقاء الأول
كانت البداية عندما رشحنى المخرج الكبير سعيد مرزوق، لتجسيد دور فتاة صغيرة فى فيلم " المرأة والساطور " بطولة الفنانة القديرة نبيلة عبيد، علمت وقتها أننى أمام اختبارصعب ولابد من اجتيازه بتفوق، فأنا أؤدى دورا أمام فنانة كبيرة، ومخرج متميز، وعلى الرغم من سنى الصغيرة وقتها، إلا أننى عاهدت نفسى أن أثبت للجميع استحقاقى لهذه الثقة التى وهبنى إياها المخرج سعيد مرزوق، وظللت أدرس شخصيته، وأراقب تصرفاته، وطريقته فى العمل، وتعلمت منه الجدية والإنضباط، فعلى المستوى الإنسانى كان يحمل بداخله مشاعر وأحاسيس نبيلة، وطيبة قلب ورقىا فى التعامل لم يختلف عليه أحد، وعلى المستوى المهنى فهو يتسم بالجدية والانضباط والحسم والحزم، والاحترام للمواعيد حرصاً على العمل، هذه المبادىء لم يتنازل عنها طيلة مشواره الفنى.
معهد السينما
وتضيف دنيا: أدين له بالفضل والعرفان بالجميل بعد الله فى دخولى معهد السينما، حيث إننى بعد أن انتهيت من تصوير فيلم «المرأة والساطور»، قررت الالتحاق بمعهد السينما، حتى أتعلم الإخراج، وأصقل موهبتى فى التمثيل، وذلك بعدما أسقانى مرزوق كأساً مليئاً بالعشق الفنى، جعلنى ازداد إصراراً على دراسة هذه المهنة الراقية، وتفوقت فى دراستى بالمعهد، وتخرجت بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، وحينها شعرت بأننى كنت عند حسن ظن أستاذى بى وأخبرته بنجاحى وتفوقى وهنأنى بطريقته الخاصة، فمنحنى شرف العمل معه للمرة الثانية من خلال فيلم «قصاقيص العشاق» أمام الفنانة القديرة نبيلة عبيد.
الأب والابنة
بدأت علاقى بأستاذى ومعلمى وأبى الروحى سعيد مرزوق تزداد يوماً بعد الأخر، وأطلق على وقتها "سعيد الصغير " وسعدت بهذا اللقب ، بالطبع مشاعرى تجاه هذا الرجل العظيم مشاعر بنت لأب لم ينجبها، أورثنى الكبرياء والثقة فى النفس والحس الفنى، كان مخرجاً له كاريزما بشكل هستيرى، وكلمة " مخرج" كما تعلمناها تنطبق بالحرف على سعيد مرزوق، واقتربت منه كثيراً ومن عائلته حتى أصبحت واحدة من أسرته الصغيرة.
غضب صبحى
وتقول دنيا: أثناء تصويرى لفيلم «قصاقيص العشاق» بالغردقة، طلب منى الفنان محمد صبحى المشاركة فى مسرحية «يوميات ونيس»، واعتذرت له عن ذلك نظرا لانشغالى الشديد بالفيلم، الأمر الذى أغضبه كثيرا، وظل الخلاف قائما لفترة طويلة، ولكن تصالحنا بعد ذلك، وأدركت وقتها أنى أطبق الجدية التى أصبحت جزءا لا يتجزأ من شخصيتى، تلك الجدية التى تعلمتها من المخرج العظيم سعيد مرزوق، وألجأ إليها فى مواقف كثيرة بشكل تلقائى، دون وعى أو تفكير.
الوعكة الصحية
كان المخرج الراحل حساسا بدرجة غير طبيعية، وأى شئ سلبى حوله يؤثر فيه، وكنت دائمة أقصد التحدث معه عن شخصيته وذكرياته ومغامراته الإخراجية، حتى أخرجه من الجو النفسى السيىء ، فكان يعتبرنى ابنته ويسعد برؤيتى، وظللت ملازمة له طوال فترة مرضه إلى أن توفاه الله، ومررت بلحظات صعبة، أتألم فيها لألمه، فكنت أذهب فيها إلى المستشفى الذى يرقد فيه من 12 ظهرا حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، وكل ذلك كان من منطلق محبتى وتقديرى وعرفانى بالجميل للمخرج الكبير، ولم أكن الوحيدة التى تقوم بالسؤال عنه، فكل من يعرفه يحبه، حتى بعض النجوم الكبار كانوا دائمى الاتصال به، ومنهم.. دلال عبد العزيز وإلهام شاهين ونبيلة عبيد وميرفت أمين، وأتذكر أنه بدأ فى صراعه مع المرض منذ 4 سنوات، فبذلت قصارى جهدى لإسعاده فى عيد ميلاده، فقمت بعمل فيلم تسجيلى مع أغلب الفنانين الذين شاركوا بأعمال من إخراجه، ووجه كل فنان منهم كلمة للمخرج العظيم مما اسعده كثيراً .
رحيل المخرج سعيد مرزوق
لحظة لا أستطيع وصفها، فهى من أصعب لحظات حياتى، إنها لحظة فراق الأب الروحى، والمعلم
والأستاذ الذى تعلمت منه كثيراً ويدور فى ذهنى مشهد فى جنازة الراحل حيث شارك فى الجنازة شاب يبلغ من العمر 28 سنة جالساً على كرسى متحرك، ولم يفارق المخرج الكبير حتى مثواه الأخير، رحل عن عالمنا ولكنه باق بأعماله المتميزة وحسه الفنى الراقى، وأسال الله أن يصبرنى ويصبر أهله ومحبيه على فراقه.