القناة القطرية تقود ضحيتها الي النحر وتنقلب عليها بعد ان تدافع في البداية

قطعا سوف تصطدم الرؤية التي اطرحها بشأن قناة الجزيرة القطرية وتتعارض مع غالبية الرأي العام المصري وربما العربي الذي يري ان القناة القطرية تنحاز قلبا وقالبا لجماعة الاخوان المسلمين في حين ان وجهة نظري المتواضعة والتي تحمل الخطأ بالطبع مفادها ان قناة الجزيرة تحفر قبر الجماعة التي أسسها حسن البنا قبل اكثر من 85 سنة وتقودها الي النحر .. ظاهريا يبدو الخلاف بين الرؤيتين واضحا ولكن جوهريا ليست هناك ثمة تعارض بين الطرحين .. الجزيرة بالفعل منحازة لجماعة الاخوان المسلمين في الوقت الراهن ولايحتاج ذلك الي اجتهاد او تمحيص خبير ولا يمكن نكران ذلك فالامر واضح للجميع.. ولكن الم تكن الجزيرة ايضا منحازة الي صدام حسين واسامة بن لادن وقيادات القاعدة وطالبان وبشار الاسد وحسن نصرالله وعمر البشير وتخلت عنهم بعد ان قامت بايهامهم انها جزء من منظومتهم الاعلامية ؟ وهذا يعني ان الانحياز الظاهر الان ربما يكون تكتيكيا ومؤقت حتي يتسني للقناة تنفيذ نفس الدور مع الجماعة وتقديمها علي طبق من فضة لمن يريد اصطيادها وتصفيتها بعد اختراقها.. ولكن لماذا تفعل الجزيرة ذلك ؟ وهل ثمة اتفاق بين دولة قطر صاحبة القناة وراعيتها وبين الصهيوامريكية كما يقولون ومخططات تقسيم المنطقة ؟ للاجابة علي تلك التساؤلات علينا ان نراجع المادة الاعلامية لقناة الجزيرة منذ انطلاقها حتي نعرف الحقيقة ونجمع الشواهد دون تجني فليست هناك ادلة دامغة والامر كله لايعدو كونه اجتهاد ومحاولة لاستقراء المشهد من زاوية اخري … ولنؤجل الحديث عن المخططات والمؤامرة الكونية والصهيو امريكية الي نهاية المقال ولنكتفي في السطور القادمة بسرد المواقف الاعلامية للقناة او للدقة المواقف السياسية .
بزغ نجم قناة الجزيرة وارتفعت نسبة مشاهدتها بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير برجي التجارة الامريكيين في عام 2001 بداية حكم جورج بوش الابن والتي اتهم بتنفيذها تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن .. بعدها هرعت الجزيرة الي تسجيل افلام وثائقية وقصص وحكايات عن الذين نفذوا العملية ونتذكر حينها جميعا ان الاعلامي المصري يسري فودة كان احد فرسان هذا المشهد واكتسبت القناة ثقة الجماهير العربية والاسلامية العريضة باجتهادها الاعلامي ودفاعها عن الاسلاميين والمجاهدين في افغانستان الذين وجهوا ضربة عنيفة لامريكا المتغطرسة كما اكتسبت القناة ثقة المجاهدين انفسهم حتي اصبحت هي المنبر الاعلامي الوحيد الذي يسجل معهم … كل هذا لايعيب الجزيرة ولكن تطور الامر حتي قادت الولايات المتحدة الامريكية تحالفا دوليا كبيرا بتفويض من الامم المتحدة لمواجهة الارهابيين القاطنين في جبال افغانستان وبينما كانت جيوش العالم تستعد وتحتشد كانت الجزيرة توهمنا بصعوبة موقف القوات الدولية التي لايمكنها مواجهة المجاهدين في جبال الافغان وظل الوضع هكذا حتي بدأت الحرب وفوجئنا بانهيار القاعدة وطالبان امام جيوش العالم وهذا امر طبيعي لكن الجزيرة كانت تري عكس ذلك قبل الحرب بعد ان صنعت اسطورة وهمية بل الاخطر من ذلك ان هناك اتهامات وجهت علي استحياء حينها للقناة بانها كانت جزء من اللعبة وانها دورها المخطط والمرسوم مخابراتيا في البنتاجون الامريكي كان يقضي بان تحظي بثقة المجاهدين وتنحاز اليهم وتصنع منهم كيانا قادر علي الحرب حتي يمكن للامريكان دخول افغانستان وفي ذات الوقت قيل ان القناة هي التي سهلت القبض علي قيادات القاعدة وفي مقدمتهم رمزي الشيبة وخالد شيخ محمد وغيرهم من المعتقلين في سجون امريكا بجوانتانمو او سجن خليج الخنازير وان القناة كانت تذهب للتسجيل مع تلك القيادات التي حظيت بثقتها وتبلغ الامريكان باماكن الاختباء .
انتهت قضية افغانستان ولم ينتهي المخطط وتراجع التركيز الاعلامي للجزيرة علي افغانستان باستثناء الحديث عن التعذيب في السجون الامريكية وقضايا من هذا القبيل وتسجيلات تصدر بين الحين والاخر وتحمل تهديدات للغرب واوربا ولكنها تهديدات ظلت مجرد طق حنك حتي وان نجحت عملية هنا او هناك .
سريعا انتقلت القناة القطرية الي ملف اخر وبلد اخر انها العراق بوابة العالم العربي الشرقية وفي الوقت الذي كانت تختلق الادراة الامريكية برئاسة بوش الابن ايضا الاكاذيب حول اسلحة الدمار الشامل في العراق وخطورة نظام صدام علي العالم وارتباطه بالارهابيين لاقناع رافضي توجيه ضربة عسكرية للعراق كانت الجزيرة تروج لقوة صدام وان الحرب لن تكون نزهة امريكية وركزت علي المظاهرات التي تجوب العالم واوهمتنا بامكانية ان تحول تلك المظاهرات دون توجيه ضربة عسكرية للعراق وقطعت الطريق علي مبادرات تدعو صدام الي التخلي عن السلطة كما ركزت علي صغائر الامور مثل الرفض التركي لغزو العراق من خلال القاعدة الامريكية في تركيا وتجاهلت في الوقت ذاته ان المجال الجوي التركي كان مفتوحا لضرب العراق وهو ماحدث بالفعل وتجاهلت ايضا ان الطائرا التي كانت تقصف عاصمة الرشيد كانت تنطلق من قاعدتي العيديد والسيلية في قطر التي تحتضن القناة .. الاتهام الاخطر الذي تم توجيهه للقناة القطرية جاء علي لسان احد القيادات الوسطي في الجيش العراقي حيث قال ان الجزيرة ظلت تساند صدام والعراق وتتحدث عن بطولات الجيش العراقي حتي حظيت بثقة الجميع بما فيهم جنود الجيش حتي جاءت اللحظة الفارقة قبل سقوط بغداد بيومين وتحديدا ليلة الثامن من ابريل حين اذاعت القناة خبر عاجل عن سقوط بغداد ويقول القائد العراقي اننا حينها كنا علي خط النار ونسيطر علي المشهد ولكن خبر كهذا اثار اندهاشنا علي مستوي القيادات ولكنه ادي الي انسحاب الجنود وخلع ملابس الجيش وترك السلاح فقد صدقوا الجزيرة لانها تتحدث عن بطولات العراقيين طيلة المعركة فكيف تكذب عليهم حتي انكشفت خطوط الدفاع وسقطت بغداد فعليا بعدها باقل من 48 ساعة ولعل هذا يفسر سهولة دخول الامريكان الي بغداد رغم ان قري صغيرة عراقية لم يستطيع الامريكان دخولها في بداية الحرب لمدة تزيد عن اسبوع في الجنوب مثل ام قصر علي سبيل المثال ولكنها كانت الخديعة الكبري التي تورطت فيها الجزيرة حسب شهادة القائد العراقي .
استمرت الجزيرة تلعب علي جميع الاطراف والتناقضات حتي تحقق الهدف ثم تنسحب في هدوء ..ذهبت الي السودان فجرت جميع الملفات في الجنوب والغرب وحتي داخل الحزب الحاكم وفي الوقت الذي كانت تسعي فيه القاهرة الي حلحلة الامور وتنصح الرئيس السوداني عمر البشير بالتفاهم مع الاطراف وعدم المضي قدما في الحرب كانت الجزيرة تشعل الموقف وتفشل مساعي مصر بل وتتهمها بالتقصير في الملف السوداني بينما تتجاهل تماما ان البشير المنتمي الي جماعة الاخوان المسلمين هو المسئول عما يحدث في دولته .. وخلف الكواليس كانت قطر تدعو قيادات قبائل الفور في الغرب الي الدوحة كما تحتضن قيادات الجنوب وتدفع لهم حتي تحقق الهدف في النهاية وتم تقسيم السودان قبل الربيع العربي باسبوع ولايزال بشير السودان الاخواني جالسا علي كرسي الحكم دون خجل بعد ان اضاع وطنه وذهب الي التقسيم صاغرا ذليلا وبعدها انسحبت الجزيرة من المشهد وكأن هذا ماكانت تريده واختفت مؤتمرات الدوحة وكأن مشاكل السودان قد انتهت بالتقسيم ولم نسمع كلمة ادانة واحدة من جماعة الاخوان للرئيس الفاشل الذي شطر السودان الي سودانيين .
قبل سنوات من رحيل ياسر عرفات كانت الجزيرة تهاجم الرجل بكل ضراوة وتتهمه بالانبطاح والانصياع وماشابه ولكن بعد رحيله فوجئنا بنفس القناة تتحدث عن بطولاته وصموده نكاية في محمود عباس ابو مازن وحتي تخدم اهداف حماس التي لم تقدم شيئا للقضية الفلسطينية منذ وصولها الي الحكم ثم الانقلاب سوي تمزيق فلسطين الي غزة والضفة علي نفس طريقة السودان وبنفس حكومة الاخوان التي يمثلها في فلسطين صناديد حماس الذين كانوا يرتبطون وربما لايزالوا يرتبطون بملالي ايران وحزب الله اللبناني ونظام بشار الاسد قبل ان تحدث القطيعة ..هنا عبثت القناة كثيرا بداية من حرب غزة وهجوم حسن نصر الله علي الجيش المصري بل ومطالبته الجنود بالانقلاب ..لقد صنعت الجزيرة من حسن نصر الله بطلا عظيما وكان امير قطر يذهب برفقة احمدي نجاد الرئيس الايراني السابق الي لبنان ومعهم بشار الاسد وكانت تدفع قطر لمساندة حزب الله ماليا كما تسانده اعلاميا عبر جزيرتها الاعلامية قبل ان تنقلب عليه وبقية محور الممانعة بقيادة بشار الاسد بل ان الجزيرة كانت تهاجم مصر عندما كانت تشكك في نوايا بشار ونصرالله ..اليوم تقف الجزيرة في موقف متناقض فهي تتهم بشار ونصرالله بالارهاب بعد ان كانت تشير اليهما باعتبارهما رموز المقاومة والصمود ..الارشيف لايكذب وحلقات الجزيرة موجودة .. قارنوا بين موقفها عندما كانت تعتبر الاسد من ابطال المقاومة وبين موقفها وهي تقوده الي الذبح كما فعلت مع سابقيه من ابطالها الوهميين .. فعلت ذلك ايضا في اليمن عندما شن الحوثيون المدعومون ايرانيا حربا ضد النظام اليمني السابق وفعلت ذلك ايضا في موريتانيا وفي الصومال وفي تونس وليبيا عندما كانت تبرر تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا حتي اضاعت نضال عمر المختار ..ظلن الجزيرة هكذا ولاتزال تؤجج الخلافات وتفجر المشاكل حتي اذا دخل الامريكان تنسحب في هدوء وكأن المشاكل قد انتهت بدخولهم وتدنيسهم لبلدان العرب التي يفترض ان جزيرة قطر تدافع عنها .
ربما يري البعض تجنيا فيما كتبت ضد الجزيرة وان هذا محض افتراء وتربص ولهم الحق في ذلك ويمكنهم عدم اخذ تلك السطور المكتوبة في الاعتبار وقد يري اخرون ان تلك السطور جديرة بالمتابعة والتحليل واعمال العقل فيما حدث طيلة السنوات السابقة ..استكمل مع هؤلاء بقية المقال لأجيب عن السؤالين الثاني والثالث وكنت قد طرحتهما في بداية المقال .. لماذا تفعل الجزيرة ذلك ؟ وهل ثمة ارتباط بين حكام قطر وبين الصهيوامريكية ؟ حتي نجيب علي ذلك علينا ان نعود بالتاريخ الي الوراء قليلا ولعلنا نعلم جميعا ويقينا حقيقة مخططات القوي الاستعمارية للمنطقة وتقسيمها حتي يسهل علي اسرائيل التحكم في الشرق الاوسط وحتي تتمكن امريكا من السيطرة علي العالم طيلة القرن الـ 21 وقد سبق ذلك تمهيدات عديدة وحروب هنا وهناك روج لها الاعلام الغربي لصالح مزيد من السيطرة للشركات العالمية الخاضعة المملوكة في اغلبها ليهود يدعمون اسرائيل وفي المقدمة منها شركات السلاح والبترول والادوية والميديا العالمية حتي ان ميزانية شركة واحدة من تلك الشركات تعادل ميزانيات الدول العربية بل ان قائمة اقوي 100 اقتصاد علي مستوي العالم تضم 52 شركة و48 دولة اي ان الشركات في القائمة الكبري اكثر من الدول .. نعلم ايضا ان اتفاقيات التجارة العالمية تتيح لتلك الشركات السيطرة علي مقدرات وثروات الشعوب وان هذا الامر كان ضروريا من وجهة نظر اليهود حتي يستطيعوا السيطرة علي العالم بالمال حيث ان عددهم المحدود قد يحول دون تحقيق ذلك لذا كان سعيهم الي ترسيخ حكم الدولار.
كان لابد من التخلص من الاتحاد السوفيتي وتفكيكه من خلال استخدام المجاهدين في افغانستان ولانلوم المجاهدين في جهادهم ضد الاتحاد السوفيتي ولكن نلومهم انهم كانوا اداة في يد الغرب وتحديدا المخابرات الامريكية التي صنعتهم واخترقتهم وصارت تحركهم هنا وهناك وتتجسس عليهم حتي اصبحت تطاردهم ظاهريا لاحتلال الشعوب بينما هي التي تحركهم دون ان يشعروا او ربما تكون بعض القيادات الجهادية متورطة في المخطط .. عمليا اصبح الاسلاميين اداة امريكا في العالم لتنفيذ المخطط حتي وان كانت اهدافهم هي الجهاد .. ولكن امريكا هنا كانت تريد اداة اعلامية تساعد هي الاخري في تنفيذ المخطط بعيدا عن وسائل الاعلام الغربية التي سوف يتوجس منها العرب كما تريد دولة تلعب دورا في تنفيذ المخطط بوضاعة ودون خجل ..هنا كان امير قطر السابق الامير حمد قد انقلب علي والده وحبسه واصبح ممقوتا بين اقرانه حكام العرب لانقلابه علي والده فكان يحتاج الي حماية فالتقط الموساد الاسرائيلي الخيط ووفرت امريكا الحماية للامير المنقلب علي والده حتي تستخدمه في تنفيذ المخطط ولعل هذا يفسر هرولة قطر الي فتح مكتب تمثيل لاسرائيل في قطر كما يفسر دخول قطر علي خط النار ويبرر مواقفها المتغيرة بين عشية وضحاها .. انها مجرد اداة تتحرك وتدافع عن هذا حتي تستدرجه الي مصيره المحتوم .. وبدأت الجزيرة تظهر علي الساحة وبدأت قطر تدخل في شراكات مع كيانات اقتصادية يسيطر عليها اليهود وبهذا صارت امريكا تحرك الجميع ولا استثني منهم بالطبع بقية الحكام الذين لم يفطنوا من الاساس الي خطورة المشهد ولم يقتربوا من شعوبهم ويحققوا مصالح الشعوب حتي يفوتوا الفرصة علي تلك المخططات المشبوهة التي تستهدف في النهاية السيطرة علي العالم بشكل كامل وعلي القدس والوصول الي مرحلة وضع الكعبة المشرفة تحت الحماية الدولية وقد المح اردوغان الي ذلك قبل 3 سنوات حين قال ينبغي ان تكون هناك قوات من البلدان الاسلامية تنظم العمل في الاراضي المقدسة وألا تكون الامور مقصورة علي قوات الحرس الوطني السعودي ..في النهاية امريكا تحرك الاسلاميين المخترقين اساسا من المخابرات المركزية الامريكية الي القيام بفعل معين ثم تلاحقهم والجزيرة تنحاز الي الاسلاميين حتي تجذبهم اليها وحتي توهمنا بقدرتهم علي المواجهة والنصر وعند ساعة الصفر تضرب الجزيرة ضربتها وترسل رسالتها التي تقودنا في النهاية اما الي احتلال كما حدث في افغانستان والعراق او تقسيم كما حدث في السودان ويحدث في فلسطين او قلاقل وخلافات وشقاق وحروب اهلية كما يحدث في بقية العالم الاسلامي .. لهذا قلت في بداية مقالي ان الجزيرة ليست منحازة للاخوان جوهريا ولكنها منحازة ظاهريا كما فعلت مع صدام وبن لادن وبشار ونصرالله وغيرهم ..انها تقود ضحيتها الي المذبح بعد ان توهم الضحية بالقدرة علي النصر .. في هذه اللحظة ورغم انحيازالجزيرة الظاهرامام الجميع لجماعة الاخوان المسلمين فان اغلب المحاكمات التي تتم لقيادات الجماعة تستند بالاساس الي فيديوهات وتسجيلا لتلك القيادات تحرض فيها علي القتل .. ربما يكون المقال كما سبق واشرت محض تكهنات دون ادلة دامغة وربما يكون مجرد اجتهاد يحاول ربط الاحداث ولكن تلك هي رؤيتي وقناعتي التي ان ثبت عدم صحتها ولو بعد سنوات فاني لا اخجل اطلاقا من الاعتراف بالخطأ .
الي اللقاء وأسف للاطالة