الكاتب الصحفى مؤنس زهيرى :
قبل حوالي عشرين عاما كانت لا توجد في مصر الا بضعة اصدارات من الصحف لا يتعدي عددها اصابع اليدين تقريبا او تزيد قليلا .. و مع زيادة اعداد قراء تلك الصحف واضطراد النمو الفكري لهم و زيادة سعة اطلاعهم بالاضافة الي شغفهم بالحصول علي معلومات اكبر عن الكثير من الموضوعات التي تهمهم بطريقة اكثر تخصصية ، نشأت فكرة الاصدارات المتخصصة و هي التي يغطي كل منها قطاعا معينا من قطاعات جمهور القراء بحيث يمدهم الاصدار المتخصص بكل المعلومات التي يجب ان تتوفر لديهم و يساعدهم علي الالمام بكل الجديد من الخبر المحلي و العربي و العالمي ..
كيف نشأت الاصدارات المتخصصة ..
اي اصدار متخصص كان في الاصل جزءاً يسيراً من الصحيفة "الام" التي تصدر عن المؤسسة الصحفية تحمل اسمها الرئيسي .. كمثل جريدة الاهرام من مؤسسة الاهرام و جريدة اخبار اليوم من مؤسسة اخبار اليوم و جريدة الجمهورية من مؤسسة دار التحرير ..
أهمية الاصدارات المتخصصة ..
الاصدار المتخصص يقدم المعلومات بطريقة اكثر تفصيلا و اتساعا و مناقشة و تغطية و يستعرض اراء المتخصصين من علماء مجال الاصدار ليزيد من سعة علم القراء الذين يخدمهم بما يدور حولهم .. هو له دور تثقيفي عظيم لا يمكن اغفاله او التغاضي عنه .. كما ان للاصدار المتخصص اهمية كبري في تشغيل "مدن الطباعة" التي تضم ماكينات الطباعة العملاقة من كل الانواع و الاحجام والتي حرصت كل مؤسسات الصحافة القومية علي اقامتها فترة العشرين عاما الاخيرة ..
نوعيات الاصدارات المتخصصة ..
كل اصدار متخصص يصدر ليغطي قطاعا بعينة من جمهور القراء ، الاصدار الرياضي لجمهور عشاق الرياضة ، الاصدار الادبي لجمهور محبي الادب ، الاصدار الفني لجمهور محبي الفنون بكافة اشكالها ، الاصدار التقني الذي يهتم بعرض الجديد في عالم الكمبيوتر و شبكة الانترنت و الهواتف النقالة لجمهور مهتم بتلك النوعية من الاخبار ، اصدار الاطفال لجمهور الاطفال و الناشئين .. و هكذا يجد كل قطاع من قطاعات القراء ما ينمي فكره و يزيد معلومات و يثري ثقافته من خلال ذلك الاصدار المتخصص ..
الصحفيون في الاصدارات المتخصصة ..
الصحفيون العاملون في الاصدارات المتخصصة هم علي اعلي درجات الكفاءة المهنية في الصحافة حيث تفرغ كل منهم في التغطية المهنية لتخصصه ، و بالتالي فهوعلي دراية كاملة بكل الاحداث و اصحابها و المنتمون اليها و العاملون في مجالها ، و لذا فدائما ما يجد القارئ ضالته عند ذلك الصحفي في الاصدار ليقرأ المعلومة الموثقة الصحيحة في الاصدار الذي يعمل به ..
موقف الاعلانات في الاصدارات المتخصصة ..
كان من "المفترض" ان يصاحب نشأة الاصدار المتخصص و ما يضمه من صحفيين متخصصين عاملون فيه ، ان يكون هناك ايضا مندوب اعلان متخصص في جلب اعلانات من مراكز الانشطة العاملة في مجال تخصص الاصدار .. كمثال الاعلان عن مراكز الانشطة الرياضية و محال بيع ادوات الالعاب و مراكز الشباب و النوادي كان يجب ان توجد علي صفحات الاصدار المتخصص في تغطية الجانب الرياضي و هكذا لباقي الاصدارات المتخصصة ، لكن للحقيقة فان هذا الامر غالبا لا يحدث..
مشكلة الاصدارات المتخصصة ..
هي مشكلة ادارية في المقام الاول ، اذ يتم تحميل الاصدار بمصاريف لم يقم بصرفها فعليا علي الاصدار نفسه ، لكنها "نصيبه" من مصاريف المؤسسة الصحفية الاجمالية ، و اتخذت الادارة من الاصدار المتخصص وعاءاً محاسبيا تلقي فيه بمصروف هو منها براء .. و من هنا تأتي الخسائر المزعومة للاصدار و عليه يتم اتخاذ القرار المعيب باغلاقه لخسارته المالية ، تلك الخسائر التي تحققت من مصاريف هو لا يعلم عنها شيئا من قريب او من بعيد !!
كيف حلوها .. و كيف نحلها ..
اغلاق الاصدار للتخلص من خسائره .. ذلك هو الحل "الاعمي" الذي غالبا ما تتخذه ادارة الجهل الصحفي في مؤسسات الصحافة القومية دون النظر الي تداعياته المؤسفة علي سمعة و تاريخ المؤسسة العريقة صاحبة الاصدار المتخصص بل و علي جمهور القراء انفسهم ..
اما الحل الذي "عميت" عنه اعين ادارة الجهل هو الاسراع بتطوير الاصدار المتخصص في الشكل و المضمون ليواكب تطور فكر القارئ المتجدد الذي يمكنه الان الاطلاع علي اي جديد في اي مكان في العالم من خلال قطعة الحديد في يده و المسماة بالـ "الهاتف النقال" ، بالاضافة الي عتق الاصدار من مصاريف جزافية تم تحميلها عليه هو لم يصرفها من الاساس و ابتكار خطة توزيعية و اعلانية جديدة تنتشله من سلاسل الادارة التي تكبل بها دون ذنب ..
اغلاق اصدار صحفي هو جريمة في حق المؤسسة الصحفية القومية يمس سمعتها و تاريخها ..