أخبار وتقارير
انطلقت اليوم الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي والتي ستجري في أكثر من 7000 مكتب تصويت موزعين في فرنسا وفي
كتب: حسام خليل
انطلقت اليوم الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي والتي ستجري في أكثر من 7000 مكتب تصويت موزعين في فرنسا وفي أقاليم ما وراء البحار. فيما تبقى نسبة المشاركة مجهولة.
سبعة مرشحين، معظمهم كانوا وزراء سابقين في حكومتي جان مارك إيرولت ومانويل فالس، سيتنافسون اليوم الأحد من أجل التأهل للدورة الثانية المقررة الأحد 29 يناير .
وتشير بعض التقديرات إلى احتلال مانويل فالس رئيس الحكومة السابق المرتبة الأولى في الجولة الأولى أمام كل من بنوا هامون وأرنو مونتبور اللذين يتصارعان على المرتبة الثانية.
أما المرشحون الأخرون، فمن المتوقع أن يحتل فانسان بيون المرتبة الرابعة رغم حملة انتخابية ناجحة عموما. لكن تأخره في دخول المعركة الانتخابية جعله يفقد وقتا ثمينا منعه من شرح أوفر وأدق لاقتراحاته وبرنامجه الانتخابي.
أكثر من 7000 مكتب تصويت تم تجهيزها في فرنسا وما وراء البحار لإنجاح العملية الانتخابية. فيما يأمل الحزب الاشتراكي استقطاب مليوني ناخب على الأقل بهدف إعطاء صبغة ديمقراطية وشعبية لهذا الموعد الانتخابي.
وللتذكير استقطبت الانتخابات التمهيدية التي نظمها اليمين والوسط في شهر نوفمبر الماضي أكثر من 4 ملايين ناخب من جميع التيارات السياسية.
وحاول كل مرشح خلال حملة انتخابية خاطفة (لم تدم أكثر من شهر) إقناع الفرنسيين بأنه الأجدر بتمثيل اليسار في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل ومايو 2017.
مانويل فالس الذي دخل المعركة متأخرا رمى بكل ثقله في الحملة، ودافع من أجل أن يكون اليسار حاضرا في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، داعيا إلى عدم التشتت وإلى الوحدة، ومستذكرا دائما السيناريو "الأليم" الذي عاشه الحزب الاشتراكي في 2002 عندما أقصي مرشحه ليونيل جوسبان من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية من طرف جان ماري لوبان وجاك شيراك.
للمزيد، السباق إلى الإليزيه.. مرشحو اليسار الفرنسي يكشفون عن برامجهم الانتخابية
اقتصاديا وسياسيا، واجه فالس صعوبات جمة لتمرير رسائله وخطاباته بسبب السياسة التي اتبعها عندما كان رئيسا للحكومة. وترك استخدام المادة 3/49، التي سمحت للحكومة بتمرير قوانين وصفت بـ"الصعبة" (مثل قانون العمل وقانون مثلي الجنس وقانون ماكرون الاقتصادي …) دون مصادقة من طرف البرلمان، آثارا سلبية لدى الفرنسيين جميعا ومناضلي اليسار على وجه الخصوص. ورغم اعتراف فالس بأنه أرغم على استخدام هذا القانون، إلا أنه لا يزال يدفع عواقبه.
من ناحيته، استطاع بنوا هامون أن يفرض مواضيع جديدة للنقاش، كمسألة تشريع تناول القنب الهندي في فرنسا ومنح راتب عام أدنى لجميع الفرنسيين، إضافة إلى المرور إلى الجمهورية السادسة وتقليص ساعات العمل إلى 32 ساعة ومواضيع أخرى لم يتعود اليسار على مناقشتها في السابق.
ونجح هامون في جلب الأضواء الإعلامية إليه لدرجة أنه تعرض إلى انتقادات لاذعة من طرف المرشحين الأخرين، عدا جان لوك بنامياس الذي شاركه معظم المواقف.
للمزيد، إيمانويل ماكرون يرفض المشاركة في الانتخابات التمهيدية لليسار
وتحولت المناظرة التلفزيونية الثالثة التي جرت الخميس الماضي إلى حصة لانتقاد جميع أفكار بنوا هامون الذي تعرض إلى "نيران" منافسيه، خاصة مانويل فالس وأرنو مونتبور اللذين يريان فيه المنافس الأبرز.
وزير الاقتصاد السابق أرنو مونتبور (2012-2014) دافع من أجل "جمهورية جديدة" ترتكز على أسس ديمقراطية حديثة مثل الاستفتاءات الشعبية وتقليص عدد النواب وتحديد العهدة الانتخابية إلى سبع سنوات فقط دون التجديد، فضلا عن إلغاء قانون 3/49.
التشتت بإمكانه أن يقود إلى انهيار اليسار
على المستوى الاقتصادي، اقترح مونتبور تخصيص 20 مليار يورو من أجل إعطاء دفع جديد للاقتصاد الفرنسي، وتخصيص 80 بالمئة من المشاريع للشركات الفرنسية فقط، إضافة إلى إمكانية تأمين المؤسسات المالية والبنوك إذا اقتضى الأمر.
أمام المرشحون المتبقون مثل سيلفيا بينيل وجاك لوك بنامياس وفرانسوا دو روجي فقد دافعوا عن أفكارهم بحماس رغم أنهم يدركون بأنهم لا يملكون حظوظا كبيرة للتأهل للدورة الثانية. لكن مشاركتهم غذت النقاش وأظهرت إلى أي مرشح يميلون.
وإلى ذلك، يتساءل متتبعو السياسة الفرنسية هل سينجح اليسار في تنظيم انتخابات تمهيدية نظيفة؟ وهل سيستقطب عددا أكبر من الناخبين مثلما قام به اليمين والوسط؟ لكن الانقسامات التي وقعت داخل الحزب الاشتراكي، وتأخر الرئيس هولاند في الإعلان عن عدم ترشحه لعهدة ثانية أربكا الحزب الاشتراكي الذي لم يتوقع مثل هذا القرار من طرف الرئيس.
وإضافة إلى هذا، يشكل ترشح إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد السابق في الحكومة الاشتراكية بشكل حر ومنفرد، ورفضه المرور عبر خانة الانتخابات التمهيدية مثل باقي المرشحين السبعة، خطرا على حظوظ اليسار في التأهل إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية أمام فرانسوا فيون ومارين لوبان. فإذا كان الضغط يولد الانفجار، فالتشتت يمكن أن يقود إلى انهيار اليسار كليا.
وكان حدد الحزب الاشتراكي الفرنسي تاريخ 22 و29 يناير 2017 كموعد لتنظيم الانتخابات التمهيدية في معسكر اليسار أو ما أطلق عليه "التحالف الشعبي الجميل".
ويضم هذا التحالف عدة أحزاب سياسية، هي الحزب الاشتراكي، حزب اتحاد الديمقراطيين والبيئيين، حزب "جيل البيئة" إضافة إلى حزب الجبهة الديمقراطية وحزب البيئة والحزب الراديكالي اليساري. أعلنت اللجنة العليا لتنظيم ومراقبة الانتخابات في 17 ديسمبر 2016 عن أسماء المرشحين السبعة الذين سيشاركون رسميا في الانتخابات التمهيدية. وهم مانويل فالس، أرنو مونتبور، بنوا هامون، فرانسوا دو روجي، جان لوك بنامياس، وفانسان بيون، بالإضافة إلى سيلفيا بينال وهي المرأة الوحيدة المشاركة.
أما فيما يتعلق بشروط المشاركة، فهي نفسها التي اعتمدت خلال الانتخابات التمهيدية في العام 2011. وتتمثل في جمع إما 5 بالمئة من توقيعات البرلمانيين من قبل المرشح أو أن يحصل على الدعم من قبل 5 بالمئة من رؤساء بلديات يتجاوز عدد سكانها 10 آلاف شخص أو 5 بالمئة من أصوات أعضاء المجلس الوطني للحزب الاشتراكي أو 5 بالمئة من أصوات المنتخبين في المجالس المحلية والجهوية.
ولضمان حسن سير العملية الانتخابية، وعد الحزب الاشتراكي بتخصيص حوالي 8000 مكتب تصويت في فرنسا وفي أقاليم ما وراء البحار، فيما بدأت الحملة الانتخابية في 17 ديسمبر 2016 وتستمر 5 أسابيع. كل مرشح استفاد من مبلغ 50 ألف يورو كدعم مالي لتسديد جزء من نفقات الحملة الانتخابية. هذا، وقد تم تحديد عدة شروط للتصويت أبرزها أن يكون الناخب فرنسي الجنسية وعمره 18 سنة على الأقل قبل 23 أبريل 2017، إضافة إلى دفع يورو واحد في كل دورة والتوقيع على نص يتعهد فيه باحترام قيم اليسار والبيئة. وبإمكان الأجانب المقيمين بشكل شرعي في فرنسا المشاركة في التصويت شرط أن يكونوا منخرطين في أحد الأحزاب المشاركة بالانتخابات التمهيدية.