كتب : محمود درويش
اهتمام عربي واسع علي المستويين الشعبي والرسمي بالانتخابات الرئاسية في امريكا حد تجييش وتطوع بعض المسئولين الفضائيات المحسوبة علي انظمة عربية في الانحياز الي هيلاري كلينتون او دونالد ترامب وتواترت التسريبات عن اموال وتبرعات من انظمة بعينها لحملة احد المرشحين ، قطعا الانظمة تسعي الي مصالحها وتبحث عن مساندة من القوة العظمي في العالم ويبدو ان الشعوب العربية مهتمة بهذه الانتخابات في محاولة منها لممارسة الديمقراطية المفقودة في بلدانها او المحفوفة بالمخاطر او ديمقراطية السلاح واسكات الاخر .. ولكن في كل الاحوال يعلم الجميع شعوبا وحكاما ان السياسة الامريكية لا تتغير بقدوم هذا المرشح او رحيل ذاك لكنها عادتنا نحن العرب نحاول خداع انفسنا والبحث عن شماعات دائمة بينما الاسهل والافضل لنا جميعا شعوبا وحكاما ان نمارس الديمقراطية داخليا ونفوت الفرصة علي الجميع وعندها لن نكون في حاجة الي هذا الحليف او ذاك إلا في حدود المصلحة الوطنية ، فالعلاقات بين الدول تقوم علي المصالح وليس الامنيات والشعارات .
لا يزال العرب موهمين فى تحقيق الدميقراطية الغائبة عنهم فى الانتخابات الامركية القادمة و دائما يحاولون البحث عن افاق جديده و مصالح عامه تربط كل دولة فى الشرق الاوسط مع المرشح المحتمل لفوزه برئاسة الولايات المتحدة الامركية خلفا لاوباما الرئيس الحالى و الذي يقضى اخر ايام فى البيت الابيض و يتنازع على الحكم كلا من المرشح من الحزب الجمهورى دونالد ترامب و المرشحة من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون .
الغريب ان العرب يختلفون مع بعضهم على المرشحين ففريق يري ان ترامب حال فوزه يفيدهم و يخدم مصالحهم بكون الولايات المتحده الامريكية هي اكبر دوله فى العالم و لها تاثير قوى فى تشكيل المنطقه بعد ثورات الربيع العربي من حيث السياسة و الاقتصاد و هى المتحكمة فى العالم و فريق اخر يرى ان حال فوز كلينتون ستكون الافاده اكبر لتخدم مصالحهم تجاه الفريق الاخر و لكن فى الحقيقه نعي ان السياسة الامريكية و الاداره الامريكية واحده لن تتغير فى حال فوز احد المرشحين اذا كان ترامب او كلينتون فكلاهما وجهان لعملة واحد فالسياسة الامريكية لن تتغير منذ قدومها و حتى الان فمهما اختلف اسم الرئيس الحاكم فالسياسة واحدة و التوجه الامريكى موجود و لا يزال قائما منذ جورج واشنطون و حتى الان فى عصر اوباما و ما بعد ذلك .
الادارات الامريكية المتعاقبة، هي فعلياً مجموعة موظفين يتم تعيينهم مع كل ادارة جديدة حسب التخصص بين مكونات المجمع الرأسمالي الصناعي، العسكري والمدني. فلكل مراكز القوى ممثليهم في الادارة، وكبير هؤلاء الموظفين هو الرئيس الامريكي المنتخب حسب توافق اصحاب القرار ومن ثم يتم تعيين الوزراء السياديين وما دون.
الانظمة العربية تتعامل مع الموظفين في التركيبة الامريكية للحكم وليس مع اصحاب القرار. سياسة امريكا الخارجية لن تتغير تجاه العرب ايجابياً ما دام التعامل ليس مباشراً مع اصحاب القرار التي تكتظ فيها الاسواق العربية بمنتوجاتهم وبتمويل صفقات سلاحهم.
لن نعول على هذه الانظمة ان يشتد فيها عظم الظهر وتملك قرارها، فهي تعتمد في بقائها على الرضى الامريكي ولن يحدث التغيير إلا بتغيير حقيقي وشامل من الداخل يمنع استباحة ثروات واراضي الامة العربية من الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، وعندها ستصبح معادلة المصالح معادلة صالحة للتعامل، وسيسارع اصحاب القرار في الغرب لإحترام خيارات العرب.
التدخل الامريكي المباشر في المنطقة مرة اخرى تأثر بعوامل كثيرة منها وكما قلنا دخول اطراف دولية جديدة ( روسيا) في معادلات المنطقة , والتقارب بينها وبين ايران عقب التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني , اضافة الى التغيرات التي طرأت على العلاقة بين امريكا والسعودية في التباين الواضح في وجهات النظر بين الطرفين حول ما يجري في سوريا ومصر، وقد تكون هي البداية في تغيير الولايات المتحدة حلفائها في المنطقة, واستبدالها بتحالفات جديدة بعد ان اصبحت توجهات الحلفاء القدامى تتقاطع مع استراتيجيات امريكا في الشرق الاوسط
السياسية الامريكيه واضحه المعالم فى المنطقه العربية فهي لا تتغير و يسعي كل مرشح الى تحقيق هذه الاهداف و تتلخص فى الحفاظ على مكانتها في المنطقة كقوى عظمى و,تأمين مصادر الطاقة والمحافظة على النفط و ضمان علاقاتها الاقتصادية و تأمين ديمومة بيع الاسلحة مع ضمان امن وسلامة دولة اسرائيل والحفاظ على تحالفاتها في المنطقة ومحاربة امتلاك السلاح النووي , ومحاولة – قطع الطريق امام اي قوة منافسة تهدد نفوذها في المنطقة حتى وان اضطرت لتحقيق ذلك اللجوء الى الحل العسكري .
وتعد استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية من الاستراتيجيات المرنة القادرة على التغيير والتعديل عند الحاجة , ولها امكانيات عالمية من حيث القوة العسكرية والخطط الاستباقية , وهي اليوم تتزعم العالم بقدراتها الكثيرة والكبيرة , الذي جعلها تتصدر كل الميادين من باب الدفاع والحفاظ على امنها القومي و العمل على نقل القيم الحضارية الى الدول المتأخرة . ولكن الاحداث الفوضاوية بعد تغيير النظام في العراق وما جرى بعدها في اغلب دول الشرق الاوسط مؤشراً سلبياً