أخبار

بعد 12 يوماً من الحرب.. إلى أيّ مدى تضرّر الاقتصاد الإيراني؟

قال خبراء اقتصاديون، إنّ الحرب مع إسرائيل وجّهت ضربة جديدة للاقتصاد الإيراني، الذي يرزح أصلاً تحت وطأة العقوبات الأمريكية والأوروبية، وذلك على الرغم من مرونة هذا الاقتصاد الذي قاوم تلك العقوبات نحو 40 عاماً.

وأشار هؤلاء إلى أنّ الضربات الإسرائيلية، خلال 12 يوماً، شكّلت تهديداً حقيقياً لعصب الحياة في إيران عبر استهداف الموارد النفطية الحيوية، في وقت تُعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية واضطرابات مالية.

هل يُمكن الصمود؟

يقول الكاتب الصحافي والمحلل الاقتصادي في “لو فيغارو”، إنغويراند أرمانيه، إنّه من الصعب الجزم فوراً بمدى قُدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود، فالأوضاع في طهران بدأت تهدأ للتو، بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ قبل يومين. فقد تضررت العديد من مواقع إنتاج النفط وخطوط الأنابيب والمصافي ومحطات التصدير بشدّة، مما عرّض المورد المالي الرئيسي لإيران للخطر.

وتقول سارة بازوبندي، الباحثة في معهد كيل للأمن وفي المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA): “تُمثّل هذه الأصول عقوداً من الاستثمار، إنّها أساس بقاء البلاد الاقتصادي”.

ولم يكن الاقتصاد الإيراني، الذي يُعاني أصلاً من وضعٍ مُتردٍّ، بحاجة إلى ذلك. فقد انهارت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام إلى 0.3%، وهي نسبة بعيدة جداً عن نسبة 3.5% المُسجّلة العام الماضي، وفقاً لصندوق النقد الدولي. ومن المُتوقّع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي من 401 مليار دولار في عام 2024، إلى 341 مليار دولار في 2025، بسبب الانخفاض الحاد في قيمة الريال، وفقاً لشركة كوفاس للتأمين الائتماني.

ومن جهته، يقول ميشيل ماكينسكي، الرئيس التنفيذي لشركة أجيروميس إنترناشونال، الاستشارية المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط: “ينبغي التعامل مع البيانات الرسمية الصادرة عن السلطات بحذر”. ففي حين أن أرقام وزارة الاقتصاد الإيرانية مُتفائلة، إلا أنّ “حوالي 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر”. وبالمثل، استقرت نسبة البطالة الرسمية عند 7%، “لكنّ التقديرات المُستقلّة تُشير إلى أنها بين 10% و12%، مع ذروة تصل إلى 40% بين الشباب”.

تآكل القدرة الشرائية

ومن ناحية الأسعار، يشهد التضخم في إيران ارتفاعاً حادّاً مُنذ سنوات، ومن المتوقع أن يصل إلى 43.3% في عام 2025. وبالتالي، يُعدّ التآكل المُستمر للقوة الشرائية السبب الرئيسي للعديد من الحركات الاجتماعية.

ويُشير كيفان غافاييتي، الأستاذ في معهد العلوم السياسية ورئيس معهد العلاقات الدولية والجغرافيا السياسية (IRIG)، إلى أنّ “أسعار المواد الغذائية الأساسية، مثل الحليب والدجاج والفواكه والخضراوات، تشهد ارتفاعاً ملحوظاً. وباستثناء حركة (المرأة، الحياة، الحرية) فإنّ أكثر ما يتحدّث عنه الإيرانيون هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية”، حيث يُمكن أن تصل هذه الزيادات إلى 50% وحتى 100% في الضروريات الأساسية.

ويُثقل انخفاض دعم الضروريات الأساسية، كالطاقة، كاهل الأسر والشركات الإيرانية، لدرجة أنّ “أيّ خفض لدعم الوقود يُنذر بانتفاضة شعبية”، بحسب الخبير الإيراني بيجان خاجه بور، الذي يُشير إلى تزايد عجز الموازنة، حيث يُتوقّع أن يصل إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

تباطؤ وانتعاش

ويُلاحظ غافاييتي أنّ “الاقتصاد الإيراني شهد تباطؤاً واضحاً بعد الغارات الإسرائيلية الأولى”، مُستدركاً “لكنّ النشاط انتعش بسرعة نسبية”. لكنّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن اضطرابات النقل واحتمالية انقطاع سلاسل التوريد تُثير مخاوف من نقص الوقود قريباً، كما تُشير سارة بازوبندي، قائلة “معظم محطات الوقود مغلقة، أو تُقلّص الإمدادات بشكل كبير إلى 10 أو 15 لتراً فقط لكل عميل”.

ويُضاف ذلك إلى الضغوطات التي تُواجهها البلاد منذ سنوات، نتيجة العقوبات الدولية المفروضة. وسبق أن أشارت المديرية العامة للخزانة إلى أنّ “حصّة إيران من التجارة العالمية تُواصل انكماشها، حيث انخفضت من 0.76% في 2008 إلى 0.32% عام 2022”.

كما ويتزايد ندرة شركاء طهران التجاريين. وجاء في تقرير للمديرية “في عامي 2004 و2005 تمّ توزيع 80% من الصادرات على 21 دولة، مُقارنة بـ 7 دول فقط في عامي 2023 و2024”. وفي مواجهة نقاط الضعف الهيكلية في تجارتها الخارجية، تشبّثت إيران بصادراتها النفطية إلى الصين، مما أدّى إلى اعتمادها على مُشترٍ واحد بشكل رئيس.

التحايل على العقوبات

ودأبت الولايات المتحدة على فرض عقوبات على شركات صينية، آخرها في مايو (أيّار) الماضي، لشرائها شحنات نفط إيراني ضخمة عبر شبكات مُعقّدة لتجنّب العقوبات. لكنّ الرئيس دونالد ترامب، وفور إعلانه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، صرّح أنّ “الصين بإمكانها الآن مواصلة شراء النفط من إيران”.

وفي المُقابل، يتساءل كيفان غافاييتي “هل تُشكّل المخاطر التي تُثقل كاهل النفط الإيراني القشّة التي تُطيح باقتصاد البلاد؟”، ليُجيب: “لسنوات، كان الاختناق الوشيك للاقتصاد الإيراني مُتوقّعاً، لكن لدى طهران خبرة حقيقية في إدارة اقتصاد تحت الضغط والعقوبات. لذا، من المناسب توخي الحذر قبل التنبؤ بانهياره”.

ومع ذلك، لا تكفي كل هذه الخبرة لتفسير المرونة الظاهرة للاقتصاد الإيراني، حسبما يُوضح ميشيل ماكينسكي “في الواقع، تستجيب الحياة الاقتصادية للبلاد لآليات بعيدة كل البعد عن معاييرنا الغربية، ونجد صعوبة في فهمها، خاصة مع الغموض الهيكلي الذي يُميّز قطاعات كبيرة من الاقتصاد الإيراني”.

الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر  لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى