سياحة

تحتضر السياحة في شرم الشيخ، وتنتظر من ينقذها أو يشيعها إلى مثواها الأخير، بعد أن عاشت شوارع أحد أهم وأشهر


العقبات و المطاردات الإدارية تجاوزت الحدود.. ولولا الإصرار لأغلقنا فنادقنا منذ فترة طويلة مثل الآخرين

السياحة تراجعت بعد الثورة لكنها لم تنهار كما حدث عقب سقوط الطائرة الروسية

كنا نحقق أرباحًا تتجاوز الـ150%.. والإنقاذ في ضرورة عودة الطيران الشارتر

أعتمد في العمالة على الهواة.. وأتضامن مع استجواب الـ66 مليون دولار لتنشيط السياحة الإيطالية

أين الـ 6 مليارات جنيه.. وأين دور وزارة السياحة في الأزمة ؟

 
حوار : وليد العدوي 
 
تحتضر السياحة في شرم الشيخ، وتنتظر من ينقذها أو يشيعها إلى مثواها الأخير، بعد أن عاشت شوارع أحد أهم وأشهر المنتجعات السياحية في العالم لحظات سكون وركود غير مسبوقة، خلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، والذي يعد واحدا من المواسم المهمة التي من المفترض أن تدر دخلا حيويا إلى خزينة مصر، لا سيما والبلاد تعيش أزمة دولاريه حادة لم يسبق لها مثيل، حتي مع احلك الظروف وقت الثورة لم يحدث ما نعيشه هذه الأيام، لتبقي هناك أسباب معلنة وراء الأزمة الكبرى، متمثلة في قرار دول مثل روسيا وانجلترا بمنع الرحلات السياحية والطيران إلى مصر، علي خلفية سقوط الطائرة الروسية قبل عام، وأخري غير معلنة تتلخص في الأحوال الادارية المعوقة داخل البلاد، كلها أسباب ساهمت بقوة في خلو شوارع شرم الشيخ وغيرها من المنتجعات السياحة في مصر من المارة، وباتت معظم الفنادق مظلمة لظروف الاغلاق النهائي بقرار من أصحابها، خوفا من تأكل البنية التحتية، وعدم القدرة علي تكبد مزيد من الخسائر المالية، بينما هناك فئة مازالت تجازف وتراهن علي السياحة المصرية والعربية، رغم مردودها المتواضع والزهيد جدا.. تري إلى أي مدي سيظل الحال كما هو عليه؟. ومتي تتحرك الدولة لإنقاذ الموقف المتأزم الذي لا يرضي أحدا؟. وما هي طبيعة المشاكل القائمة بين ادارات تلك الفنادق والجهات الادارية؟.. أسئلة كثيرة طرحناها في حوارنا مع بدر حسين مدير عام فندق «لابيرلا»، أحد الفنادق ذات فئة النجوم الثلاثة، والتي تعول وتراهن علي السياحة الداخلية، أملا في المواصلة وعدم الانقطاع، لذا كان اللقاء به كنموذج لنبحث معه عن حلول لمشكلة حادة في البلاد عبر تلك السطور في الحوار التالي:

 
– بداية.. حدثنا عن الموقف في الشارع السياحي بشرم الشيخ؟

الموقف واضح، وأعتقد أنه لا يحتاج إلى شرح، فهو يفسر نفسه بنفسه، فضلا عن أنه يعكس حالة سيئة تعيشها البلاد بصفة عامة، واذا لم تتحرك أجهزة الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أعتقد أننا سنخسر أكثر مما نحن عليه الأن، فالسياحة الداخلية لا تنقذ موقف.

– هل الإنقاذ بيد أجهزة الدولة كما تقول؟
 

 
ما نحن فيه الأن راجع إلى سبب خارج عن ارادتنا جميعا، فكما هو معلوم توقفت رحلات طيران «الشارتر» من انجلترا وروسيا في أعقاب سقوط الطائرة الروسية قبل عام، مما أثر بالسلب علي حركة السياحة، لكن ما يحدث من أحوال ادارية داخلية هو ما يعكر صفو المنظومة، ويقضي علي البقية الباقية، الأمر الذي دفع بعض ملاك الفنادق الكبرى إلى اتخاذ خطوة الغلق النهائي، وباتت مهجورة ومظلمة وموحشة، وحتي لا أسرد في تفاصيل، يكفي أن فندق بحجم «لابيرلا» الذي أديره مدان بنصف مليون جنية لشركة الكهرباء، وربع مليون جنية لشركة المياه، والأخير تحرك عبر المحاكم القضائية، ورفع دعوي يطالب فيها بمستحقاته، في الوقت الذي أعاني فيه من انعدام السياحة الخارجية، وتوقف النشاط علي السياحة العربية والداخلية، والتي لا تغني ولا تسمن من جوع، كما أعيش لحظات الارتفاع الحاد في الأسعار، فضلا عن اجور العمال، الحقيقة نسير وسط جو ملبد بالغيوم يصعب تحمله بكل حال من الأحوال.

– لكنك ربحت لسنوات كثيرة وتحديدا قبل الثورة وأن الأوان أن تحصل الدولة علي حقوقها؟

 
أتفق معك، وأنا لا أغتصب حق الدولة في شيء، لكن عندما تجد أجهزة بالكامل تعمل ضدك، فأن الأمر يدعوك للدهشة، فهناك علي سبيل المثال جمعية لمستثمري شرم الشيخ، وغرفة للسياحة، وأخري للفنادق، لا دور لهم سوي جمع الاشتراكات السنوية، بواقع 800 جنيه لفنادق النجوم الثلاثة، و1300 جنيه لفنادق النجوم الأربعة، و2500 لفنادق النجوم الخمسة تقريبا، وهكذا، ومن المفترض أن يكون ذلك نظير خدمات تؤديها، وهو ما لا يحدث، جميع الغرف دون استثناء بدلا من أن تقف دور المدافع والمساند، تتخلي عنك، لتزيدك احباط وأوجاع أكثر مما نحن فيه.

– ما هو الدور المنتظر من تلك الغرف ومن ورائها وزارة السياحة؟

وزارة السياحة  غائبة عن المشهد لصعوبة الظروف ، وتقريبا ليس له دور ملموس سواء بالنسبة لي أو لغيري، فأنا علي أتصال دائم بزملاء لي في مختلف الفنادق، وأعتقد أنهم يشاركوني نفس الرأي، أما فيما يخص الأدوار المنتظرة منهم، علي الأقل يساهموا في جدولة تلك المديونات الضخمة، التي يصعب سدادها في تلك الظروف الصعبة، أو تتم المساهمة بجزء من مرتبات العمال، لكن للآسف الشديد يتم التخلي عنا بشدة في وقت قاتل، نرفض فيه جميع الاستسلام ونجازف بكل ما أوتينا من قوة، فمسألة جدولة الديون أو تأجيل المطالبة بها جاءت من مجلس الوزراء بالانتظار ستة أشهر وصدر قرار بذلك في شهر 10/2016، أما مسألة العمالة، فأنا اتحمل الدور بالكامل بمفردي، بعد تعديل المنظومة العمالية وفقا لمعطيات السوق.

– كيف تم تعديل المنظومة العمالية؟ وما هو شكلها القديم؟

علي سبيل المثال، قوة العمالة في فندق لابيرلا حاليا لا تتعدي الـ25% إن لم تكن أقل، فقبل ثورة يناير كان يدير الفندق ما يقرب من 60 عامل، وبعد الثورة تم التراجع إلي نسبة 50%، والأن النسبة لا تتعدي 25%، مع بعض التغيرات في الجوهر، فأنا حاليا لا اعتمد علي أصحاب الخبرات الا في أمكان معينة مثل الشيف، مركز حساس يصعب المجازفة به، لكن في باقي المراكز مثل عمال النظافة والصيانة، استعين بشباب باحث عن العمل، ويريد اكتساب الخبرة، وأنا بدوري أرحب به لأنه لن يكلفني كثيرا علي عكس أصحاب الخبرة، وفي نفس الوقت، يقوم هؤلاء الشباب بالدور المنوط به وفقا لإمكانياتي وحالة ومستوي السياحة التي نعيشها، ورغم ذلك هناك أزمة في العمالة، لان كثير من الشباب لا يجد المقابل الذي يستدعي غربته بعيدا عن أهله بالعيش في شرم الشيخ، فالمقابل زهيد جدا، علي عكس الماضي البعيد، كان العامل يحصل مثلا علي 1000 جنية راتب شهري، ونسبة من الخدمة تصل إلى 2.5%، فكان يحصل بموجب ذلك مع نهاية كل شهر علي ما يقترب من خمسة وستة الأف جنية، لان هناك حركة ونشاط دائر باستمرار، لكن مع توقف السياحة تماما، لم يعد يمتلك سوي راتبه، ولولا أنني أتعامل بشكل انساني وابوي كما لو كنا في وسط أسرة واحدة، لتركني العمال من زمان، رغم رفع الأجر من وقت إلى أخر من جيبي الخاص، دون أن يساعدني أحد من أعضاء الغرف السابق ذكرها، باستثناء ما فعله هاني سليمان أمين غرفة الفنادق الذي ساهم في حل أزمة السكر، وهنا لقطة طريفة جديرة بالذكر، كي تعكس ما وصلنا إليه من حال سيئ، حيث أقدمت الفنادق المغلقة علي بيع حصتها من السكر، هل أنت متخيل ذلك؟.. وما هي المكاسب التي سأجنيها من بيع شوال أو أثنين من السكر، في الحقيقة نعيش مهزلة بكل المقاييس. 

– هل خريطة السياحة في مصر تغيرت عقب ثورة يناير؟

تأثرت قليلا، لكن لم تغيب بهذا الشكل، كنا قبل الثورة نحقق مكاسب وارباح تتجاوز الـ150%، وبعد الثورة وصل الحال إلى مكاسب بنسبة 100%، لكن مؤخرا تغير الحال تمام، عقب سقوط الطائرة الروسية، ومن ثم قرار وقف الطيران، خصوصا الشارتر، فهو طوق الانقاذ بالنسبة لنا في شرم الشيخ، ويكفي أن أقول لك أننا بدأنا مع أول مؤتمر للشباب في عهد الرئيس السيسي، وتحديدا في شهر 6/2015، علاوة علي وجود سياح من روسيا وأوكرانيا وانجلترا، كانت الخريطة متكملة وواضحة، لكن سقوط الطائرة في 31/10/2015 أثر بالسلب كثيرا.

– هل مصدر السياحة الأجنبية مقتصر فقط علي الانجليز والروس كما يقال؟

لا هناك جنسيات متعددة، فلا تستطيع أغفال الأوكران والطليان والألمان وغيرها من الدول الأوروبية، لكن قبل كل هذا لابد من تحرك وزارة السياحة الغائبة تماما عن المشهد، بدليل ما قاله مؤخرا عضو مجلس النواب في قناته العاصمة سعيد حساسين الذي أعلن تقدمه باستجواب عن صرف الوزارة 66 مليون دولار لتنشيط السياحة في ايطاليا، وأنا بدوري أسأل.. كيف؟ وسط أزمة ضخمة نعاني منها جميعا ويصرف مبلغ بهذا الشكل، أعتقد أنه يؤكد المشهد العبثي الذي نعيشه، وما تشاهده من سياحة خارجية حاليا في شرم الشيخ لا يتعدى حاجز الـ1%، بعدما تحرك علي عقدة مدير عام شركة «ميتنج بوينت» وقام بعمل تعاون مع شركة «أف تي أي» الألمانية وأستقبل علي عهدته الشخصية وبمجهود فردا تماما خمسة طائرات، هم حجم النشاط الدائر حاليا.

– كيف تستقبل البنية التحتية المتهالكة حاليا السياحة حال عودتها لسابق عهدها؟

بالتأكيد سنحتاج دعم، أنا شخصيا لا أحتاج في فندقي أكثر من 3 ملايين جنيه، لعمل الاصلاحات اللازمة، ومؤخرا أعلنوا صرف 6 مليارات جنيه لتجديد الفنادق استعدادا للموسم السياحي، دون أي جديد، باستثناء مطاردتنا بالمطالب الادارية من تجديد الاشتراكات، وضرورة تنفيذ مطالب الحماية المدنية، وشرطة السياحة، ومباحث السياحة، وغرفة الفنادق، من تركيب كاميرات، وتواجد أسطوانات إطفاء الحريق وغيرها، فضلا عن رفع أسعار المياه بشكل مبالغ فيه يزيد التعجيز.

– أخيرا.. ما هي الحلول الواجب الشروع فيها بشكل عاجل؟
 

 
أولا، ننتظر جميعا، ما ستسفر عنه التحركات السياسية بشأن وعود الرئيس الروسي بوتن بعودة السياحة الروسية، ثانيا، لابد من إعطاء مساحة زمنية لسداد مع جدولة المديونيات، وتقديم دعم مناسب، الأسعار في زيادة رهيبة، وهو ما يزيد الأعباء، كنت أشتري كيلو اللحمة المجمدة بـ26 جنيه وحاليا أصبحت 54جنيه، السمك المجمد كان 17 جنيه وأصبح 34 جنيه، الفراخ 23 جنيه وأصبحت 34 جنيه، والأهم من كل ذلك ضرورة سماع أهل الخبرة في المجال مثل كامل أبوعلي الذي خرج مؤخرا في لقاء تليفزيوني وقدم رصد شامل لكوارث السياحة في مصر، مع تقديم الحلول لها، كذلك حسين سالم الذي سبق وأشار إلى امكانية تقديمه حلول ناجزه لإنقاذ السياحة في مصر اذا اتيحت له الفرصة لذلك، لكن الراجل اختار طريق السلامة وتنازل عن بعض ممتلكاته كما هو معلوم، ومن بينها شركة مياه جنوب سيناء التي خرج منها مؤخرا علينا محامياه المغوار علي سليم محمد وقام برفع دعوي قضائية يطالب فيها بمستحقات الشركة لدينا، المهم أن تعود الطيور المهاجرة والكوادر المتميزة ومن بينها حامد الشيتي أحد أشهر رجال السياحة في العالم، أين من هم في حجم ووزن البلتاجي وفؤاد سلطان وهشام زعزوع  وغيرهم كثيرين، لان وجود مثل هذه الأسماء خارج المشهد، دليل ادانة بحق السياحة في مصر.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى