تهدف هذه المقالة إلى الإجابة عن سؤالين هما، ما هو موقف القوى الأساسية في المجتمع السياسي الإيراني؟ واستعدادات قطبي النظام
قراءة في الأوضاع السياسية على الساحة الإيرانية
بقلم : محمد بناية – الباحث في الشئون الإيرانية
تهدف هذه المقالة إلى الإجابة عن سؤالين هما، ما هو موقف القوى الأساسية في المجتمع السياسي الإيراني؟ واستعدادات قطبي النظام للانتخابات في هذا المجتمع السياسي؟ والإجابة تعتمد على تقييم الوضع الراهن بناء على ما تقدم من شواهد وقرائن وحتى تاريخ كتابة المقالة. ولأنه من المتعذر التنبؤ بديناميات المجتمع الإيراني، فقد تتغير عملية التقييم طبقاً لما يستجد من أحداث وشواهد جديدة حتى موعد الانتخابات في فبراير 2012 .
موقف القوى الأساسية على الساحة السياسي:
يتمحورمفهوم المجتمع السياسي حول أنشطة الحكومة والقوي المعارضة. وإذا ما أردنا الحصول على تقييم لآخر أوضاع هذا المجتمع السياسي، فسوف يتعين علينا مراجعة مواقف القوتين الأساسيتين بهذا المجتمع، وتتبع موقف الحركة الاجتماعية في انتخابات 2009، ثم الموقف الحكومي:
موقف الحركات الاجتماعية:
أ- الشكل الذي أدارت به الحكومة الإيرانية انتخابات 2009، ساهم في تحويل عمليات المطالبة بالديمقراطية في المجتمع الإيراني، إلى حركة اعتراضية – اجتماعية بالمجتمع السياسي الإيراني. حيث ضجت الشوارع الإيرانية بالمظاهرات مدة عام، وهي اليوم تمثل إشكالية كبيرة لأنها لازالت موجودة ومستمرة رغم الاستنفار الأمني المكثف. الذي كان دافعاً إلى رفع سقف المطالب الشعبية إلى درجة الانقلاب على النظام. بدا هذا الأمر واضحاً في المظاهرات التي أشعلت النيران في صور الإمام الخوميني، ونائبه على خامنئي مرشد الثورة الإسلامية، فيما عُرف إعلامياً في إيران باسم التعدى على حرمة الإمام. ناهيك عن أزمة الثقة التي تعاني منها الحكومة العاشرة برئاسة أحمدي نجاد بسبب هذه التظاهرات.
وحالياً يروج البعض لظهور تيار اصلاحي منحرف، ومحاولات الفصل بين الحركة الاعتراضية الشعبية بزعامة المهندس ميرحسين موسوي، والتيار الاصلاحي المعتدل بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي خاصة بعد الشروط التي طرحها خاتمي للمشاركة الاصلاحية في الانتخابات البرلمانية. ورفضه المشاركة في التظاهرات المتكررة التي يدعو إليها موسوي وكروبي. ولكن كما أسلفنا فقد خرجت المظاهرات في يونيو 2009 تندد بتزوير الانتخابات، وشهدت تطوراً ملحوظاً وصل إلى حد المطالبة بقلب نظام الحكم خلال مظاهرات يوم الطالب في ديسمبر من العام نفسه، جراء عنف الأجهزة الأمنية والحرس الثوري في التعامل مع المتظاهرين. لذا لا يمكن استنتاج أن ثمة محاولات تجري في الوقت الراهن لانفصال خاتمي عن موسوي وكروبي، ولكن هي محاولة لاستغلال الفرصة (محاولات المحافظين لإشراك الاصلاحيين في الانتخابات) ومغازلة المرشد الأعلى للثورة للحصول على مكان للإصلاحيين في البرلمان، ومن ثم إمكانية طرح مرشح اصلاحي للرئاسة. ذلك لأن التلويح بالمقاطعة كما يُشاع يُعني وفاة سياسية حقيقية للتيار الاصلاحي، خاصة بعد الخروج من دائرة المحليات.
وهنا يمكن ملاحظة ثلاثة دوائر متداخلة ضمن الجزء المتجانس –إلى حد ما- في هذه الحركة الاجتماعية. الدائرة الأولى "النواة" وهى الإصلاحيين، الدائرة الثانية "الحركة الخضراء" وهي أكبر وأوسع، والثالثة دائرة المطالبين بالديمقراطية، وجميعهم ينتقد المذهبية والعلمانية، وتضم عناصر من داخل السلطة وخارجها. وتتنوع القوى الموجودة في الدوائر الثلاثة بين مختلف الطبقات، وتنادي بمطالب متنوعة. يجمعها المطالبة بالديمقراطية المتعددة (على المستوى الحكومي والمدني والشعبي)، ويقع اختلاف بين أنصار هذه الحركة –شأن جميع الحركات في العالم- في تعريف خصائص هذه الديمقراطية (توافق الديمقراطية مع الدين، فصل المؤسسات الدينية عن السياسة وصولاً إلى فصل السياسة عن الدين تماماً) وكيفية تحقيق هذا الهدف (بدءً من منهج خاتمي الاصلاحي وحتى المناهج الثورية أو الراديكالية). مع هذا فقد نجح أنصار هذه الحركة الاجتماعية أولاً خلال العامين الماضيين في العمل -بشكل يختلف والقوى السلطوية- على عدم التصادم بين القوى الموجودة في الدوائر الثلاثة. ثانياً رغم جميع الإجراءات القمعية ضد انصار هذه الحركة الاجتماعية (من ضرب، واعتقال، وعروض اعترافات السجناء، والهجوم على المدينة الجامعية، والاغارة على أموال الشعب في أبراج سبحان، واعتقال الشباب وسجنهم مع الأوباش في معتقل كهريزك صاحب الفضيحة الشهيرة) فقد رفضوا اللجوء إلى العنف وأنقذوا الحركة من الوقوع في مستنقع العنف.
من ناحية أخرى تثور بين الحين والآخر المخاوف من وفاة خامنئي والصراع على خليفته. ولا يمكن للتيار الاصلاحي إخلاء الساحة أمام التيار المحافظ واتخاذ موقف المتفرج من الأحداث. لذا أنا أعتقد أن التهديد بالمقاطعة ليست إلا محاولة للحصول على المزيد من المكاسب. وبث الروح من جديد في محاولات هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في تشكيل مجلس حكماء كبديل عن مقام المرشد الأعلى، بحيث تُدار البلاد من جانب مجموعة من رجال الدين وليس فرد واحد.
ب- سعت السلطة –المناوئة للديمقراطية- خلال العاميين الماضيين إلى احباط وتعطيل التشكيلات الحزبية، والمنظمات المدنية، والمنافذ الاعلامية المحسوبة على هذه التيار الاصلاحي، كما ضربت حصار على أفراد هذه الحركة وقامت باعتقال بعضهم، بحيث تحولت إيران إلى معتقل كبير بحسب تقرير منظمات حقوق الإنسان. مع هذا فقد فشلت في وأد هذه الحركة الاجتماعية ووسائل إعلامها. في المقابل تجد عناصر هذه الحركة الاجتماعية (بين الفئات الأكثر تأثيراً كالخبراء، والطلبة، والمهندسين، والقانونين، والمعلمين، ورجال الدين، والنساء، والعمال، وغيرهم) حاضرة في المجتمع، يتملكهم اصرار كامل على عرض مطالبهم في المحافل الاجتماعية والأسرية، ويتحينون الفرصة –كما في السابق- لاستعراض مطالبهم أمام الرأي العام والسياسي حتى تتحقق هذه المطالب. الملفت للإنتباه في السياق قرار الحكومة الإيرانية بالسماح لبعض الصحف المحسوبة على التيار الاصلاحي من استئناف عملها مرة أخرى كما حدث مع صحيفة (اعتماد- الثقة) المحظورة من مارس 2010، وصحيفة (روزگار- الزمن) بما يؤشر إلى افساح المجال نسبياً أمام وسائل الإعلام الاصلاحية للظهور مرة أخرى بعد التضييق عليها بعد اندلاع المظاهرات الشعبية في يونيو 2009.
هي إذاً محاولة حقيقية بين قطبي النظام الإيراني للخروج من الأزمة الراهنة وعدم تكرارها مرة أخرى. مع تقديم تنازلات من الطرفين. بحيث يقوم التيار الاصلاحي بطرح وجوه لم تدخل في صدام مباشر مع النظام، في مقابل حرية مشروطة للحركة الاصلاحية، والسماح لبعض العناصر المعتدلة بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية.
وقد كشفت مصادر مطلعة –دون تسمية- عن لقاء سري جمع على لاريجاني رئيس البرلمان والنائب في البرلمان السادس عن الكتلة الاصلاحية جلال جلالیزاده –بمكتب الأول- وتبادلا وجهات النظر بشأن الانتخابات البرلمانية القادمة، وطلب إليه حض الشخصيات الاصلاحية البارزة والمعتدلة على المشاركة في الانتخابات. وأكد المصدر استياء لاريجاني من أداء البرلمان الثامن، مؤكداً على ضرورة وجود مشاركة المعتدلين من الجناحين في المجلس التاسع، بما يزيد من إمكانية تلافي المشكل الحالية. ووعد رئيس البرلمان خلال اللقاء الذي حضره مستشاره حسن زماني على تأييد صلاحية من يجمع عليهم مجلس صيانة الدستور من الاصلاحيين.([1])
كما أعلن حجة الإسلام والمسلمين سيد حسن الخميني حفيد قائد الثورة، الترشح رسمياً للإنتخابات الرئاسية الحادية عشر. جاءت تصريحات حسن الخميني بحسب الموقع الإخباري "جهان نيوز" خلال كلمة ألقاها في اعضاء مجمع رجال الدين المناضلين. حيث تطرق حفيد الخميني إلى الأوضاع الإيرانية الراهنة، وأضاف:" أنا أضمن الحصول على 30 مليون صوت بخلاف أصوات النخبة والإصلاحيين، ذلك لما تمتع به اسرتنا من حظوة لدي المواطنين". وكانت تقارير قد تحدثت عن أن السيد محمد خاتمي رئيس الجمهورية الأسبق قد كشف في وقت ساق عن رغبته في خوض حجة الإسلام حسن الخميني للسباق الرئاسي، وقال خاتمي مخاطباً حفيد الخميني:" لابد من تهيئة الأوضاع وذلك عبر خوض الانتخابات البرلمانية التاسعة. وسوف تكون على رأس القائمة الإصلاحية، وبلا شك سوف تحصلون على نسبة عالية من الأصوات تمكنكم من تولي منصب رئيس البرلمان، وبعدها يسهل عليكم الترشح للإنتخابات الرئاسية". وأضاف خاتمي:" اذا حصلتم على منصب رئيس البرلمان، فسوف يسهل عليكم تحصيل المكانة الجيدة بين المنابر المختلفة مثل صلاة الجمعة، الإذاعة والتليفزيون و… كما يتوجب عليكم الاستفادة من الحضور الاجتماعي، ومواجهة الشباب، وخاصة الطلبة، وكذلك المشاركة ضمن جولات المحافظات، وحفلات تكريم الشهداء وغيرها".([2])
ونشر الموقع الإخباري ثانيه نيوز جانب من الجلسة المشتركة لقادة الجهة الإصلاحية لمناقشة المستقبل السياسي للخميني، ومناقشة ميزان شعبيته، ومستوى تحصليلاته العلمية، واسلوب حياته الأسرية والاجتماعية. واتفق الحضور على ضرورة أن ينهي الخميني دراسته في أقرب فرصة للحصول على درجة الاجتهاد والتي تعتبر شرطاً أساسياً لدخول مجمع الخبراء، المعني بالإشراف على نشاط المرشد الأعلي للثورة على خامنئي، وطلبوا إليه استغلال الفترة المتبقية على الانتخابات الرئاسية في توطيد علاقته بالمواطنين، ووسائل الإعلام وبخاصة القومية، وعقد لقاءات مستمرة مع المراجع وأعضاء مجمع الخبراء.([3])
الموقف الحكومي:
واجهت الحكومة مختلف أنواع الأزمات. ولو لم تتفاعل مع الأزمة عام 1997 ما تكونت على الحركة الاصلاحية. ثم غيرت الحكومة من مناهجها في إدارة البلاد، وطرق التفاعل مع رسائل الحركة الاجتماعية عقب انتخابات 2009، بالشكل الذي أدي إلى اشتداد الأزمات الحكومية.
أ- تعاني الحكومة أزمة "شرعية" بين مختلف الفئات المتوسطة الجديدة. كما برزت هذه الأزمة بين الطبقات الدينية المتوسطة التي كانت دائماً قاعدة للحكومة. ولم تنجح سياسة الترهيب والترغيب الحكومية في جذب الفئة الواقعة بين الطبقة الثالثة والفقراء إلى جانب الحكومة (وحين يأست حكومة المهدوية من جذب الطبقات الدينية والمحرومة، توسلت إلى الطبقة المتوسطة بالقومية الإيرانية، والكورشية، وتقديم الوعود بتوفير حديقة لكل أسرة، والتظاهر بمخالفة الفصل الجنسي وقوافل الإرشاد وغير ذلك). بما أثار موجة عارمة من الانتقادات الحادة من جانب المحافظين للحكومة وأعضائها. وظهر ما عُرف إعلامياً باسم التيار المنحرف بزعامة اسفنديار رحيم مشائي. ودعت بعض القوي الأصولية، الحكومة العاشرة إلى منع التيار المنحرف (اسفنديار رحيم مشائي والمقربين منه) من المشاركة في الانتخابات. وكان (صولت مرتضوی رئيس اللجنة الانتخابية قد كشف في وقت سابق عن استقالة عدد من العاملين في أجهزة الدولة من مناصبهم، حتى تتاح لهم فرصة الترشح للإنتخابات البرلمانية في دورتها التاسعة، بينهم أربعة من نواب المحافظين، وسبعة محافظين، واثنان من رؤساء القطاعات، و30 من مديري العموم في اللجان والمحافظات في مختلف الأجهزة، ثلاثة من أئمة الجمع، 90 من مسئولي جامعة آزاد، 38 عمدة ونائب عمدة. وهو ما رأى فيه البعض جهود مستميتة من جانب أنصار أحمدي نجاد لاكتساب السلطة، والسيطرة على البرلمان).([4]) وقد بلغت حدة الخلافات بين أنصار التيار المحافظ مداها إثر الخلاف الذي نشب بين الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد والمرشد الأعلى للثورة على خامنئي بشأن إقالة وزير المخابرات الإيراني حيدر مصلحي من منصبه. وخرجت المسيرات المؤيدة للمرشد تجوب شوارع إيران، وتعلن اعتراضها على التيارات المنحرفة ودعمها الكامل لولى أمر المسلمين، وتهتف بشعارات "الموت لأعداء ولاية الفقيه" و "نحن جميعاً جنودك، وتحت أمرك" و "يد الله معنا وخامنئي زعيمنا". ووصل الأمر حدود أن (النائب البرلماني المحافظ محمد رضا باهنر رئيس لجنة التعديلات، تقدم باقتراح إلى البرلمان بشأن الاستفتاء المباشر على عدم صلاحيت نجاد دون استجوابه).([5]) ناهيك عن الخلافات المستمرة بين الحكومة والبرلمان
من جهة، والحكومة والسلطة القضائية من جهة أخرى، ما أدي إلى تشكيل هيئة عليا برئاسة هاشمي شاهرودي تُعني بالفصل بين السلطات الثلاث.
ب- تعاني الحكومة أزمة كفاءة. وأفضل دليل على هذه الأزمة يتلخص أولاً في سيطرة الحكومة في السنوات الستة الماضية، على نصف العوائد النفطية (تقريباً 500 مليار دولار) وهو ما لم يحدث على مدي المائة عام الماضية، معهذا لم تتمكن من تحسين أي من المؤشرات الرئيسية على التنمية (مثل السيطرة على التضخم، والبطالة، والإدمان، التنمية الاقتصادية، الاستثمارات الخارجية وغيرها) ورغم حديث المرشد المتكرر عن انجازات الحكومات التاسعة والعاشرة، لكن هذا لا يعنى بالضرورة تحسن الأوضاع. (فالإحصائيات الرسمية تشير إلى طفرة فى الفساد والأضرار الإجتماعية. فالقاضى فخرالدين جعفرزاده قبل أن يترك منصبه كرئيس للمحكمة الجنائية فى طهران أشار إلى زيادة ملحوظة فى جرائم القتل، لدرجة بلغت زيادة 200 حالة عام 2009 عن السنوات السابقة. والمدير العام لإدارة الإحصاء والأحوال المدنية يعلن وقوع 125 ألف و747 حالة طلاق فى إيران خلال العام 2009، بزيادة بلغت 13% عن العام السابق. بينما زادة حالات الزواج فى نفس الفترة بنسبة 1% فقط عن الأعوام السابقة. ويعتقد عباس جعفري دولت آبادي رئيس محكمة الأسرة أن كل اربع زيجات تشهد أكثر من حالة طلاق، وهو ما يعد أمر بالغ الخطورة.
فى السياق أعلن سكرتير إدارة مكافة المخدرات أن عدد مدمنى المخدرات خلال عام 2009 يتراوح بين 2 /1 إلى 2 مليون شخص. فيما تؤكد أبحاث المراكز غير الحكومية زيادة النسبة. كما أعلن رئيس هيئة الطب الشرعي زيادة بنسبة 1/5 % فى أعداد حالات الوفاة الناجمة عن إدمان المخدرات. ناهيك عن انتشار عادات الإدمان بين الطلاب بحسب ما أكد الدكتور محمد رضا جهانى نائب سكرتير إدارة مكافحة المخدرات.
فى الوقت نفسه لا يمكن تجاهل الإحصائيات التى قدمها مدير الإدارة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة عام 2009، والتى توضح انتحار ستة أشخاص بين كل مائة ألف شخص سنويا. بمعنى آخر يقبل 4200 شخص على الانتحار سنويا، بينما لم تتعدى النسبة 4 أشخاص بين كل مائة ألف فى السنوات السابقة. الأمر الذى أكده قائد القوات العسكرية خلال الاحتفال باليوم الوطنى للإنتحار حيث أكد زيادة عمليات الانتحار إلى الضعف. بخلاف الزيادة التى بلغت 15% فى أعداد الفتيات الهاربات من منزل الأسرة بسبب سوء الرعاية، فيما تنفى الأجهزة الرسمية وجود هذه الظاهرة من الأساس. كل هذه الدلائل والمؤشرات لا تدل فقط على زيادة الأضرار الإجتماعية وإنما تدل على استمرارها فى الصعود).([6]) وهو ما يعني أن القوة الحالية للحكومة تتلخص في قوة السيطرة على الشعب، وليس الجريمة، والإدمان، والتضخم، والبطالة، والفقر النسبي والمطلق، والتهريب والفساد الرسمي.
كما شهدت الأشهر القليلة الماضية بعض الحوادث الاجتماعية في البلاد، وأثارت ردود فعل واسعة على مستوى الإعلام والرأى العام، وكذلك وسائل الإعلام الخارجية. منها مقتل طالبة في وضح النهار على جسر المديرية، وهجوم مميت على رجل دين يأمر بالمعروف، جريمة خميني شهر وكاشمر، وأخيراً قتل رياضي في الكرج. بما يوضح زيادة حجم الشذوذ في المجتمع الإيراني، واعتياد الناس على مثل هذه السلوكيات الشاذة.
ج- أزمة الحكومة الخارجية. من الطبيعي أن تهتم الحكومة التاسعة لسياستها الخارجية، علها تتمكن من تعويض فشل سياستها الداخلية. لكن منيُت السياسة الخارجية الإيرانية بأزمات متتالية، وأولى المؤشرات على هذه الأزمة هي استمرار العقوبات الدولية (خاصة من جانب الدول الصناعية)، وهي من عوامل تقزيم الاقتصاد الإيراني، وارتفاع معدلات البطالة. وحال استمرار هذه العقوبات فسوف تنزل بمستوى العلاقات الديبلوماسية الإيرانية مع الدول ذات النفوذ العالمي إلى أدني مستوياتها، بل سوف تسوء بدرجة أكبر مما كانت عليه إبان الحرب الإيرانية – العراقية.
أما المؤشر الثاني على أزمة الحكومة الخارجية فيتعلق بتعيين مبعوث حقوق إنسان من جانب منظمة الأمم المتحدة في إيران. لقد تدهورت المكانة الإيرانية لدي الرأي العام العالمي، بل بدأت تفقد بريقها بين المواطنين في الدول الإسلامية. فقبل ثلاثين عاماً ومع انتصار الثورة الإسلامية، كانت إيران نموذج يحتذي من جانب دول وشعوب المنطقة، أما اليوم فقد ساهمت السلطة في تقزيم المكانة الإيرانية بالشكل الذي جعل الشعوب الإسلامية الثورية في الفترة الأخيرة تقتدي بالنموذج التركي، وتعلن البراءة من التجربة الإيرانية حتى في تلك الدول التي تتمتع فيها جماعة الإخوان المسلمين بالنفوذ.
إقليمياً أدى تباين الموقف الإيراني من الثورات العربية إلى تراجع شعبيتها بين شعوب العالم العربي. فلطالما حاولت إيران استئناف علاقاتها الديبلوماسية مع مصر قبل ثورة يناير، وضاعفت من جهودها بعد الثورة لدرجة أن على أكبر صالحي وزير الخارجية أعلن في كلمته أمام اجتماع الهيئة السياسة للعاملين بالقيادة العامة للحرس الثوري، أن عودة العلاقات الإيرانية – المصرية مسألة حياتية بالنسبة لإيران. وأغلب الظن أن حرص النظام على التواصل مع مصر ينبع من رغبة التيار المحافظ في تحقيق إنجازات تضاف إلى رصيده فى الانتخابات القادمة. لكن الموقف الإيراني الأخير من الأزمة السورية ساهمت في تراجع الشعبية الإيرانية بين العرب. حيث أثبتت الاحصائات الجديدة "للمجتمع العربي الأمريكي" علي ست من الدول العربية، انخفاض مستوي الشعبية الإيرانية في العالم العربي. وشارك في هذه الاحصائات 4000 مواطن عربي وطرح عليهم سؤال هل لعبت الحكومة الإيرانية دوراً إيجابياً في نشر السلام والاستقرار في الشرق الأوسط؟
وأجاب 37% من المصريين بفاعلية الدور الإيراني، بينما تجاوز العدد نسبة 90% في استفتاء 2006، وبلغ أعداد المؤيدين للدور الإيراني 6% في المملكة العربية السعودية، بينما كان قد بلغ العدد 85% عام 2006، في الأردن نزل مستوي التأييد الشعبي للدور الإيراني من 75% عام 2006 إلي 23% في الوقت الراهن.
الطريف أن السواد الأعظم من الشعوب العربية يطالب بالعدالة الاجتماعية والإدارية، والحرية السياسية والإعلامية، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة، وكلها مطالب لا محل لها من الاعراب في النظام الإيراني الحاكم بزعامة الرئيس محمود أحمدي نجاد. وبناءً عليه يمكن القول: إن الربيع العربي والمطالب الديمقراطية ساهمت في القضاء علي الجاذبية التي كانت تتمتع بها الحكومة الإيرانية بين العرب، بمعني آخر فقد انتهي عصر النفوذ المعنوي والإعلامي لهذا النظام.
استعدادت المحافظين والاصلاحيين للانتخابات
لقد حاولت فيما سبق تقديم رؤية سريعة للساحة الإيرانية وما يتعمل فيها من صراعات بين الحكومة والتيار الاصلاحي من جهة، والحكومة والتيار المحافظ من جهة أخرى. وسوف أحاول فيما يلي تقديم تصور مناسب عن آليات قطبي النظام الإيراني (الاصلاحي والمحافظ) للانتخابات البرلمانية.
آليات المحافظيين
1- قائمة موحدة: الأوضاع التي سبقت الإشارة إليها تفرض على التيار المحافظ المشاركة في الانتخابات بقائمة موحدة على غرار ما حدث في الانتخابات البرلمانية في دورتها الثامنة، خاصة بعد ما أسفرت عنه الانتخابات الرئاسية العاشرة من تشويه عدد من الشخصيات الأصولية. وقد شهد العام 2010 اجتماع 30 من الشخصيات الأصولية البارزة في قصر رئاسة الجمهورية، وانتهت الاجتماعات إلى تشكيل لجنة ثلاثية مكونة من حبيبالله عسجراولادي، غلامعلي حدادعادل و علياكبر ولايتي. وتتلخص مهمة اللجنة في توحيد صف الأصوليين. وقد تعرضت اللجنة إلى هجوم شديد بسبب مشاركة الرئيس أحمدي نجاد في بعض اجتماعاتها التأسيسية، على سبيل المثال اتهم مصباحي مقدم عضو البرلمان اللجنة بالتبعية للتيار المنحرف. وبعدها ظهرت شائعات حول استقالة ولايتي من اللجنة وهو ما تم تكذيبه. وما تنامي الضغوط على اللجنة ظهرت فجأة آلية أصولية مجهولة عُرفت باسم لجنة 8+7. واتضح أن المرحلة الأولى لاكتمال عملية تطوير اللجنة الثلاثية انتهت إلى تحديد 7 أفراد مقبولة من جميع الأطراف. والأربعة الجدد هم اسلام كعبي و حسيني بوشهري كنواب عن مجمع المدرسين بالحوزة العلمية قم، و حجج اسلام تقوي وابوترابي فرد كنواب عن مجمع رجال الدين المناضلين.
وكانت لجنة الثمانية تعرف نفسها في البداية بأنها مكونة من خمسة أضلاع وهي جبهة أتباع نهج الإمام والقيادة، مجمع فدائيو الثورة الإسلامية، ورائحة الخدمة الطيبة (القوى الثورية سابقاً)، وعلى لاريجاني، ومحمد باقر قاليباف. وقد أدت مشاركة الأضلاع الثلاثة الأخيرة إلى موجة جديدة من الانتقادات. ذلك لأن رائحة الخدمة الطيبة يقوم على حماية الحكومة والرئيس أحمدي نجاد، وكيف تتاح فرصة للسيد محمد صفار هرندي، وحجة الاسلام مرتضى آقا طهراني رغم الشبهات حول نشاطهما السياسي. ولكن بعد فترة تم تكذيب هذه الأخبار وتم ترشيح كلاً من کامران باقری لنکرانی، علی اصغر زارعی و صادق محصولی كنواب عن رائحة الخدمة الطيبة. كما ادت الانتقادات إلى ترشيح كلاً من كاظم جلالي عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية كممثل عن على لاريجاني رئيس البرلمان، و حجةالاسلام الدكتور سيد مهدي خاموشي رئيس منظمة الدعاية الإسلامية كممثل عن محمد باقر قاليباف.
كما تم ترشيح محمدرضا باهنر و منوچهر متکی عن جبهة ابتاع نهج الإمام والقيادة، و حسين فدايی، وعليرضا زاکانی عن مجمع فدائيو الثورة الإسلامية. ولكن واستمراراً للخلافات فقد ظهر شكل جديد باسم جبهة الصمود والذي يتكون من أعضاء عن جبهات حاميان الولاية، وحزب التنمية والعدالة، ومجمع الإعماريون الشباب وغيرهم. ويميل هذا التشكيل الجديد في الظاهر إلى اتباع منهج محسن رضايي سكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام.([7])
وعن علاقة جبهة النهضة بلجنة 7+8 يقول السيد شهاب الدين صدر، تم الإعلان عن ميلاد الجبهة في 28 يوليو من العام الجاري بعقد مؤتمر، ورغم أني لم اُشارك في المؤتمر لكني كنت موجود خلال عملية الاتفاق على الشكل والمناقشات والاجتماعات المتعلقة بهذا الأمر. والمشاركون في هذه الجبهة هي من الشخصيات المخلصة للثورة، والتي كان لها دور أساسي في الدفاع المقدس، وكذلك تتمتع بسوابق عمل في الحكومات التاسعة والعاشرة، وعموماً هم من أنصار وأصدقاء الدكتور أحمدي نجاد اجتمعوا معاً للتأثير في هذا الكيان السياسي. والهدف اثبات الجماعات المؤمنة، والمخلصة للنظام في شكل تنظيم يمارس أنشطته، بما يتيح لها تأثيراً أكبر. وأما بخصوص شكل التعاطي مع الـ 8+7، فإنه من الجيد إن نستحضر تلك الملاحظة التي أشرت إليها والمتعلقة بالانتخابات البرلمانية في دورتها الثامنة ومجموعة الستة كأضلاع رئيسية، بالاضافة إلى ضلع آخر هو جماعة رائحة الخدمة الطيبة. لكن في هذه الدورة لم تعد الأجواء كما كانت حال تشكلت جماعة رائحة الخدمة الطيبة، وسعى واضعوا آلية الـ 8+7 إلى ضم بعض أفراد هذه الجماعة إلى تلك الألية حتى تتسع دائرة الأصولية، لذا فقد دخلوا في مفاوضات مع جبهة النهضة للتعريف بأعضائهم.
وظهر الخلاف في وجهات النظر، وأعلن المسئولون في جبهة النهضة آرائهم بشكل واضح تماماً إلى نواب الفرق، وانتقاداتهم لهذه الألية. وقد عُقدت جلسات مختلفة لحل هذه الاستشكالات. وحتى الآن لم يشارك نواب جبهة النهضة في اثنين من جلسات الـ 8+7، ويُقال أنه من المقرر أن يطرح المسئولون في جبهة النهضة هذه القضايا خلال الاجتماع مع لجنة السبعة، لعل بإمكانهم الوصول إلى طريق لحل هذه القضايا العالقة.([
2- تعديل قانون الدوائر الانتخابية: أعلن العميد مصطفی محمدنجار وزير الداخلية مؤخراً موافقة الحكومة على مشروع قانون يقضي بزيادة عدد نواب النواب إلى 310 بدلاً من 290 وأنه من المقرر تقديم المشروع إلى البرلمان في أقرب وقت. وهي المشروع الذي تأخر مدة عامين، حيث كان المتوقع أن تقدم حكومة أحمدي نجاد لائحة مشابهة إلى البرلمان منذ 2009. ويستند القانون إلى زيادة عدد الدوائر الانتخابية من 207 إلى 223. حيث تقتضي زيادة عدد السكان زيادة في عدد نواب الدوائر الانتخابية والمحافظات. وحسب المادة 64 من الدستور لسنة 1979 يتعين إضافة نائب جديد إلى البرلمان لكل 150 ألف شخص زيادة في عدد السكان. إلا أن التعديل الذي طرأ على القانون عام 1989 خول القانون تعيين حدود الدوائر الانتخابية وعدد النواب.([9])
3- في سابقة هي الأولى من نوعها حذر علی لاريجانی رئيس البرلمان، و احمد جنتی أمين عام مجلس صيانة الدستور، حكومة أحمدي نجاد من التدخل في الانتخابات. وقال لاريجاني:" يتعين على مجلس صيانة الدستور، والسلطة القضائية متابعة العملية الانتخابية بدقة شديدة، وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة التنفيذية، حتى لا تتكرر الاتهامات بتدخل الحكومة في الانتخابات".([10]) وهو الأمر نفسه الذي شدد عليه إبراهيم رئيسي مساعد أول السلطة القضائية، وقال:"يجب على الحكومة أن تثبت أنها لا تعتزم التدخل في العملية الانتخابية، لأن القوانين الرقابية منه التنفيذية تكفل تنفيذ القانون والحفاظ على أصوات الشعب".([11]) كذلك دعا عدد من نواب البرلمان (أبرزهم استاذ الأخلاق مرتضی آقاتهرانی النائب البرلماني، و حشمت فلاحتپيشه عضو البرلمان، و نورالله حيدری النائب البرلماني عن التيار المحافظ) إلى ضمان نزاهة الانتخابات. وكان آية الله على خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية قد أوصى المسئولين في السلطات الثلاثة (القضائية، والتنفيذية، والتشريعية) باحترام الانتخابات، وقال:" لا يحق لأحد التدخل في الانتخابات بأي شكل من الأشكال".([12]) فيما شدد محمود عباسزاده مشکينی المدير السياسي العام بوزارة الداخلية على ضرورة امتلاك السيد رئيس البرلمان للأدلة والمستندات التي تثبت صحة هذه الاتهامات، وأضاف:" هذه التصريحات تستحضر في الآذهان تصرفات بعض الأشخاص إبان الانتخابات الرئاسية العاشرة، والتى انتهت بفتنة 2009".([13])
4- الدعاية الإعلامي: نشرت عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على التيار المحافظ أخبار عن مشاركة الاصلاحيين في الانتخابات البرلمانية التاسعة بقائمة موحدة تضم عشرين عشرين شخصية، وهم بحسب صحيفة سياست نامه (محمدرضا عارف، بيژن زنجنه، اسحاق جهانجيری، محسن هاشمی رفسنجانی، حبيبالله بیطرف، علی اكبر محتشمی پور، مرتضی الويری، صادق خرازی، مرتضی حاجی، محمدجواد حق شناس، الياس حضرتی هادی خانيكی، هادی خامنه ای، علی محمد حاضری، فاطمه راكعی، محمد رضا راهچمنی، عيسی كلانتری، الهه كولايی، مجيد انصاری، رسول منتجبنيا).
من جانبه نفي مجيد انصاري عضو اللجنة المركزية لمجمع رحانيون مبارز علمه بقائمة الاصلاحيين للانتخابات البرلمانية التي نُشرت في عدد من وسائل الإعلام الموالية للتيار المحافظ، وقال:" حتى الآن لم يضع التيار الاصلاحي أي برامج واضحة للمشاركة في الانتخابات، نافياً إمكانية ترشيح نفسه للإنتخابات القادمة".([14]) كما وصف أحمد خرم وزير المواصلات بالحكومة السابعة، الأخبار بشأن قائمة الاصلاحيين بالاستراتيجية الأصولية وقال:" نشر هذه القائمة عاري عن الصحة تماماً، ولا يعدو مجرد الاستراتيجية الأصولية، لأن الجبهة الاصلاحية لم تتخذ أي قرار بشأن المشاركة في الانتخابات القادمة".([15])
آليات الاصلاحيين:
1- لازال موقف الاصلاحيين الرسمي من الانتخابات البرلمانية غامضاً. ويبدو للمراقب أن الساحة الاصلاحية تعاني نفس الشقاق الذي تعاني منه الجبهة الأصولية. ذلك لأن شروط خاتمي شطرت أعضاء التيار الإصلاحي إلى مؤيد لمقاطعة الانتخابات مالم تتم الاستجابة للشروط، وآخر يرفض التلويح بخيار المقاطعة. وكان الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قد جدد طرحه السباق بشأن إقامة انتخابات حرة ونزيهة. وكان خاتمي قد اشترط لمشاركة التيار الاصلاحي في الانتخابات، أولاً حرية المعتقلين السياسيين، ثانياً توفير مناخ حر للممارسة الحزبية، ثالثاً التزام المسئولين بالدستور. وأضاف:" بالنظر إلى الأوضاع الراهنة، اعتقد أن المستقبل سوف يكون أصعب، والضغوط أكثر".([16]) وقال محمدرضا تابش النائب البرلماني:" العمل على تنفيذ شروط السيد خاتمي –على الأقل- يهيئ الأوضاع لإقامة انتخابات مهيبة". وفي إطار دفاعه عن موقف خاتمي يقول محسن آرمين عضو منظمة مجاهدي الثورة:" ما طرحه السيد خاتمي يهيء الأوضاع لاقامة انتخابات حرة ونزيهة. ومعارضة هذه الشروط يُعني عدم وجود إدارة قوية ترغب في انتخابات حرة ونزيهة". ورهن نصرالله ترابی عضو لجنة اتباع خط الإمام بالبرلمان، مشاركة اليتار الاصلاحي في الانتخابات بالوضع الراهن، وقال:" الأوضاع الحالية لا يتيح للإصلاحيين العودة مرة أخرى إلى الساحة السياسية والاجتماعية، وعلى الطرف المقابل تهيئة الأوضاع في سبيل عودة هذا التيار السياسي والاستجابة لمطالبه". ونفى مصطفی کواکبيان عضو البرلمان الثامن، شائعات مقاطعة الاصلاحيين للانتخابات وأوضح:" لم يعقد الاصلاحيون أي اجتماعات لمناقشة العملية الانتخابية، وقد قلنا مراراً وتكراراً لن نقبل بالقهر، ولن نمضى على بياض. سوف نصبر حتى نرى جوابهم على مطالبنا".
فيما جدد اسماعيل جرامي المتحدث باسم حزب اعتماد ملي، ومستشار مهدي كروبي التأكيد على ضرورة الاستجابة للمطالب التي طرحها خاتمي، مضيفاً أن وجهات نظر موسوي وكروبي تقوم على قناعة بأنه لا مكان للإصلاحيين في البرلمان القادم، وسوف تقتصر المنافسة على التيار المحافظ فقط.([17])
2- انتقاد الموقف الأصولي من التيار المحافظ: رحب آيةالله احمد جنتی، سكرتير مجلس صيانة الدستور بشائعة مقاطعة أعضاء التيار الاصلاحي للإنتخابات البرلمانية وقال:" نحن في غنى عن مشاركة هذه الفئة في الانتخابات، لأنهم مرفوضون من الشعب والأفضل لهم البقاء بعيداً كما سبق وانسحبوا بعيداً".
من جانبه انتقد أحمد خرم وزير المواصلات بالحكومة السابعة، طريقة تعامل الأصوليون مع الإصلاحيين واعتبارهم وقود يستخدمونه في صناعة خبزهم وحدهم، بينما يجب أن يكون الخبر للشعب كله. وأضاف:" يشترط الأصلاحيون للتحاور بشأن الانتخابات تغيير الجو الأمني، وتحرير وسائل الإعلام، وكذلك المعتقلين السياسيين".([18])
انتقد محمدرضا تابش عضو لجنة الأقليات بالبرلمان الثامن، ما يُقال عن انتهاء عمر التيار الاصلاحي، وأن على اتباع هذا التيار المشاركة في الانتخابات بهوية جديدة، وأوضح:" هذه التصريحات تعبر عن المكنون القلبي للجماعات المنافسة، ولن نمكنهم أبداً من هذا الأمر".([19])
ويقول عبدالواحد موسوی لاري:" الاستراتيجية الأساسية للتيار الحاكم تقوم على منع الاصلاحيين من المشاركة، لكنهم في الوقت نفسه يتخوفون من ذلك ويسعون إلى طرح بعض الأسماء والجماعات على الساحة بما يزيد من سخونة الانتخابات وحل الأزمة".
3- كما أسلفنا فقد قدم التيار الاصلاحي وجوه تُعرف بالمعتدلة (محمد خاتمي) وترشيح شخصيات تتمتع بالمكانة الشعبية (حسن الخميني) بما يزيد من فرص حصولهم على إجازة مجلس الخبراء للترشح للانتخابات البرلمانية.
4- موقف المحافظين من شروط خاتمي: أثارت شروط خاتمي غضباً عارماً بين أوساط التيار الإصلاحي، حيث وصفها نائب رئيس البرلمان محمد رضا باهنر أحد أبرز وجوه التيار المحافظ، بالمثيرة للسخرية. وأضاف في مؤتمر صحفي:" من المسلم أنه بإمكان التيار المحافظ الذي يقبل بالدستور، ويؤمن في نظام الجمهورية الإسلامية، المشاركة في الانتخابات، ونحن نتمنى منهم المشاركة، لأنهم بعضهم يرى ضرورة مقاطعة الانتخابات. وأنا أقترح عليهم تقديم تعريف جامع شامل للتيار الإصلاحي كما فعل التيار المحافظ".([20])
بدوره رحب حجة الاسلام مصطفی پورمحمدی رئيس جهاز المباحث العامة الإيراني بمشاركة كافة الأطياف المخلصة للثورة في العملية الانتخابية، وقال:" لا يجب أن نضع شروطاً للمشاركة في الانتخابات، لأنه على الآخرين تكييف أنفسهم مع النظام والثورة. فلطالما أكد الإمام الخميني (رضى الله عنه) ومقام المرشد على الإلتزام بالقانون، وعليه فنحن نعمل وفقا للقانون وليس أي شيء آخر".([21])
في النهاية لا شك أن التيار المحافظ يعاني من الخلافات والانشقاقات رغم تشديد المرشد على وحدة الصف. ومن المحتمل أن غموض موقف الاصلاحيين يسهم بشكل أساسي في توسيع هوة الخلاف بين أعضاء المحافظين. لكنا نظن أن السبب الرئيسي يكمن في شعور التيار المحافظ بالاحباط من دعم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وتسليمه السلطة، والخوف منه في نفس الوقت من التضخم بعد شائعات عن محاولات الأخير تسليم السلطة إلى صهره اسفنديار رحيم مشائي المرفوض تماماً من أعضاء التيار المحافظ. وهو ما أدي إلى تشعب الخلافات بين السلطات الثلاث في الجمهورية الإيرانية. ويسود اعتقاد داخل أوساط المحافظين بأن نفوذ التيار المنحرف كان سبباً في عدم تشكل وحدة كاملة بين الأصوليين في الانتخابات البرلمانية الثامنة. والتيار الاصلاحي يعي هذا الأمر جيداً، ويرواغ للحصول على المزيد من المكتسبات، خاصة مع حرص التيار المحافظ على مشاركة الاصلاحيين في الانتخابات. لهذا لم يتحدد حتى اللحظة موقف الاصلاحيين الرسمي من المشاركة في الانتخابات البرلمانية في دورتها التاسعة.
الكاتب استند في تحليله للمشهد السياسي الي
[1]- وكالة أنباء ايلنا، 24 مارس 2011


