حمى البحث عن الذهب" اسم فيلم شارلي شابلن يعود إلى الذاكرة اليوم، بعد توصل القوى الغربية وإيران إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وهي الخطوة الأولى لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
إلا أن الهرولة الغربية إلى طهران، بدأت على الفور، وقبل استكمال الإجراءات اللازمة لتطبيق الاتفاق، وبدأ ما يمكن أن نصفه بـ"حمى البحث عن الذهب" مع زيارة وفد ألماني هام يضم عددا كبيرا من رجال الأعمال وعلى رأسه سيغمار غابريال وزير الاقتصاد ونائب المستشارة الألمانية، والذي وصل إلى طهران بعد خمسة أيام من توقيع الاتفاق في فيينا، ذلك إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تاريخية، ولكن العقوبات أثرت سلبا، بصورة كبيرة، على هذه العلاقات حيث تراجعت التعاملات التجارية بين برلين وطهران من ثمانية مليارات يورو في 2003 ـ 2004 إلى 2.4 مليار يورو العام الماضي.
رئيس الغرفتين التجارية والصناعية الالمانية ايرك شفيتزر، كان واضحا بشأن الطموحات الألمانية، عندما أكد أن التجارة الثنائية بين البلدين يمكن أن تتضاعف أربع مرات خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة بحيث تصل إلى نحو 10 مليارات يورو.
الجمهورية الإسلامية بعد سنوات طويلة من العزلة الاقتصادية بحاجة ملحة لتحديث البنية الصناعية وخصوصا في مجال النفط، حيث تتمتع إيران برابع أكبر مخزون للنفط في العالم وبثاني أكبر مخزون للغاز، ووزارة النفط الإيرانية أعلنت أنها تعتزم استقطاب ما يصل إلى 100 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية لتحديث قطاع النفط الذي يعاني منذ أكثر من عشر سنوات.
السوق الإيراني مغري وجاذب للاستثمارات الأجنبية بصورة مشابهة للسوق السعودية، وفق ما يؤكد المستثمرون، أولا بفضل موقعه الجيوسياسي، وثانيا لتنوع احتياجات السكان واستقرارهم الاقتصادي، ويتعلق الحديث بسوق يبلع تعداد سكانه 78 مليون نسمة.
ونظرا لأن الحديث يتعلق باقتصاد يبلغ وزنه 400 مليار دولار، فإن العديد من المستثمرين يتسابقون على إنشاء صناديق استثمارية مخصصة لإيران، ويركزون على الشركات متعددة الجنسيات المتواجدة بالفعل في هذا البلد. وقد بدأ البعض، بالفعل، في الاستثمار في بورصة طهران التي بلغ حجم الاستكتاب فيها 100 مليار دولار، قبل رفع العقوبات الاقتصادية عن الجمهورية الإسلامية. شركة First Frontier Capital ومقرها في لندن أنشأت صندوقا استثماريا مخصصا لهذا البلد، ويؤكد خبراء الشركة أن الاستثمارات ستتدفق على السوق الإيراني خلال الأشهر المقبلة، حتى أنهم سيبدءون في ذلك خلال شهرين ويأملون أن يصل حجم استثماراتهم 100 مليون دولار قبل نهاية عام 2015.
يبقى أن الاستثمار وإدارة الأعمال في الجمهورية الإسلامية لن يكون مشابها لما يحدث في بلدان أخرى، وقد لا يكون بالعملية السهلة، ذلك إن وزير الاقتصاد الألماني اكتشف ذلك، في أول زيارة له إلى طهران بعد توقيع الاتفاق، عندما أكد على ضرورة تطوير التعاون بين البلدين، شرط احترام أمن إسرائيل، فتلقى ردا إيرانيا سريعا، ولم تعبأ السلطات الإيرانية كثيرا بأصول التعاملات الدبلوماسية.