خرجت المؤسسة العسكرية في الجزائر عن تحفظها لأول مرة، وطلبت من الصحفيين عدم وصفها بـ"الصامتة الكبرى" في مقالاتهم، وربط مراقبون بين بيان الجيش وبين المواعيد السياسية المقبلة، وقرأوا فيه إشارة من الجيش بأنه "لن يسمح لأحد بالحديث باسمه أو الزج به في أتون السياسة مرة أخرى".
ويأتي بيان الجيش الجزائري، الذي فاجأ مراقبين كثيرين، قبيل الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن يفوز بها الإسلاميون في الجزائر، كما حدث عام 1991 وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها.
وقبل أيام، تعالت أصوات مسؤولين سابقين رافضة وصول الإسلاميين إلى الحكم في الجزائر، كما هو الشأن مع رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك الذي صرح الأسبوع الماضي، بأنه يرفض عودة الإسلاميين، قائلا: "لا فرق عندي بين إسلامي معتدل وآخر متطرف".
الجيش منفتح على وسائل الإعلام
وبالعودة إلى بيان الجيش الجزائري، فقد أوردت وكالة الأنباء الجزائرية، أن وزارة الدفاع وجهت رسالة إلى وسائل الإعلام، دعت فيها إلى ‘تسمية الجيش باسمه حتى عندما يتعلق الأمر بتوجيه الانتقادات له، وعدم وصفه بـ’الصامتة الكبرى’. واعتبرت وزارة الدفاع هذا الوصف ‘غير مناسب وغير لائق، ويتناقض مع حقيقة هذا الجيش الذي ضحى بالنفس والنفيس من أجل استرجاع السيادة الوطنية واستقلال وبناء الجزائر القوية والعصرية’.
وجاء في الرسالة أن ‘عددا من الصحفيين الجزائريين ينعتون الجيش الوطني الشعبي، سواء بسبب الرغبة في التميز أو لعدم إعطاء الأهمية لانتقاء العبارات الملائمة بـالصامتة الكبرى، رغم أنه أصبح بعيدا كل البعد عن هذه الصفة’.
وأفاد الجيش في رسالته بأن وصف الصامتة الكبرى ‘يتناقض مع الانفتاح الكبير الذي تبنته المؤسسة العسكرية في التعامل مع وسائل الإعلام في إطار عصرنتها، حيث عملت دوما على تعميق الصلة والثقة ورسم أروع صور التضامن والتلاحم بين الجيش الوطني الشعبي والمواطنين’.
وحسب بيان الجيش الجزائري، فقد أطلق وصف ‘الصامتة الكبرى على جيوش كثيرة في العالم إلى غاية الحرب العالمية الثانية، بسبب منعها من حق الانتخاب والتعبير، وهي الظروف التي جعلتها منعزلة عن المجتمع، وقليلة الاتصال معه، إلا أنه بعد هذا التاريخ شهد العالم تحولات عميقة، وأضحى للعسكريين الحق في التصويت والتعبير’.
الجيش صانع الرؤساء
ودأبت صحف الجزائر، خصوصا الناطقة باللغة الفرنسية منها، على انتقاد مؤسسة الجيش، حيث تتهمها دائما بالتدخل في الشأن السياسي. وتبرر الصحف اختيار تعبير "الصامتة الكبرى" على اعتبار أن "الجيش يقرر في صمت وفي الخفاء أيضا".
وتصف الصحف، التي تحظى بهامش واسع للنقد، الجيش بأنه "صانع الرؤساء" الفعلي، حيث ظل رؤساء البلاد يتم اختيارهم من قبل المؤسسة العسكرية بداية من أول رئيس وهو أحمد بن بلة وصولا إلى الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي رشحه الجيش لتولي مقاليد الحكم عام 1994 لكن بوتفليقة تراجع في آخر لحظة، ليتم الاستنجاد بالجنرال اليمين زروال، قبل أن يعود بوتفليقة رئيسا مرة أخرى عام 1999، بصلاحيات أوسع.