دراسة إسرائيلية : مصر وإيران لن يسيروا سويا
كتب – أمير عبدالكريم
فى دراسة أعدها مركز دراسات الأمن القومى الإسرائيلي عن إحتمالات التقارب بين القاهرة وطهران فى أعقاب وصول "محمد مرسي " – رجل الإخوان المسلمين- للحكم فى مصر ، أوضحت الدراسة أن إيران رأت مع بدايات الربيع العربي الفرصة السانحة أمامها لتغيير توازن القوى فى منطقة الشرق الأوسط ولتحسين وضعها ، خاصة مع مصر التى كانت تعتبر مكون رئيسي فى محور الدول العربية المعارضة لإيران . وأشار التقرير إلى بعض الأصوات التى تعالت فى مصر فى أعقاب إسقاط نظام "مبارك" بضرورة عودة العلاقات مع إيران – إيران التى أطلقت إسم أحد مغتالى السادات على شارع فى العاصمة طهران – ورأت بعض المصادر السياسية المصرية ضرورة تقارب القاهرة مع النظام الإيراني .
وأوضح التقرير أن إيران إنتهزت الفرصة مع بدايات الثورة فى مصر وقامت بتمرير سفن حربية تابعة لها من قناة السويس لأول مرة منذ ثلاثون عاما ، وباركت هذه الخطوة من قبل النظام المصري الجديد ، وقامت بالعديد من المحاولات لإستئناف العلاقات مع مصر من جديد ، ولكن يبدو أنها جميعا ذهبت سدى .
ورأي معدي الدراسة ، وهما "شلومو باروم" و"يوئيل جوجنيسكي"، أن إيران إستغلت فرصتها الأكبر مع سقوط أكبر أعدائها "حسني مبارك" ، وكانت من أولى الدول التى هنأت الرئيس الجديد "مرسي" على وصوله للمنصب . وأعقبها تصريحات وزير الخارجية الإيراني "على أكبر صالحي" بأن وصول "مرسي" هو الطاف النهائي للثورة الشعبية .
وتسائل عن إمكانية أن حدوث تغيير فى السياسية التى أنتهجها "مبارك" على مدار ثلاثون عاما ، وتغيير العلاقات بين الإخوان المسلمين وبين النظام الإسلامي فى طهران ، وهل سيؤدي لتغيير موقف مصى فيما يتعلق محاربة المحور الإيراني والعناصر المؤيدة له اوبين التى السنية التى تحارب المد الشيعي وعلى رأسها دول الخليج العربي . وهو التغير الذي سيلزم دول إظهار أي جانب ستدعم ، مثل قطر التى حاولت فى الماضي المراوغة بين المعسكرين فى ظاهر إنها تعارض طهران .
وأكد الباحثان أنه من الناحية الإيديولوجية ، فإن صعود الإخوان المسلمين للسلطة فى مصر لا يؤكد إستمرار "شهر العسل" فى العلاقات مع إيران ، وليس لأن هناك أراء ساذجة فى أوساط "الإخوان" فيما يتعلق بالتقارب مع طهران . يذكر أن هنا أعضاء بارزين فى قيادة الجماعة يرون فى أهمية الدور الإيراني فى قيادة معسكر المعارضة . وقالوا أن كون جماعة الإخوان "سنية" واضحة التوجهات ، فإن ذلك يجبرها الإلتزام بتعاليم السنة التى لها علاقة سلبية بالتيار الشيعي .
وأكدا على أن جزء رئيسي من الهوية المصرية هو أنها تري فى نفسها دولة عربية رئيسية تقود العالم العربي ، وأنه ليس من الواضح بعد كيف سيتطور الصراع بين "مرسي" وبين المجلس العسكري ، وهل ستسمح الصلاحيات الجديد للرئيس بتغيير السياسات الخارجية والأمنية بشكل جزري فى مصر. مشيران بأن المجلس العسكري المصري لم يغير سياسته الأمنية أو الخارجية الخاصة بمصر ، ومازال يري فى إيران وحلفائها أعداء للمصلحة القومية المصرية .
لذلك فيري الباحثان أن السياسيات المصرية المتعلقة بإيران ، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ستسمر مع وجود المجلس العسكري خاصة فى ظل وجود الإعلان الدستورى المكمل الذي منحه العديد من الصلاحيات . لكنهم أيضا أشاروا أن حكومة الإخوان المسلمين سيغيروا الموقف المصري الخاص بحركة حماس ،الإبن الشرعي للجماعة، ولكن هذا لن يلزمها بالضرورة لتغيير سياستها تجاه إيران .
وأشارت الدراسة أن "مرسي" يدرك جيدا مخاوف المملكة العربية السعودية تجاه التقارب مع إيران ، وأنه لا يريد الإضرار بالعلاقات بين الدولتين العربيتين ، خاصة فى ظل الإقتصاد المتدهور الذي تعانى منه مصر . وإعتبرت الزيارة الأولى للرئيس "مرسيط للسعودية أنها رسالة واضحة لتؤكد فى أي جانب تقف مصر .
وشكك أن مصر على إستعداد أن تدفع ثمن تقاربها مع إيران على حساب علاقتها مع دول الخليج العربي والولايات المتحدة أيضا . وربما يتم إستئناف العلاقات بين مصر وإيران كجزء من السياسيات المصرية الجديدة فى أعقاب الثورة ، لكنه من الصعب أن تجري القاهرة علاقات حميمة مع طهران ، لأن ذلك يمكنه أن يعزل مصر من الناحية العربية ، وتلحق الأذي بوضعها القيادي فى المنطقة وسيلحق أيضا أضرار بالغة فى مصالح مصر فى دول الخليج وسيحرمها من المساعدات التى تأتى منها .
وفى نهاية الدراسة يري الباحثان أن إسرائيل لديها مصلحة مزدوجة ، فمصر ستعمل فى سيناء لمقاومة تهريب الأسلحة لغزة ومكافحة الخلايات الإرهابية هناك ، وأيضا سيتواصل إنضمامها لمعسكر المعاداة لإيران . وأوضحا أن إسرائيل ليس لديها القدرة فى التأثير على القرار المصري ، لكنه من المحتمل أن العلاقات التى ستتبلور بين القاهرة وتل أبيب ستكون ذات تأثير كبير على إتخاذ قرارات متعلقة بمستقبل العلاقات المصرية الإيرانية .