اخبار-وتقارير
د. محمد البرادعى هو رجل المرحلة القادمة اذا ما تخلى عن حالة التدلل التى يمارسها
كتب : احمد فتحى
هل تغيير قيادات الجيش هو الخروج الآمن الذى سعت له قيادات المجلس العسكرى ؟
الذى حدث يعد استكمالا لخطة الاخوان للسيطرة على مفاصل الدولة واختراق الجيش ، مما استلزم التخلص من القيادات القديمة "طنطاوى وعنان" ، وتشتيت باقى قيادات المجلس العسكرى فى وظائف اخرى ، وتصعيد قيادات جديدة من الصف الثانى يكون ولائها للاخوان وللرئيس الجديد .
هل تعتقد ان هناك صفقة تم عقدها بين المجلس العسكرى والاخوان اثمرت عن التغييرات الاخيرة ؟
لا توجد اى صفقات وانما ما حدث يعد حلقة من حلقات الصراع لإختطاف الثورة من صناعها الحقيقيين ، والتى بدأت منذ نجاحها ، حيث وقعت الثورة بين قوتين لم يشاركا بها منذ بدايتها ، وان حاولوا اظهار عكس ذلك ، فالمجلس العسكرى لم يشارك والاخوان جاءوا متأخرين ، وخلال 15 شهراً دارت اشواط لعبة "القط والفأر" بينهما لإزاحة الثوار وسرقة مصر .
ما هو تقييمك لدعوات بعض القوى السياسية للمشاركة فى مظاهرات 24 اغسطس ؟
ارى انها تمثل انذار بأن الدولة المدنية فى خطر ، وتنبيه بأن الشعب لم يعد يخشى شيئاً فكما اسقط مبارك فبإمكانه ان يسقط اى نظام آخر ، وانا اعتبر ان مجرد الدعوى لهذه التظاهرات يعد نجاحاً لمصر للعبور لمرحلى التحول الديمقراطى ، فالكل اصبح له الحق فى الاحتجاج والتعبير عن رأيه .
هل ترى ان تظاهرات 24 اغسطس سوف تؤتى ثمارها ؟
اعتقد انها لن تنجح ، لأن الاخوان اخرسوا جميع الاصوات التى يمكنها ان تنتقد سياساتهم ، وتحشد للمشاركة فى تلك التظاهرات ، والدليل ما حدث مع قناة الفراعين وجريدة الدستور ، فبعيداً عن اتفاقنا او اختلافنا مع اسلوبهم فى النقد ، الا انهما كانا يستطيعان خلق حالة من التجاوب لا يمكن تجاهلها ، فبعيداً عن سطحية وسذاجة قناة الفراعين الا انها بالرغم من ذلك تحظى بنسبة قبول ومشاهدة لدى شريحة معينة من ابناء الطبقة الدنيا والمتوسطة ، كانت تستغلها فى تحقيق اهدافها ، وسوف نرى ما سيحدث فى قادم الايام .
ما هو تقييمك لأداء د. محمد مرسى خلال الفترة الماضية ؟
اعطى له تقدير 55% ، اى انه تعدى درجة النجاح "الدنيا" بـ 5% فقط ، وهذا يمثل نجاحاً حتى الآن ، واستطاع تحقيقه لعده اسباب منها انه حقق "تماساً مقبولاً" مع الشعب فى عدة مناسبات ، كما نجح فى اتخاذ عدة قرارات ناجحة ابرزها حركة التغييرات التى شهدتها القوات المسلحة والشرطة العسكرية ومن قبلهما المخابرات ، فكانت "ضربة معلم" بحق ، وكلها اثبتت ذكاءاً شديداً وقدرة على اختيار التوقيت "المناسب والمفاجئ" ، مثل اختيار توقيت الاعلان عن تغييرات المجلس العسكرى والذى كان قبل الافطار بساعة واحدة فقط ، مما احبط اى ردود افعال مضادة ، علاوة على قيامه بـ "تكريم" من تخلص منهم ، فى واقعة قريبة الشبه بـ "مذبحة القلعة" ، والتى كررها مرسى ولكن بصياغة وديناميكية جديدة تتماشى مع القرن الواحد والعشرين .
هل سينجح "الاسلاميين والاصوليين" فى الاستحواذ على البرلمان فى الانتخابات المقبلة ؟
لا اعتقد ذلك ، فمن اعطى لهم صوته فى المرة السابقة بداعى انهم "بتوع ربنا ومظلومين" وخيبوا ظنه ، لن يكررها مرة اخرى ، واتصور ان يحصل الاخوان والسلفيين سوياً على 45 الى 50 % فقط من المقاعد البرلمانية فى الانتخابات المقبلة ، بعد ان استحوذوا على 85 % فى الانتخابات الماضية .
تقييمك للقوى السياسية والليبرالية الموجودة حالياً ؟ وهل يمكنها ان تكون "حائط صد" ضد التيارات ذات المرجعية الدينية ؟
هى تيارات قوية لا شك فى ذلك ، ولكنها "ضعيفة" بسبب تشتتها وتشرذمها ، وقد تنجح اذا ما تخلت عن مصالحها الضيقة ، والتفت حول قيادة "مؤهلة" ، يمكنها ان توحد جهودها ، لتكون حائط صد وقوة ضاغطة .
من وجهة نظرك من هو الشخص الذى يصلح للقيام بمثل هذا الدور القيادى ؟
د. محمد البرادعى هو الأقرب لذلك ، فهو ليبرالى حقيقي وسينجح فى ذلك ، اذا ما تخلى عن حالة "التدلل" التى يمارسها ، وكان جاداً فى خدمة بلاده ، من خلال صياغة برنامج جذاب ، يحوذ على رضا وقبول جميع التيارات والنخب السياسية الموجوده .
هل يستطيع الرئيس الانسلاخ عن الجماعة ؟
لا اعتقد ذلك ، فالرئيس لن يستطيع الانسلاخ عن الاخوان ، فهو قد يخرج عن "الجماعة" ولكنها لن تخرج منه ، فهى فى جلده لمدة 30 عاماً فكيف ينسلخ عنهم .
هل سيصمد الرئيس ويمضى فترة ولايته الاولى بنجاح ؟
قد يستطيع الصمود اذا ما استطاع العبور بالبلاد ، خلال الـ 6 اشهر القادمة بسلام ، واذا استطاع ان يغلق الملفات الشائكة التى لازالت مفتوحة منذ قيام الثورة .
ماذا تقصد بالملفات الشائكة ؟
بالطبع اقصد استمرار حالة الانفلات الامنى والتجرؤ على هيبة الدولة والانهيار الاقتصادى والصحى وغيرها الكثير .
هل تعاون الاخوان مع الامريكان لتنفيذ مخطط "الشرق الاوسط الجديد" مقابل مساتندتهم فى الوصول للحكم فى دول الربيع العربى ؟
ليس هناك ثمة علاقة بينهما ، فثورات الربيع العربى كانت ثورات عربية صرفه ، تأخرت 10 سنوات عن موعدها ، وكان من المفترض ان تحدث مع ثورات دول شرق اوروبا ، وتأخرت هذه السنوات لأن "المستبدين العرب" كانوا يتعلمون من بعضهم ، وكانوا جميعاً يستخدمون القضية الفلسطينية كـ "قميص عثمان" للاستمرار فى الحكم .
هل نجحت الثورة فى تحقيق اهدافها ؟
التاريخ يؤكد ان كل الثورات التى حدثت فى الماضى ، مرت بفترات ضعف وقوة ، ونجحت فى تحقيق بعض اهدافها وفشلت فى تحقيق البعض الآخر ، والثورة المصرية نجحت فى ازاحة نظام فاسد جثم على صدور المصريين طوال 30 عاماً ، كما انها نجحت فى ازاحة وكسر جدار الخوف الذى احاط به المصريين انفسهم ، وكانت افضل نجاحاتها هى "تسييس الشعب" ، الذى لم يكن يجرؤ على مجرد الكلام او التعبير عن رأيه ، اما اكبر اخطائها فهى ان صانعوها قاموا بتسليمها طواعية الى من لم يقوموا بها ولم يشاركوا فيها .
كيف حدث ذلك ؟
هناك امثلة عديدة لعمليات "الاختطاف والسطو" على الثورات ، وهناك نماذج شهيرة سجلها التاريخ ، وليست الثورة الروسية ببعيدة عنا ، تلك الثورة التى حدثت في روسيا عام 1917 ، وكان لها الدور الأبرز في تغيير مجرى التاريخ ، وقامت بها الجماهير الروسية الجائعة ، والتي أنهت الحكم القيصري وحلت مكانه حكومة مؤقتة ، مما أدى إلى إنشاء الاتحاد السوفياتي ، ففى البداية قامت الثورة الأولى في فبراير 1917 ، ولم يمرسوى 7 اشهر حتى تمكن "البلاشفة" وهو مصطلح يعنى بالروسية الفصيل الصغير" من القيام بثورة ثانية خلال شهر أكتوبر ، ازالوا خلاله الحكومة المؤقتة واستبدلوها بحكومة اشتراكية ، وسيطروا على جميع مفاصل الدولة الروسية ، لتتحول اسمها من الثورة الروسية الى الثورة البلشفية ، تلا ذلك الفصل الأخير من الثورة وهو الحرب الأهلية الروسية.
هل هناك امثلة اخرى ؟
بالطبع فهناك الثورة الايرانية التى قام بها شباب مجاهدى خلق لازاحة النظام الملكى للشاه محمد رضا بهلوى ، ثم استطاع "ايه الله" روح الله الخمينى الذى لم يكن مشاركاً فى الثورة وكان منفياً لمدة 14 عاماً خارج ايران ان يستولى عليها فى مرحلتها الثانية بعد مرور بضعة اشهر من قيامها ، بعد ان تمكن من كسب تأييد جميع القوى السياسية له ، قبل ان يطيح بالجميع ، ويشن حملات اعتقال قمعيه ضد معارضيه بعد وصوله للحكم ، وهو ما كرره الاخوان حرفياً ، فبعد ان وعدوا اغلب القوى السياسية بالمشاركة فى صنع القرار ، تنصلوا من كل ذلك حالما وصلوا للسلطة .
كيف تنجح الثورة ؟
عندما تعود لمن صنعوها ، وعندما يلتف الجميع حول هدف واحد ، وهو الارتقاء بمصر ووضعها على الطريق الصحيح .