الفيوم : حسين فتحى
رحلة غريبة ومثيرة بدأت منذ نصف قرن داخل مقابر قرية أبو جندير بمركز إطسا بالفيوم بدأها الشيخ مصطفى حميدة عبد المولى ، الملقب بمصطفى المهدى نسبة للإمام العارف بالله المرحوم الشيخ المهدى المتصوف، فى عام 1953 ، هذه الرحلة تحتوى على كثير من الأسرار والحكايات والغرائب أيضا ، هذا الرجل الذى ولد فى عام 1929 بقرية منشأة فيصل التى تبعد ما يقرب من 3 كيلو مترات من مقر إقامته الحالية داخل المقابر كان والده الشيخ حميده عبد المولى خادم البوابة الخضراء بمسجد سيدنا الحسين والذى مكث بها لمدة 7 سنوات ، تعلم ابنه مصطفى على يديه فضائل الإسلام ، وبالرغم من عدم إجادته القراءة والكتابة إلا أنه حفظ القرآن الكريم فى 7 سنوات فى كتاب القرية ، وتبقى له 5 سور أكملها فى منزله ، وكان عاشقا ومريدا للشيخ مصطفى المهدى – وهو أحد رواد الطريقة الجنيدية الخلواتية الصوفية وكان شيخه الأكبر أبا القاسم البغدادى المدفون بالعاصمة العراقية بغداد وهو سيد الطائف وإمام المتصوفين – الذى توفى فى عام 1958 وورث اللقب عنه ، وحبا فيه ووفاءا لعهده أقام له ضريحا وسط المقابر الصغيرة أعلى تبة ، ثم شيد مسجدا فى ذات العام الذى توفى فيه الشيخ الكبيرعلى نفقته الخاصة من ريع أرضه . الشيخ مصطفى الذى رفض الزواج وفضل حياه الزهد وطلق الدنيا وما عليها وأصبح يقيم فى مسجده وسط الأموات ليصبح واحدا من أشهر أولياء الله على قيد الحياه فى الفيوم ، والذى يتوافد عليه كبار الشخصيات السياسية والفنية والتنفيذية والدينية والإعلامية والأمنية من كل أنحاء مصر والعالم العربى ، من بينهم وزير داخلية سلطنة عمان الأسبق وسفير المملكة العربية السعودية الأسبق بالقاهرة ، والشيخ عبد الرحيم الشعرواى نجل المرحوم الشيخ محمد متولى الشعراوى ، ومحافظو الفيوم بداء من الدكتور عبد الرحيم شحاتة مرورا بالدكتور فاروق التلاوى الذى ساهم فى تطوير مدخل المقابر والمسجد وأقام التكاسى حوله للحفاظ على المسجد والضريح وأمده بالكهرباء والمياه .
وكان أخر من زاره المهندس احمد على احمد محافظ الفيوم الحالى و الدكتور سمير سيف اليزل محافظ بنى سويف السابق ، كما يحضر عدد كبير من الفنانين ورجال الأعمال وأعضاء مجلسى الشعب والشورى بالإضافة إلى الشخصيات العامة التى تأتى إليه من جميع محافظات مصر. هذا الرجل البسيط الذى يرتدى الجلباب ويعيش على ما تيسر من الطعام صيفا وشتاء وان كان غذاءه " الكشك" ولا يرتدى فى حياته منذ أن أقام فى المسجد إلا 3 جلابيب ، ولم يترك مكانه من المسجد سوى 3 مرات ، الأولى لتوديع جنازة والده والثانية عام 1934 لاداء فريضة الحج والثالثة عند مرضه وذهابه إلى طبيب الاسنان بالقاهرة ، وبخلاف ذلك فهو يقيم وسط المقابر التى تمتلئ بالذئاب والثعالب ومن حولها الزراعات من كل جانب وحيدا لكنه فى قناعته الشخصية يقول أن الله هو الحارث الأمين .
الشيخ مصطفى كلماته بسيطة ودعواته مقتضبة لكل من يحاول التبرك به حيث يتوافد عليه المئات بعضهم يريد البركة والبعض الأخر يتمنى الشفاء من الأمراض التى تصيبهم خاصة العقم ، ولا يفعل شئ سوى الدعاء .
والشيخ مصطفى لا يدعى الدجل والشعوذة ولا يؤمن بالسحر والدروشة ومن المثير أن ريع أرضه من 5 افدنة ورثها عن والدة ينفقها على الفقراء ويساهم فى نفقات زواج بنات الأسر الفقيرة ، والإنفاق على بعض تلاميذ المدارس ويرعى الأيتام وكأنه جمعية خيرية ، كما يساهم بكل ما يأتى إليه من تبرعات فى أعمال الخير ولا يقبل منها جنيها واحدا.
يقول الشيخ مصطفى المهدى فى كلمات بسيطة ومتقضبة مكثت فى مكة المكرمة 62 يوما أديت خلالها فريضة الحج فى عام 1934 وقطعت المسافة من القاهرة إلى هناك مستقلا الجمال أنا ووفد من الحجيج وأنفقت خلالها 45 جنيها كنت أكنزها لزواجى من حصيلة بيع " جاموسة وبقرة ".
ويقول عنه الشيخ طه إبراهيم موسى نائب الطريقة الخلواتية ، أن اشهر من زاروه الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر الأسبق وعبد المنعم السكرتير الخاص للرئيس الراحل جمال عبد الناصر والشيخ أحمد الجنيدى رئيس الطريقة الجنيدية الخلاوتية فى جمهورية مصر العربية ومقرها الميمون بمحافظة بنى سويف ، ومن القيادات الأمنية المرحوم اللواء محمد مهران مدير امن الفيوم الأسبق وعضو مجلس الشعب عن دائرة محافظة المنيا الذى لم ينقطع اتصاله به إلا عند وفاته فكان من مريديه .