أخبار وتقارير

ستراتفور : روسيا في سباق تسلح جديد مع الغرب رغم الجهود الدبلوماسية

رغم كل المفاوضات التي جرت بين روسيا والغرب، طوال العام الماضي، من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، بدا أن الأخبار التي وردت أمس من موسكو كفيلة بتذكير الجميع بأن الجانبين ما زالا بعيدان كل البعد عن التوصل لأي حل جاد.

أعلن بوتين عزم روسيا إضافة أكثر من 40 صاروخاً باليستياً إلى ترسانة بلاده النووية للعام الجاري وكان نائب وزير الدفاع الروسي، آناتولي آنتونوف، صرح بأن الناتو يدفع روسيا نحو خوض سباق تسلح، مشيراً إلى خطط الكتلة العسكرية الغربية بنشر طائرات إف 22 الحربية وغيرها من العتاد العسكري في دول تقع في وسط وشرق أوروبا، فيما أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن عزم روسيا إضافة أكثر من 40 صاروخاً باليستياً إلى ترسانة بلاده النووية للعام الجاري، وفي وقت سابق، قال مسؤول دفاعي روسي بأن موسكو سوف ترد على تكديس الأسلحة والتدريبات العسكرية، التي أجرتها الولايات المتحدة والناتو على طول الحدود الروسية. 

توتر في العلاقات وبداية مرحلة
ولكن مجلة "ستراتفور" للتحليلات الجيوسياسية، ترى بأن تلك التطورات الأخيرة لا تعكس شيئاً جديداً، حيث أصبحت التدريبات العسكرية ونشر الأسلحة من قبل كل من روسيا والغرب أمراً معتاداً، إبان فترة من التوتر لم تشهد لها العلاقات بين الجانبين مثيلاً منذ نهاية الحرب الباردة، وعلى الرغم من حرص كلا الطرفين على إظهار ضبط النفس بالمقارنة مع الحرب الباردة، وابتعادهما عن سباق التسلح، فإن التوتر لم يهدأ منذ بدء الأزمة الأوكرانية قبل 18 شهراً، وتبعاً لذلك بدأت مرحلة جديدة في علاقتهما. 

أشارت الانتفاضة الأوكرانية في فبراير(شباط) 2014 لبداية مرحلة جديدة، وسرعان ما تبع الثورة تشكيل حكومة جديدة موالية للغرب في كييف، وقيام روسيا بضم إقليم القرم، وبداية تمرد موالٍ لروسيا في شرق أوكرانيا، ومن ثم بدأت حرب ممتدة بين القوات الأمنية الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من موسكو، وتصاعدت المخاوف من احتمال قيام روسيا بغزو أوكرانيا، أو أية منطقة أخرى كانت تتبع الاتحاد السوفييتي القديم، كدول البلطيق. 

وأدى نشر الحشود العسكرية من كلا الجانبين الروسي والأمريكي على طول الحدود الأوروبية، فيما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، إلى رد من موسكو بفرض عقوبات مضادة، ولم تطلق روسيا، ولا يحتمل أن تطلق، عملية غزو واسعة النطاق للأراضي الأوكرانية، ولكن تبادل الحملات الإعلامية القوية بين الجانبين متواصل، فيما تدنت الثقة المتبادلة إلى أدنى مستوياتها. 

تواصل دبلوماسي
ورغم ذلك، تقول ستراتفور إن العلاقات بين روسيا والغرب لم تقتصر على الجانب العسكري، بل تواصل الجانبان دبلوماسياً منذ بداية الأزمة الأوكرانية، عبر عدة أشكال، من ضمنها محادثات مينسك، حيث تمت مناقشة الجوانب التكتيكية للصراع، ومحادثات النورماندي لبحث قضايا سياسية أشمل، واللقاءات الودية المتبادلة بين روسيا وأبرز القوى الغربية، كالولايات المتحدة وألمانيا وسواهما، ولم تكن تلك المحادثات للاستعراض وحسب، بل أثمرت محادثات مينسك عن عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، رغم عدم إنهائها الصراع كلية، كما قللت تلك المحادثات من عدد الضحايا والاعتداءات على خط التماس بين المتمردين وقوات الأمن الأوكرانية.

حل مفيد
وعند التدقيق فيما تمخضت عنه تلك المفاوضات المختلفة، والتساؤل عن سبب عدم إنتاجها حلاً مفيداً، لا بد من معرفة دوافع كلا الجانبين، حيث كانت الأزمة الأوكرانية وما تبعها من مواجهة بين روسيا والغرب نتيجة لصراع بين حقيقتين ملحتين: رغبة روسيا بالحفاظ على منطقة عازلة بين محيطها السوفييتي القديم ـ وخاصة أوكرانيا ـ وبين الغرب، من أجل الشعور بالأمان ولإظهار قوتها، وهناك الدافع الأمريكي لمنع ظهور قوة مهيمنة في أوراسيا، وبالفعل حرم الصراع الأوكراني روسيا من تحقيق طموحها، فيما ساعد الولايات المتحدة على تحقيق هدفها. 

وما تبع ذلك، كان سعي روسيا الحثيث لاستعادة نفوذها في أوكرانيا، أو على الأقل، ضمان حياديتها، وفي المقابل، تريد الولايات المتحدة بدعم أوروبي متعدد المستويات، أن تضع الدولة السوفيتية السابقة تحت المظلة الأوروبية.

وتتم هذه العملية أيضاً فيما يتجاوز أوكرانيا، وتمتد إلى كامل المحيط السوفييتي السابق، حيث تقع دول مثل بيلاروسيا ومولدوفا وجورجيا وأرمينيا وتوركمنستان، والتي تبدو وكأنها تدفع وتجر بين الكتلتين المتنافستين. 

وفي اليوم الذي اتهم فيه آنتونوف الغرب بالعمل على استفزاز روسيا، سافر مسؤول أمني أرمني إلى موسكو لطلب شراء أسلحة من موسكو، وفي اليوم السابق، وقعت جورجيا اتفاقية دفاع جوي مع فرنسا، فيما قامت بيلاروسيا، بعدما شهدت نشاطاً للناتو على حدودها، بإجراء مناورات عسكرية على طول حدودها مع أوكرانيا. 

وفي نفس الوقت، يواصل الجانبان جهودهما الدبلوماسية لحل الأزمة الأوكرانية، وضمان عدم تحولها إلى حرب أكبر أكثر خطورة.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى