أخبار وتقارير

طرح إيان بريمر رئيس مجموعة يوراسيا ومؤلف كتاب ‘نهاية السوق الحرة’ The end of the Free Market، فى مقالا

طرح إيان بريمر رئيس مجموعة يوراسيا ومؤلف كتاب ‘نهاية السوق الحرة’ The end of the Free Market، فى مقالا له بفايننشال تايمز رؤية مختلفة حول الدور الأمريكى وصلت إلى حد تساءله هل حان الوقت لشطب أمريكا وتجاهل دورها؟!.. خاصة أن قوى كثيرة تعتبر أن قوة أمريكا تكمن فى اقتصادها وسلاحها وليست قيمها الديمقراطية لأنها نسبية، وقال الكاتب: تتناهى إلى سامعيَّ عبارة متكررة من الصين هذه الأيام: قوة أمريكا لا تأتي من القيم الديمقراطية ومن قيم حرية السوق التي تؤمن بها، بل تأتي فقط من حجم اقتصادها ومن قوة جنودها وأسلحتها. ويصر المسؤولون الصينيون على أنه لا يوجد أي شيء كوني فيما يتعلق بمُثل أمريكا الديمقراطية والاقتصادية. فالديمقراطية مفهوم نسبي ولدى الأسواق عادة عمرها قرون تتمثل في الخروج عن زمام السيطرة. وتظل الولايات المتحدة قوة عظمى فقط، لأن اقتصادها ما زال في القمة. ويحذرون من أن هذه الميزة ستزول قريباً.
ليس من المفاجئ أن يحب كثير من الصينيين هذه المحاججة. فهي تداعب نظامهم ونجاحهم الحالي. فليست هناك حاجة لتعددية حقيقية، أو لتخصيص واسع النطاق للشركات المملوكة للدولة. وعما قريب سيتفوق اقتصاد الصين على اقتصاد أمريكا، هكذا يقول الاقتصاديون على جانبي المحيط الهادئ. إذن، هل تعتبر أمريكا استثنائية لأنها قوية، أم أنها قوية لأن قيمها استثنائية؟ هذا سؤال يجب على الرئيس المقبل أن يجيب عليه.
إنها لحكمة مقبولة أن أمريكا في تراجع، لكن ماذا عن نقاط قوتها؟ إن اقتصادها ليس ببساطة الأضخم في العالم، بل ضعفا حجم اقتصاد الصين التي يحتل اقتصادها المرتبة الثانية، ودخل الفرد فيها أعلى من دخل الفرد في الصين، والهند، وروسيا والبرازيل مجتمعة. ورغم كل القلق بشأن تصنيف الولايات المتحدة الائتماني وظهور بدائل عن الدولار، فإن التذبذب العالمي عزز فقط هيمنته باعتباره العملة الاحتياطية. وجيش أمريكا ليس الأقدر ببساطة، بل هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تبرز القوة في كل منطقة. لقد أنفقت واشنطن على الدفاع في عام 2010 أكثر مما أنفقته الدول الـ 17 التي جاءت بعدها على هذا الصعيد مجتمعة، وحتى التخفيضات الكبيرة المتوقعة في هذا الصدد لن تقلص تلك الميزة كثيراً.
بالطبع، الولايات المتحدة تواجه تحديات هائلة. المديونية الاتحادية التي تزداد تضخماً، والبطالة العالية، وانخفاض الأجور الحقيقية عوامل تؤثر على احترامها لذاتها. والآن مطالبة الجمهوريين بحكومة أصغر جعلت الإنفاق التحفيزي الجديد مستحيلاً. وعلى الصعيد الخارجي يتعين على أمريكا أن تفعل أكثر بإمكانيات أقل. ولدى الدول النامية الآن قوة أكبر تستطيع بواسطتها أن تعيق خطط الولايات المتحدة وتعرقلها.
ومع ذلك، الاستثمار في المستقبل يمضي على قدم وساق. فلا يوجد أي بلد فيه عدد أكبر من صفوة الجامعات وكليات الدراسات العليا، ولا عدد أكبر من الشركات الرئيسية متعددة الجنسيات، ولا اختراقات أكثر في آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا. لقد بنت أحدث الشركات المبتدئة في وادي السيليكون ما يكفي من الزخم لدعم الحديث عن ‘فقاعة’ جديدة. وكان تطوير تقنيات الغاز غير التقليدية أهم ابتكار وحيد من الناحية الاقتصادية في الأعوام القليلة الماضية، وهو فتح تولت فيه الشركات التي توجد مقارها في الولايات المتحدة زمام القيادة. وكل هذه المعايير التقليدية للقوة تدل على أن البلد يعمل بشكل ممتاز.
لكن من ناحية أخرى تلقت القيم الأمريكية ضربة. كانت الولايات المتحدة قوة لا يمكن الاستغناء عنها من أجل الاستقرار والازدهار في العقود الأخيرة، ليس فقط لأن طبقتها المتوسطة هي الأكبر في العالم، أو لأن جنودها هم الأفضل تجيهزاً، أو لأن تكنولوجيتها هي الأكثر تقدماً وتطوراً. المصدر الحقيقي لأهميتها الدائمة هو أن هذه الميزات نتاج ثانوي لإيمانها بالديمقراطية الليبرالية، وبحكم القانون، وبالمشاريع الحرة المدفوعة بالسوق.
لم ينته الاتحاد السوفياتي تحت ثقل الولايات المتحدة الاقتصادي وقوتها العسكرية. لقد تمزق على يد ملايين المواطنين السوفيات الذين طالبوا بتقرير المصير الذي وعدهم به لينين في وقت من الأوقات ولم تمنحه لهم القوة السوفياية. لم تكن دبابات أمريكا، بل مُثلها هي التي هدمت الجدار في برلين.
صحيح هذه المثل بريقها في السنوات الأخيرة. فقد بدأ القرن الجديد بعمليات اقتراع مختلف عليها وبانتخابات رئاسية تقررت نتيجتها في المحكمة، وهو مشهد جعل من الصعب على الأمريكيين أن يدافعوا عن الديمقراطية في الخارج. وولدت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الدعم حول العالم، لكن فتح سجن خليج جوانتانامو، وفضيحة سجن أبو غريب، ومقتل المدنيين في هجمات تشنها طائرات من دون طيار داخل باكستان ألحقت ضرراً دائماً بقدرة أمريكا على الدفاع عن القانون الدولي وعن حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، تسبب انهيار شركتي إنرون وويرلدكوم، والأزمة المالية لعام 2008، وعمليات إنقاذ المجموعة الدولية الأمريكية AIG وشركات صنع السيارات في تقويض الثقة بالرأسمالية على الأسلوب الأمريكي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى