في صدر جريدة الأخبار كان الخبر “قررت هيئة المجلس الأعلي للصحافة في إجتماعها أمس برئاسة الدكتور أحمد فهمي رئيس
في صدر جريدة الأخبار كان الخبر "قررت هيئة المجلس الأعلي للصحافة في إجتماعها أمس برئاسة الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري توفير الدعم المالي للمؤسسات الصحفية العاجزة عن سداد مرتبات العاملين بها كما تقرر حل مشكلة الصحفيين العاملين بجريدة الشعب التي كان يصدرها حزب العمل السابق و حضر الإجتماع وكيلا المجلس محمد حسن البنا و ممدوح الولي و الأمين العام محمد نجم و الأمين المساعد قطب العربي" ..
و قبل يومين عُقد مؤتمر في نقابة الصحفيين للرد علي الفيلم المسئ للإسلام و لرسول الإسلام حضره السيد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين .. و قد إلتقي الزملاء الصحفيون بجريدة الشعب الذين يطالبون بحقوقهم الضائعة منذ أكثر من إثنتي عشرة سنة – و المعتصمون بمبني نقابة الصحفيين منذ أسبوعين – بالسيد المرشد حال دخوله المؤتمر حيث قصوا عليه مشكلتهم فأثني علي جريدة الشعب و دورها في مناهضة ظلم النظام السابق و مناصرة جماعة الإخوان المسلمين الذين أُضطهدوا أيما إضطهاد وقت الزمن السابق و أكد علي ضرورة إيجاد حل فوري لمشكلتهم بما يكفل من إعادة كامل حقوقهم الضائعة .. فجاء الخبر بعد يومين فقط بحل المشكلة التي فجرها الصحفيون العاملون بالجريدة – الذين قرروا الإضراب عن الطعام حتي الموت – و الذين طرقوا كل الأبواب لحل مشكلتهم التي يؤيدها القانون و إتفاقات سابقة معتمدة من المجلس الأعلي للصحافة السابق ..
و مع ذلك لم يشفع لهم القانون عند المجلس الأعلي للصحافة للإجتماع و حل مشكلتهم و كانت مطالبة السيد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أقوي من القانون فعقد المجلس الأعلي إجتماعه علي الفور و حل المشكلة – في إجتماع واحد فقط – بالإضافة إلي توفير الدعم المالي للمؤسسات الصحفية العاجزة عن سداد مرتبات العاملين بها و أشهرها مؤسسة دار التحرير التي تصدر عنها جريدة الجمهورية و غيرها من الإصدارات الصحفية الأخري و التي دخلت شهرها الثالث و لم يقبض العاملون بها مرتباتهم التي يتعيشون حياتهم منها ..
إن ذلك الأمر يمثل سابقة خطيرة في إدارة أزمات الصحافة و الصحفيين تحدث لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية .. إذ كيف لا يتم وضع القانون موضع التنفيذ إلا بعد طلب "شخص" – أياً من كان ذلك الشخص – ذلك الأمر .. و كيف لا يتم تفعيل دور المجلس الأعلي للصحافة ذلك الدور الذي عليه واجب القيام به بحسب قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 و الذي يُنص فيه "الباب الرابع : المجلس الأعلي للصحافة – الفصل الأول : تشكيل المجلس الأعلي للصحافة – مادة 70 : فضلا عن الاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون يتولى المجلس الأعلى للصحافة عدة إختصاصات من ضمنها اتخاذ كل ما من شأنه دعم الصحافة المصرية وتنميتها وتطويرها بما يساير التطورات الراهنة في صناعة الصحافة في العالم" و الدعم المنصوص عليه في القانون يتضمن كل اشكاله و أولها الدعم المادي حال تعثر المؤسسات في الوفاء بإلتزاماتها المالية نتيجة وقوع أي طارئ ..
و علي أساس ما حدث .. فإن الطريق الوحيد لحل أي أزمة تواجه الصحافة و الصحفيين قد تم إقراره بالإجتماع العاجل الذي عقده المجلس الأعلي للصحافة و هو طريق المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين – مع كامل الإحترام لشخصه و كل التقدير لكلمة الحق التي قالها في حق جريدة الشعب التي ناصرت الجماعة في أوج ظلم النظام السابق لها و لكل أعضائها – و ما علي أصحاب أي مشكلة تحدث مستقبلاً في مهنة الصحافة إلا اللجوء إلي المرشد لدفع المجلس إلي الإنعقاد و حل المشكلة .. و ليقم أصحاب المشكلة بعد ذلك بتوجيه كل الشكر و الثناء إلي شخص المرشد – الذي أكرر تقديري لكلمة الحق التي قالها في حق جريدة الشعب – جزاء ما ناصر أصحابها حتي تم حلها ..
إن الإجتماع الفوري للمجلس الأعلي للصحافة عقب تصريحات السيد المرشد هو أبلغ دليل علي إهانة القانون .. فأين كان ذلك الإجتماع و قراراته و أزمة صحفيو جريدة الشعب مندلعة منذ أكثر من أسبوعين و هم معتصمون بمبني النقابة .. و أين كان ذلك الإجتماع و قراراته و كل الزملاء العاملون في مؤسسة دار التحرير – صحفيون و عمال و إداريون – لم يقبضوا مرتباتهم منذ شهر أغسطس الماضي ..
إن القانون – أي قانون – تم وضعه ليتم تطبيقه بقوته و ليس بقوة الأشخاص أياً كانت مراكزهم القيادية رسمية أو غير رسمية .. و "إندفاع" المجلس الأعلي للصحافة إلي الإنعقاد "الفوري العاجل" يؤكد مقولات كثيرة عن "أخونة" الصحافة التي ترددت بقوة منذ إعلان مجلس الشوري قبل سبعة اشهر مضت نيته تغيير قيادات العمل الصحفي في مؤسسات الصحافة القومية .. كما أنه يثبت الشكوك عن أن جماعة الإخوان المسلمين لها اليد العليا التي تعلو قانون تنظيم الصحافة ..
كلمة الحق المشكورة التي قالها السيد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في نقابة الصحفيين ضاع "معناها" بالإجتماع الفوري العاجل للمجلس الاعلي للصحافة و إن لم تضع "قيمتها" .. فقد نطق بها رجل دستوره الحق ..
ليبقي القانون هو الدافع الأول لإقرار الحقوق و لتبقي قوته أشد من قوة أي شخص .. هذا إن كنا نود أن يبقي القانون علي قيد الحياة لا يرتبط وجوده بحياة أي شخص .. و ليكن الصحفيون "أسري" مهنتهم فقط و ليسوا أسري أي جهة غيرها ..