في ظل ما تعانيه مصر من فوضى أمنية متمثلة في أعمال البلطجة المستمرة ، ومحاولات إغراق البلاد بكميات هائلة من
في ظل ما تعانيه مصر من فوضى أمنية متمثلة في أعمال البلطجة المستمرة ، ومحاولات إغراق البلاد بكميات هائلة من الأسلحة والمخدرات ، وأعمال الشغب وقطع الطرقات والتوترات القبلية ، وغيرها من ملامح الانفلات الأمني – سواء كان مدبرا أو غير مدبر – .. وقبل أيام من فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة ، يدق ناقوس الخطر أبواب كل من تراوده نفسه للدخول في تلك التجربة غير المسبوقة في مصر …
الخطر ليس متمثلا فقط في محاولات للاعتداء أو الاغتيال كما وصفها البعض ، كتلك التي تعرض لها الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح المرشح المحتمل للرئاسة أو الدكتور حسن البرنس وكيل لجنة الصحة بمجلس الشعب .. وأحدهما عضو سابق بالأخوان المسلمين ، والآخر لا يزال … بل ان هناك مخاوف وتحديات أخرى ربما لم يلق لها هؤلاء المرشحون بالا ، أهمها وأبرزها حجم المسؤلية الملقاة على عاتق الرئيس القادم .. وكم الآمال المعلقة على من سيمسك بالدفة ليقود المركب .. فالأمر جد خطير وليس باليسير كما يتخيله العشرات بل المئات وربما الآلاف من الراغبين الطامحين في السلطة …
"مصر محتاجة راجل" .. هكذا يتحدث رجل الشارع العادي عن السمات المطلوبة لمن يرغب في قيادة المرحلة المقبلة .. فهي لا تحتاج إلى واعظ ولا إلى متفلسف ولا مشكك ولا إلى رجل قلبه معلق بالخارج أكثر منه بالداخل ، ولا إلى جاهل أحمق ، ولا إلى مراوغ يغير من آرائه حسب المواقف ، ولا إلى أحد رجالات النظام السابق ، تربى وترعرع على الفساد والنفاق ، ولا إلى رجل سلطة يتراجع عن مواقفه متى طلب منه ، ولا إلى ضيف شرف يقضي بمصر أياما معدودات بينما حياته ومصالحه في آوروبا وأمريكا …
فإذا استبعدنا كل من توافر به إحدى هذه الصفات أو بعضا منها من المطروح أسماؤهم لخوض انتخابات الرئاسة ، فهل سيظل بالقائمة أي من تلك الأسماء ؟؟؟ أم أننا سنجد أنفسنا بالضرورة في مأزق الاختيار ، وأمام مفاضلة بين سيء وأسوأ ؟؟ أم قد يفاجئنا القدر بغريب عن هؤلاء ينطبق عليه شرط الشارع ويكون "راجل" ؟؟؟
بمنطق المكسب والخسارة يجد الكثيرون في تولي أي منصب في مصر في تلك الفترة خصوصا في مؤسسات الدولة عبئا ومسؤلية كبيرة قد لا يقوى البعض على تحملها ، وأن ضررها أكثر من نفعها .. فلم تعد كرامات المنصب وبركاته التي تثري صاحبها في أشهر معدودات كما كانت أيام العهد السابق ، والإعلام أصبح مسلطا كالسيف على كل من تسول له نفسه مد يده على ما لا يملك ولا يستحق .. ولا سبيل لإرضاء الجميع ، فحتما سيخرج أصحاب المطالب الفئوية ليضعوا على رأس مطالبهم إقالة المسؤلين الحاليين … إذا فلم الرغبة في الترشح لرئاسة مصر إذا كانت المسؤلية هكذا كبيرة ؟؟؟
هناك عدة إجابات نحاول أن ننتقي منها أو نجمع بينها … فقد يكون لأحد المرشحين مأرب آخر غير سواد عيون الشعب المصري ، وسيجعل من إعلاء فكرته وانتصارها هدفا يفوق نظرته للإنسان المعدم الذي يسكن العشوائيات أو توفير الحرية للجيل الصاعد المتطلع لأن يكون شبيها بغيره في المجتمعات الغربية ، بل حتى الأفريقية حاليا … فقد يكون المرشح منتميا لفصيل سياسي بعينه أو مدعوما منه مثل الدكتور محمد سليم العوا وحازم أبو اسماعيل وعبد المنعم أبو الفتوح ، وثلاثتهم محسوب على التيار الإسلامي … و حمدين صباحي من اليسار و أيمن نور الليبرالي وغيرهم … يمن ـ
أو يكون المرشح محسوبا على النظام السابق بحيث يكون قد تقلد منصبا أو حصل على امتياز معين أيام حكم حسني مبارك ، ومنهم عمرو موسى الذي تولى الخارجية ومن بعدها أمين الجامعة العربية وأحمد شفيق وزير الطيران المدني الأسبق ورئيس الحكومة في فترة الثورة … وآخرون …
أو أنه قد يكون مدعوما من المؤسسة العسكرية ، وهم كثيرون ، وبالتأكيد هذا الدعم ضمنيا وغير معلن، فلم يلمح الجيش إلى مرشح بعينه .. إلا أن كل لبيب بالإشارة يفهم ….
وهناك من يقسم المرشحين تقسيما آخر ، حسب العمر ، ويضع معظمهم في قائمة الضعفاء الطاعنين في السن .. فكيف يستطيع شخص بلغ من العمر أرذله أن يخرج بمصر مما هي فيه وهو على أعتاب السبعينات أو الثمانينات ؟؟ فالبلاد محتاجة إلى شباب متفتح ذي قوة ..
فهل تحمل الايام المقبلة المفاجأة ، ويخرج علينا وجه جديد يحمل شهادة استقلاله ومؤهلاته الشخصية بين يديه ؟؟ وإن كان كذلك فكيف يمكن له خلال تلك الفترة الوجيزة أن يصل إلى الشارع لينال ثقته ؟؟ أم أنه سيلجأ في النهاية إلى كسب تأييد داخلي كان أم خارجي كي يستطيع الانتشار من خلال وسائل الإعلام التي يصفها البعض بالموجهة والمغرضة ؟؟؟
المعادلة صعبة والاختيار أصعب .. فحين يقف الناخب خلف الستار وهو يمسك بورقة الاقتراع ويفكر مائة مرة في خياراته قبل أن يعطي صوته لفلان أو فلان .. سيتعين على المرشح أو من يرى في نفسه القدرة على الترشح أن يعيد حساباته ، ويعلم أن المرحلة المقبلة ليست لجني الأرباح ، بل هي أربع سنوات من الأشغال الشاقة .. ومن يدري بعدها قد لا ينال براءته أمام ذلك الشعب المكلوم الذي عانى ولا يزال يعاني الحرمان بكافة أشكاله..