قبل ان تقرأ مواد الدستور الجديد سواء كنت من المؤيدين او من المعارضين يجب ان تعى عده اشياء بعيدا

قبل ان تقرأ مواد الدستور الجديد سواء كنت من المؤيدين او من المعارضين يجب ان تعى عده اشياء بعيدا عن الكلام الكبير الذى قد تسمعه من السياسيين او الخبراء القانونيين ..ان الدستور هو عقد بين المواطن والدولة وعلى اساسه تسير العلاقه بين المواطن وسلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ..ويجب ان تكون مواده متفق عليها ومجرد لاتنطوى على تمييز او محاباه لاى فئة او فصيل او جماعه مهما كثر عددها او علا شأنها ..فمن اجل المحافظة على الحريه والمساوة والعدل تنشأ الدساتير .
الا ان مصر كانت حاله فريده بين الدول التى وضعت دساتير لها كمظهر من مظاهر الدول الحديثه التى تسعى لدولة يحكمها القانون ، فكل من حكمها وضع الدستور وعدله على مقاس حكمة وليس على مقاس مواطنيه ..ولذلك تجد ان فى المكتبه الدستورية المصرية اكثر من 9 دساتير بينما فى الولايات المتحده المتعدده الاعراق والاجناس والاديان يحكمها دستور واحد منذ اكثر من 200 عام .
لكل دستور من الدساتير عيوبة ومزاياه اذا كنت تنوى الفحص والرجوع اليها ولكن الاخطر دائما فى الدستور هو المناخ الذى يوضع فيه الدستور وهو الذى سيمكنك من الحكم عليه وحتى تعلم ايضا اسباب سقوطة فى المستقبل !
بعد ثورة يوليو وضع عبد الناصر اكثر من دستور وكلها ارتبطت بشكل حكمة الفردى واتجاه الدولة لليسار السياسى ثم قام السادات بوضع دستور 71 ومرر ماده تأبيده فى الحكم فى مقابل وضع ماده للشريعة الاسلامية ثم قام مبارك بتعديلاته الشهيره استعدادا للوريث ثم تقوم الثورة لتزيح كل هذا العك الدستورى لتضع دستور يعبر عن ثورة شارك فيها الشعب كله .
الا ان الحاصل ان جماعه الاخوان المسلمين قرأت المشهد من بعيد قبل الباقين وقررت ان تتحكم فى وضع الدستور لتمكينها من حكم مصر لتحقق حلم مؤسسها حسن البنا ومن اجل تحقيق ذلك سعت منذ اليوم الى الهيمنه الكامله على صياغته وحكايته على مقاس الرئيس القادم من الجماعة ايا كان الشخص ولاول مرة تصاغ مواد الدستور على مقاس جماعة وليس شخص واحد .
وليتحقق لها ذلك سعت منذ اليوم لتوطيد العلاقة مع خصومهم فى العمل السياسى الاسلامى من السلفيين ليكونوا جبهة ضد القوى الثورية ومعهم القوى المدنية بتفرعاتها التقليدية " ليبراليين ويساريين وقوميين " التى لن توافق على تفصيل الدستور على مقاس الاخوان فما كان من الاخوان الا اظهار كارتهم الرابح مع الشارع المصرى المتدين لتتحول حرب الدستور الى تصفية الخصوم السياسيين تحت عنوان الليبرالين العلمانيين الكفار اعداء تطبيق الشريعة وهو ما ظهرعند هجوم مليشيات الاخوان على متظاهرى الاتحادية فى موقعة "الجبنه النيستو " الشهيرة ومحاولة شيطنه المعارضين لدستور الاخوان بوصمهم جميعا بانهم المسيحيين ليظهر كارت رابح اخر وهو الطائفية التى فاز بها الاخوان فى معركتهم الاولى حينما اتفقوا مع الجيش على تمرير الاعلان الدستورى المشترك بينهم فى مارس 2011 الذى استطاع الجيش ان يحكم به المرحلة الانتقالية ليسلم بعدها السلطة للاخوان .
دروس التاريخ تقول ان الدساتير التى لاتتوافق عليها الامم بكل مكوناتها اما ان تسقط او تنقسم وهو ما حدث فى السودان مثلا ولعل من عجائب القدر ان الدكتور محمد سليم العوا الذى شارك فى الدستور الجديد هو نفسه الذى صاغ مواد الدستور السودانى ! ..كما ان الحرب الطائفية الممارسة الان على المعارضة يعنى ببساطة ان العمل السياسى سينتهى فى مصر ليبقى على الارض الاخوان ومن يختارونهم من قوى تلعب معهم لعبة الديمقراطية بنفس قواعد النظام السابق على ان يتم تداول السلطة داخل حزب الحرية والعدالة بنفس طريقه تداول السلطة بين قيادات الحزب الشيوعى الصينى لتعود مصر مرة اخرى لسلطة الحزب الواحد ويتم ذلك بغطاء دينى دستورى يسعى الاخوان له باى ثمن تحت ستائر دخان كثيفة من الاعلانات الدستورية .
ما اقوله هنا لا تنص عليه مواد الدستور صراحه ولكنها فخخت كل المواد من اجل تحقيق ذلك فمثلا لديك الماده 114 من الدستور الجديد مثلا والتى منحت لاول مرة حق الترشح فى الانتخابات التشريعيه للهاربين من التنجيد والمتجنسين وهى مفصلة على مقاس اعضاء الجماعة والسلفيين الذين يرفضون الالتحاق بالقوات المسلحة حفاظا على ذقونهم الطويلة !
دعك من المواد وتذكر السرعة الرهيبه فى التصويت رغم المهلة التى اعطاها الرئيس مرسى نفسه لشهرين من اجل الانتهاء من الصياغة والمواد المختلف عليها وكان هناك من يسعى لغلق هذا الملف سريعا مستفيدا من الاشاده الدولية بعد انجاز غزة الذى اشادت به اسرائيل قبل الولايات المتحده !
ما اقوله هنا ليس من بنات افكارى ولكن كلها فحوى ما قاله المرشد العام السابق مهدى عاكف فى برنامج طونى خليفه زمن الاخوان والذى تحدث فيه ان الاخوان يسعون للتمثيل فى كل مفاصل الدولة دون الحديث عن حق اى فصيل اخر فى المنافسة ..وهو ما سيكون اذا اقر هذا الدستور ..فهل من اجل عوده الحزب الواحد والقرار الواحد مات 1000 شهيد ؟!

Exit mobile version