أخبار وتقارير
كلود هنري سان سيمون، فيلسوف واقتصادي فرنسي، ولد في باريس وتوفي فيها. كان كلود هنري سان سيمون مصلحاً اجتماعياً وأحد
كتب : حسام خليل
كلود هنري سان سيمون، فيلسوف واقتصادي فرنسي، ولد في باريس وتوفي فيها. كان كلود هنري سان سيمون مصلحاً اجتماعياً وأحد مؤسسي الاشتراكية المسيحية، نادى بالأخوة بين البشر وبضرورة التنظيم العلمي للصناعة والمجتمع.
ولد لأسرة من النبلاء، وكان جدُّهُ «كونت» مقاطعة سان سيمون. مالبثت أسرته أن افتقرت مما أثر في نشأته وتكوين شخصيته خارجاً على التقاليد ورافضاً مجتمع النبلاء.
مع انتصار الثورة الفرنسية عام 1789م تخلى سان سيمون عن لقب نبيل واختار لنفسه لقب الدرويش انسجاماً مع قناعته من جهة، وليتلاءم مع النظام الجديد من جهة أخرى.
عمل في التجارة مدة من الزمن مما وفَّر له ثروة غير قليلة لكنه بددها بسخاء واضطر في عام 1807م للعمل كاتباً في إحدى جمعيات التسليف ليكسب عيشه كما مدَّ له أحد خدمه السابقين يد العون.
وبعد وفاة خادمه عانى سان سيمون من صعوبات كثيرة أثرت في تحديد اتجاهاته في الكتابة، وكذلك في مواقفه السياسية المتشددة.
عام 1798م في عهد حكومة المديرين عاد سان سيمون إلى مقاعد الدراسة حيث تابع بنهم شديد دروساً
في الطب والبوليتكنيك، كما بدأ طموحه نحو الكتابة يستأثر بكل اهتمامه. كان يحلم بإصدار موسوعة جديدة إذ بدت له موسوعة ديدرو Diderot ودَلمبير d’Alembert الموسوعة التي كانت ذائعة الصيت آنذاك، غير كافية وتجاوزها الزمن.
أصدر في عام 1803م أول كتبه المهمة «رسائل من ساكن في جنيف إلى معاصريه»، انتقد فيه الثورة مشيراً إلى أن النظام القديم قد تهدم ولا بد من بناء مجتمع جديد لا يقوم على المذهب الكاثوليكي أو على فلسفة كَنت
كان سان سيمون يطمح إلى إقامة سلطة روحية فوق الحكومات تتمثل في العلم الذي يجب أن يتحول إلى دين يحل محل الكاثوليكية ويتمثل في دولة أممية فوق القوميات، عُدت في عام 1920م ملهمة إقامة عصبة الأمم
عام 1814م نشر بمشاركة تلميذه وأمين سره أوغسطين تييري كتابه «إعادة تنظيم المجتمع الأوربي» دعا فيه إلى قيام نظام برلماني في كل دولة على شاكلة ما كان قائماً في بريطانية العظمى، وكذلك إلى قيام
برلمان أوربي فوق كل البرلمانات الأوربية الوطنية (وهذه الفكرة تحققت أيضاً في الربع الأخير من القرن العشرين، بين عام 1816م و 1818م).
كان يعالج في مقالاته المنشورة في مجلة «الصناعة» القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إذ دعا فيها إلى قيام حزب وطني يعتمد على المنتجين في مواجهة أرستقراطية النبلاء
الذين كانوا يعيشون بلا أي عمل. وفي عام 1819م نشر كتاباً سمي فيما بعد «الحكمة»
منحه الشهرة، وجرَّ عليه ملاحقة السلطات، كان يؤكد فيه ضرورة العاملين وأهميتهم للأمة مهما تكن
أعمالهم في الحقول أم في المصانع في حين كان يرى أن لا فائدة للأمة في أولئك الذين
لا ينتجون سواء كانوا نبلاء أم رجال كنيسة أم ضباطاً أم قضاة.
ومع أن سان سيمون وصف بميوله الاشتراكية، لم يكن في تعاليمه ضد الرأسمالية بصورة كاملة، إذ أعطى دوراً مهماً للمالكين المستثمرين في الصناعة والزراعة والتجارة كما شدد على دور المصرفيين في تنشيط الاقتصاد الوطني.
وبسبب شدة الإحباط الذي عانى منه حاول في 9 مارس عام 1823م الانتحار بعيار ناري في رأسه مما أدى إلى فقدانه إحدى عينيه.
وبين عامي 1823و1824م نشر في أربع مجلدات كتابه «عقيدة الصناعيين» بمشاركة أوغست كونت
على ما يبدو من المجلدات الثلاث الأولى.
في هذا الكتاب طور سان سيمون أفكاره الاشتراكية فلم يعد يؤمن بالنظام البرلماني. كما أشار بوضوح إلى الدور المتنامي للطبقة العاملة في صفوف الصناعيين (كان سان سيمون يعد المالكين أصحاب المؤسسات، أياً كان مجال نشاطها من الصناعيين) مضيفاً أنه يوجد في صفوف الطبقة العاملة أشخاص قادرون على إدارة المؤسسات وتمكن مضاعفتهم بالتعليم.
وهكذا بدأت نظرته نحو تنظيم المجتمع تتغير وبدأ يرى دور العمال يتصاعد في التنظيم الاجتماعي. وفي
عام 1825م نشر كتابه «المسيحية الجديدة» الذي يعد انعطافاً في فكره الاجتماعي والسياسي. أكد في هذا الكتاب أن «هدف المجتمع يجب أن يكون تحسين مصيرالطبقة الأكثر عدداً والأشد فقراً».
بذلك يكون سان سيمون قد قفز من مناداته بالمجتمع الصناعي إلى القول بالمجتمع الاشتراكي غير أنه لم يتوافر له الوقت الكافي لتطوير فكرته عن المجتمع الاشتراكي إذ توفي بعد شهر واحد من نشر كتابه الأخير.
لكن تلامذته ومريديه تابعوا مسيرته من بعده وطوروا مقولاته الاشتراكية فكان بذلك للسانسيمونية
أثر بارز في تطوير الفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومن أهم أتباع سان سيمون
الذين أسهموا في نشر أفكاره وتطويرها أرمان بازار الذي نُشرت له بعد وفاته مجموعة دراسات كان أعدها بعنوان «عرض مذهب سان سيمون» وبروسبير إنفانتان الملقب بالأب أنفانتان وتزعم كلاهما ما سمي بالديانة السانسيمونية.
تضمنت السانسيمونية أفكاراً اشتراكية كثيرة حتى عدها بعضهم المقدمة الطبيعية للبيان الشيوعي فقد كتب شوفالييه أحد أتباع سان سيمون يقول: «مازال الإنسان حتى الآن يستغل الإنسان: الأسياد يستغلون العبيد، النبلاء يستغلون العامة، والعاطلون يستغلون المشتغلين، وكذلك السادة يستغلون الخدم. هذا هو تاريخ الإنسانية حتى يومنا هذا». وتوقع شوفالييه أيضاً دوراً كبيراً للدولة في الحياة الاقتصادية إذ يقول: «هناك اتجاه لأن تصبح الدولة موزعاً عاماً للعمل والأجور وكذلك تتجه لتؤمن معاشاً تقاعدياً لكل المواطنين». «ستكون الدولة وليس الأسرة الوريث الشرعي لكل الثروات التي تؤلف ما يسميه الاقتصاديون أرصدة الإنتاج».
حتى إن تلامذة سان سيمون قالوا بضرورة إلغاء الملكية الخاصة وليس إلغاء حق الإرث فقط كما كان يقول سان سيمون نفسه.