لا يخفى على عين أي متابع أن أحداث التحرير الأخيرة و ما قبلها كانت له تداعيات سلبيه على شريحة كبيرة

كتب : احمد فتحى
لا يخفى على عين أي متابع أن أحداث التحرير الأخيرة و ما قبلها كانت له تداعيات سلبيه على شريحة كبيرة من المجتمع المصري وعلى قطاعات كثيرة أيضا ، ولكن مما لا شك فيه أن أكثر القطاعات والشرائح تأثرا هم من أوقعهم حظهم العاثر في أن تكون أعمالهم أو دراساتهم أو سكنهم في قلب الأحداث…..
حاولنا الاقتراب من بعض هؤلاء المضارين ( سوق باب اللوق ) فكان التحقيق التالي :
" حالنا واقف وبيوتنا اتخربت "
تحدث محمد انور – محل انور الجمال للالكترونيات – قائلا: لن اقول شيئا سوى حسبنا الله ونعم الوكيل ، بيوتنا اتخربت ولا نستطيع فتح محالنا فكلما تهدأ البلاد تحدث مصيبة تشعل الاحداث مرة اخرى ولا يعنينى من المسئول ؟ كل ما يعنينى الآن هو انى اصبحت لا استطيع دفع الايجار ولا اجرة العاملين ولا ثمن البضاعة التى اصبحت مثل " الارض البور " وليس هذا فحسب بل ان هذه الاشتباكات ( يقصد بين المتظاهرين وقوات الامن ) تؤدى لحاله من الخواء والفراغ الامنى التى تجعل محالنا عرضه للسرقة والتدمير على يد البلطجيه الذين يعيثون فى الارض فسادا.
اما مصطفى عادل – سوبرماركت الشمس – فقال: المنطقه بالكامل حالها واقف من يوم الخميس والمشاركين الان ليسوا هم من كانوا فى يومى الخميس والجمعه فاغلب المشاركين الان فى الهجوم على وزارة الداخلية وقوات الامن هم من اطفال الشوارع والمهمشين ويندر ان تجد بينهم من يستجيب لصوت العقل بعدم الاقدام على اى شئ من شأنه احراق البلاد.
" اللى هايدخل السوق هاقطعه "
وبينما انا اتحدث مع مصطفى اقبل علينا احد الاشخاص يحمل سكينا ويبدو على ملامحة الغضب الشديد وحينما علم اننى صحفى عرفنى بنفسه قائلا: انا اسمى خالد على شلضم – صاحب محل جزارة باب اللوق " تعالى بقى يا باشا شوف بتوع السلميه بيعملوا ايه !! " هكذا قالها واخذنى من يدى حتى وصلنا الى محله وعندها رايت اثار تحطم زجاج ثلاجتى عرض خاصة باللحوم فقال لى: تعرف تمن الزجاج دا كام ؟ دا هايكلفنى 2000 جنيه ودى مش اول مره … بس اقسم بالله لو حد من العيال بتوع المظاهرات دول دخل عندى هاقطعه !!
" انت من بتوع التعويضات "
بجواره رأيت سيده فى مثل عمر والدتى بادرتنى بالسؤال: انت من بتوع التعويضات يا بنى ؟ وعندما اومأت لها بالنفى بادرتنى بسؤال آخر قائلة: ماذا يريد هؤلاء الشبان منا ؟ واضافت حالنا موقوف من العام الماضى وانا اقف فى المحل انا وابنتى لان زوجى اصيب بالفشل الكلوى منذ ثلاثه اشهر، ويقوم بغسل الكلى 3 مرات اسبوعيا وعلاجه يتطلب الكثير من المال والحال كما ترى … فلا احد من الزبائن يجرؤ على الاقتراب من السوق بالاضافه لتعرض حياتنا للخطر يوميا بدون اى ذنب !!
" العيب فيمن يدافع عن المخربين ويصفهم بالثوار "
وبينما اتجول فى السوق وجدت احد المحال وبابه محطم وعندما سألت عمرو خليل – احد عمال السوق –
اجاب: دا محل جزارة بتاع المعلم مجدى بسيونى و دا إتكسر وإتسرق واحنا عملناله باب خشب علشان نقفله .. وبينما انا خارج من الممر " سوق باب اللوق " قابلت اشرف حيدر – صاحب محل بلاستيكات – والذى باغتنى بالسؤال: نريد ان نعرف ماهى الفائدة من الهجوم على وزارة الداخلية؟ وتابع حديثه : اذا كان التواجد بنية التظاهر السلمى فلماذا تتحول هذه السلميه الى تدمير المحال؟ ثم اردف اتعلم اين الخلل؟
ان العيب ليس فى هؤلاء الشباب …. انما العيب فيمن يدافعون عنهم ويصفونهم بانهم ثوار!! كيف يقوم الثوار الابرار بالسرقة والتدمير؟
" معركة بالحجارة "
خرجت من السوق لاجد معركة بالحجارة بين اطفال الشوارع واصحاب المحال بباب اللوق عندما فر هؤلاء الصبية من قوات الامن الى باب اللوق مما دعى قوات الامن لمطاردتهم حتى مشارف الميدان وهنا ثار اصحاب المحال عليهم وطالبوهم بالرجوع الى ميدان التحرير بعيدا عن محالهم والا سوف يقومون بتسليمهم الى الشرطة وهنا قابلهم اطفال الشوارع بوابل من الحجارة والشتائم واصفينهم بعدم النخوه والرجوله مما اضطر اغلب اصحاب المحال لاغلاق ابوابها خشية تعرضها للتدمير من جراء الرشق بالحجارة وبعد ان تدخل العقلاء انتهت المعركة برجوع هؤلاء الصبية الى ميدان التحرير
" بالليل عددهم بيبقى زى النمل وانا مش عايز مصايب "
اتجهت الى احد اصحاب محال الالكترونيات المنتشره فى باب اللوق وعرفته بانى صحفى فرفض الحديث مؤكدا ان الوقت غير مناسب للحديث بينما هؤلاء الصبية منتشرون فى جنبات الميدان خشية تعرض حياته وتجارته للخطر اذا ما علموا انه هاجمهم واضاف: بالليل بيبقى عددهم زى النمل وانا شغلى واكل عيشى هنا ومش عايز مصايب ..
" عم طلعت دقدق "
وفى تقاطع شارع نوبار مع محمد محمود وجدت رجلا فى العقد السادس من العمر يقف امام احد المحال المحترقة وهو يهذى بكلمات غير مفهومه اقتربت منه وسألته انت تعرف صاحب المحل؟ فأجاب بلهجه اقرب الى البكاء: انا صاحب المحل واسمى طلعت راشد منصور " قبطى " ثم اشار الى المحل الذى اصبح ركاما محترقا وقال: شقى عمرى اتحرق بضاعة يتعدى ثمنها النصف مليون جنية اصبحت تراب! وعندما سألته عن سبب الحريق وهل المتظاهرين هم من احرقوه؟ اجاب بالنفى قائلا: لم يحرقوه وانما تسببوا فى الحريق باصرارهم على الهجوم على وزارة الداخلية وقوات الامن المركزى ورشقاها بالحجارة مما ادى لقيام قوات الامن المركزى لاطلاق قنابل الغازات المسيلة للدموع نحوهم واحداها اخترقت فتحه التهوية مما ادى لاحتراق المحل بالكامل.
" سيتى مول للكمبيوتر "
وعلى بعد خطوات رأيت مول لمستلزمات الكمبيوتر فى شارع نوبار وقد تحطمت واجهاته الزجاجية بالكامل واكد بعض افراد اللجان الشعبية بالمنطقة والمتواجدين لتامين الوزارة ان اغلب اصحاب المحال بالمول اغلقوها يوم الخميس عندما نما الى علمهم ان شباب الالتراس قادمون بمسيرة نحو وزارة الداخلية عقب احداث بورسعيد " الاربعاء الدامى " ويوم الجمعه كان كل شئ قد انتهى حيث تعرضت اغلب المحال للتدمير والسرقة .
" الخواجة نيكولا "
وفى شارع منصور وجدت مجموعه من الشباب يقفون ويشيرون الى المبنى المقابل لمبنى مصلحة الضرائب وللوهله الاولى اعتقدت انهم من النيابه لانهم كانوا يقيمون ما يشبه المعاينه التصويريه وعندما اقتربت منهم اكتشفت عده اشياء اهمها على الاطلاق هو ان هناك صورة تداولتها بعض وسائل الاعلام لمجموعه من الشباب يتسلقون واجهه احد المبانى قيل انه مبنى مصلحة الضرائب لسرقته وهو خطأ فادح وقعت فيه اغلب وسائل الاعلام حيث ان هذا المبنى هو المقابل لمبنى المصلحة وهؤلاء الشباب كانوا يتسلقوه لانقاذ احد مصانع الملابس الموجوده بداخلة والتى نشبت فيها النيران جراء اطلاق قوات الامن للقنابل المسيله للدموع وهو ما اكده لى صاحب المصنع بنفسه وعلمت انه يونانى يدعى نيكولا ويعيش بمصر منذ طفولته وبالفعل كان هذا واضحا من لهجته واردف: انا بالفعل اشعر ان هذه هى بلدى ولا استطيع الابتعاد عنها واعتبر ان ما حدث هو قضاء الله وارادته وعندما سألته عن الخسائر اجاب: بانه لم يحصرها بعد ولكن هناك بالفعل بعض الماكينات والخامات التى تعرضت للتلف جراء الحريق ولولا هؤلاء الشباب لكانت الخسائر افدح ولكنه عاد واضاف ان المتواجدين حول الوزارة الان ليسوا من الثوار ولا المتظاهرين.


