الرأي

لك ان تتخيل ثورة قالوا انها قامت .. ونظام احتفلوا بسقوطه .. وسلطة اعتلوها.. صحيح كانت عبر الصناديق و بالديمقراطية

لك ان تتخيل ثورة قالوا انها قامت .. ونظام احتفلوا بسقوطه .. وسلطة اعتلوها.. صحيح كانت عبر الصناديق و بالديمقراطية  و لكنهك مارسوها عبر مراجع الديكتاتورية  .. ودولة طوعوها ومازالوا .. وقضاء يهدمونه ومازالوا .. وجيش تحدوه ومازالوا .. واعلام حاصروه ومازالوا .. وشعب انهكوه ومازالوا … وتزعجهم ابتسامة عجوز في الثمانين تحدى بها محبسه .. فما بالكم لو كان لوح بعلامة النصر .. هل كانت الجماعه ستعلن حالة النفير – هكذا يسمونها – وهل كان الحكم سيقدم على اجراءات استثنائية ؟

الرئيس السابق ابتسم وحقه ان يبتسم بل كان من حقه ان يلوح بعلامة النصر ايضا فقد راهن على حكم التاريخ والتاريخ حتى الان ينصفه .. شعبيته تزايدت فى محبسه وهذه حقيقه لا تريد ان تصدقها ان السلطة المتوترة ولا النخبة التائهة ولا الاصوات الثورية الخافتة .. التي انتفضت بعد مقتل خالد سعيد وادارت وجهها امام دماء محمد الجندي وجيكا والحسيني ابو ضيف .. تلك المجموعة التي لا تريد ان تصدق ايضا حتى الان ان مايقرب من نصف الشعب اعطى اصواته في الانتخابات الرئاسية للفريق احمد شفيق .. وهو لو وصف في جملة واحدة سيقال انه رجل حسني مبارك رغم كل الاحترام للفريق وتاريخة العسكري وتاريخة الوظيفي في الطيران المدني ولكنها الحقيقة فلو لم يكن اسم حسني مبارك في سيرة شفيق الذاتية لكان وضعه اشبه بعسكريين اخريين تقدموا للانتخابات مثل الفريق حسام خير الله .

 

ويبدو انهم ارادوا ان يروا حسني مبارك باكيا مكسورا .. لكي يفرغوا عليه حقدهم ويدونوا تحت صورته عبارات الغل والشماته .. ولكن ابت العسكرية ان تفارق ابنها .. مثلما رفضت ان تفارقه عندما ابى الهروب من مصر متمسكا بها وطنا فيه عاش وعلى ارضه يموت .. واعطى درسا للتاريخ بأن من يحكم مصر لا يهرب ومن يفعلها فلا يستحق يوما ان يحمل هذا اللقب .

لا اقيم هنا حكم الرئيس السابق فالوقت مازال مبكرا للغاية ان تحكم على ثلاثون عام فيها من حكم مصر .. فترة هي الاطول فى عمر مصرنا الحديثة بعد فترة حكم محمد علي .. وميزان التاريخ فيها لا يعترف بالتلوين ولكن حسابة واضح في كفتين واحدة معه والاخرى علية , ولكن ابتسامة مبارك وما صاحبها من صخب سياسي تافه .. تجعلنا نقف امام تفسير المزاج الشعبي للمصريين في ابريل 2013 والمؤكد انه يختلف عن حاله في فبراير 2011 .. المزاج الشعبي الان يقول يوما من ايام مبارك وهو بذلك يعني .. يوم من ايام حالة الامن في الشارع .. يوم من ايام الهيبة الاقليمية والدولية .. يوم من ايام شعور المواطن ان لهذا البلد رئيس .. يوم من ايام لم يكن يتسول فيها المصريون الدولار في السوق السوداء .. يوم من ايام كان المواطن لايشغل باله فيها بسعر البنزين او حصوله على السولار .. يوم من ايام كانت مصر قبلة فيها للسائحيين من مختلف دول العالم .

ولن يتبدل هذا الاحساس الشعبي الا بجودة مختلفة للحياة في مصر والكرة في ملعب الحكم الراهن .. اذا ماحقق الافضل سيمحو الحنين لمبارك .. ولكن كما يقول المثل الشعبي " ان الجواب يبان من عنوانه " فإن الحكم الراهن اذا استمر بهذا النمط من الفشل في كافة الاتجاهات وعلى كافة المستويات فإن الحنين لمبارك سيتحول الي مطلب شعبي وسيتمنى المصريون ان يستعيدوا ما انتفضوا عليه بالأمس .

وضعت ابتسامة مبارك الحكم في مأزق رهيب لن يخرجه منها تنكيله به .. او حتى هدم دولة القانون والتخلص منه تحت اي مسمى .. بل على العكس سيكتبون له بذلك نهاية تاريخية اكثر وقارا من نهاية خروجه من الحكم .
مصر الان في مفترق طرق .. مبارك له من يؤيده شئتم ام ابيتم  والصفحة التي تعلن اسفها له على موقع الفيس بوك تجاوز عددها المليون بل ظهرت صفحة اخرى تطالب بعودته لانقاذ مصر وتضم بضعة الاف .. والحكم في مصر له تيار واحد في الشارع يساندة وهو تيار قوي ومنظم .. اما الثورة في مصر فليس صاحب .. فهي بلا زعيم او فلسفة او منهج او رؤية .. وهي المقومات الاساسية لأي ثورة عرفها التاريخ والقول بإن الثورة المصرية تتميز بانها بلا قائد هو حديث فارغ بلا مضمون ترديده والايمان به كان جزء من الحالة التي وصلت اليها .. والزعامة والفلسفة والمنهج والرؤية لن تعود الي ثورة يناير 2011 .. فقد فات الوقت وانتقلت مصر بعدها الي نظامين في الحكم الاول عسكري انتقالي والثاني اسلامي ديمقراطي .. وحتى تؤسس منهج ثوري سليم لا ينجح الا مع ثورة جديدة .. قد تكون ثورة شعبية جامحة تلقب اعلاميا الان بثورة الجياع .. وقد تكون ثورة اسلامية شاملة .. وقد تكون ثورة تقدمية كتلك التي فجرها الشباب في يناير قبل ان تسرق منهم وتحصد القوى المحافظة حصاد فعل القوى التقدمية .. وفي خضم كل هذا قد يكون الانقلاب العسكري وارد فهو مرهون بلحظة الاقتراب الفعلي من الانهيار الشامل للدولة .. ولكن في جميع الاحوال فإن النار الكائنة الان تحت الرماد السياسي في مصر لن تستمر طويلا .. و المياة الراكدة ستتلقى الكثير من الحجاره خلال العام الجاري .
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى