مبعوث مجمع اللغة العربية بموسكو: إطلاق اختبار دولي موحد.. ومعايير جديدة لتقييم المهارات |حوار
“تعليم اللغة العربية في العالم المعاصر: بين التقليد والابتكار”، عنوان سطع في سماء العاصمة الروسية موسكو خلال منتدى عالمي انتظره كثير من عشاق لغة “الضاد”.
وجاءت مشاركة مجمع اللغة العربية في المنتدى، بناء على دعوة من مركز الشيخة فاطمة بنت المبارك ومقره مدرسة بريماكوف التابعة لوزارة التعليم الحكومية بموسكو، بالتعاون مع معهد بلدان آسيا وإفريقيا – جامعة موسكو الحكومية
كما جاءت تلك المشاركة “المشرفة” في إطار تعزيز التعاون بين المجمع والمركز الذي أنشئ برعاية مشتركة من دولتي الإمارات العربية المتحدة، وروسيا الاتحادية، وقد افتتح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، «مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للتعليم» في مدرسة بريماكوف الدولية في العاصمة موسكو، خلال زيارة رسمية أجراها شهر أكتوبر الماضي، تعزيزا للتعاون في مجالات تعليم اللغة العربية.
وفي حوار خاص حول هذه الزيارة، وأهم نتائجها، تحدث الدكتور محمود عبد الباري تهامي ممثل مجمع اللغة العربية بالمنتدى العالمي في موسكو..
وإلى نص الحوار..
حدثنا عن طبيعة المشاركة في هذا المؤتمر ؟
دعوة موجهة، من مديرة المدرسة السيدة مايا مايسورادزه للمشاركة بورقة بحثية، وتقديمها في موضوع المنتدى، وهو تعليم اللغة العربية في العالم المعاصر التقاليد والابتكارات.
ما عنوان الورقة البحثية التي قدمتها هناك؟ وما عنوانها؟ وما ملخص فكرتها؟
البحث جاء بعنوان “إثراء المعرفة اللغوية لدي متعلمي اللغة العربية من خلال تحليل كلمات النصوص الأدبية المترادفة والمتضادة، إلى مشتقاتها ومصادرها الفعلية والمحتملة.”
وفكرة البحث تقوم على ما تعنيه كلمة المعرفة اللغوية، فالمعرفة اللغوية تتخطى إدارك المعنى المباشر للمفردة، إلى الوعي بها، وبجذرها الذي اشتقت منه، وبقيت الكلمات التي تشاركها الجذر نفسه، سواء كانت أفعالا ثلاثية سماعية التصريف، أو غير ثلاثية قياسية، أو كانت مشتقات تبدأ باسم الفاعل، واسم مفعول الذي قد يصيراسم زمان أو مكان أو مصدرا ميميا، و اسم الآلة،و اسم التفضيل وصيغ المبالغة، و الصفة المشبهة.
وحين قدمت عرضي التقديمي، لعرض فكرة البحث، لمست مردودا طيبا من معظم الحضور طلابا وباحثين وأساتذة، ويمكن أن تقول إن فكرة البحث تقوم على الاستفادة من المنجز العلمي الإلكتروني، ورقمنة المحتويات والمدونات من جهة، والاستفادة من الخصائص المائزة للغة العربية التي تعد في حد ذاتها وسيلة من وسائل تيسير تعلمها، والتغلب على عديد من المشكلات التي تنتج غالبا عن تعدد المترادفات والمتضادات، بل وكثرة الأضداد (الكلمة الواحدة تفيد المعنى وضده)، والمشتركات اللفظية.
إلى أي مدى عادت هذه الزيارة بفائدة على المجمع؟
كان لهذه الزياة فوائد عديدة، لكل الأطراف المشاركة، أما بالنسبة لمجمع القاهرة؛ فإننا إذا وضعنا في مقدمة الفوائد أنها حققت هدفا من أهداف مجمع اللغة العربية؛ وهو نشر اللغة العربية، والإسهام في إحيائها، وتيسيرها، فما بالك بأن تتلقى دعوة من دولة كبيرة مثل روسيا، وهي دولة غير عربية، وبرعاية ودعم دولة كبيرة وشقيقة مثل الإمارات العربية المتحدة؛ لتسهم ببحث يساعد على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ومن جهة أخرى جاءت التوصيات في نهاية المؤتمر مؤكدة على ضرورة اتخاذ الوسائل التي تعين اللغة العربية على أن تظل حية على الألسنة.
حدثنا عن افتتاح المؤتمر وأهم الضيوف الذين شاركوكم الاحتفاء بموضوعه وأهدافه ؟
كان في مقدمة الحضور الشيخ حمد راشد الحبسينائب سفير دولة الإمارات (رئيس البعثة الدبلوماسية) لدى جمهورية روسيا الاتحادية، وعدد من قيادات التعليم في روسيا أذكر منهم: السيد عثمان عبد العزيزيفيتش راسوخانوف، مدير إدارة التعاون الدولي والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم في الاتحاد الروسي. والسيدة مايا أوتارييفنا ميسورادزي، مديرة مدرسه بريماكوفا،والسيدة الفاضلة إيكاترينا أناتوليفنا بوخولكوفا، عميدة كلية الترجمة بجامعة موسكو الحكومية اللغوية. والسيدة ماريا ألكسندروفنا بوساروفا، رئيسة المركز التعليمي الذي يحمل اسم الشيخة فاطمة بنت مبارك.، ومن معهد بلدان آسيا وإفريقيا – جامعة موسكو الحكوميةحضر كل من البروفيسور الدكتور دميتري فرولوف مدير قسم اللغة وآدابها في ، والدكتورة تاتيانا ناليتش أستاذة مساعدة، ومن مدرسي المعهد الدكتورة مارييا ناليتش، والدكتورة كريستينا أوسيبوفا، والدكتورة تاتيانا أرسانوفا، والدكتورة تاتيانا سافاتييفا أستاذة مساعدة.، م.ف. لومونوسوف، والسيد إسماعيل باوتدينوفيتش بايخانوف، عميد الجامعة التربوية الحكومية الشيشانية؛وحضر دكتور فرولوفعضوا مراسلا من أكاديمية العلوم الروسية.
كما شارك بأوراق بحثية عدد كبير من الباحثين والمستشارين من الدول العربية منهم: من مصر: محمود عبد الباري تهامي ممثلا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومن دولة الإمارات الشقيقة سعادة المستشار الدكتور علي أحمد الأنصاريرئيس مجلس ادارة جمعية الامارات للتبرع بالدم، ومدير تحرير مجلة إماراتي، والدكتور مانع علي الأحبابيمدير تنفيذي نورث يليد للاستثمار، وعدد من الزملاء من دولة البحرين منهم الدكتورة ضياء الكعبي أستاذة الأدب العربي الحديث بكلية الآداب جامعة البحرين، والدكتور أحمد السليماني من عمان، والدكتور محسن الشملاني من السعودية، وغيرهم.من الأساتذة العلماء من الجزائر، ومن الباحثين العرب الذين يقيمون في موسكو، وفي مقدمتهم الدكتور رمزي أبو نجم أستاذ الهندسة بموسكو.
هل وصلت رسالة المجمع وأهدافه ووسائله إلى الباحثين والمشاركين هناك؟
كانت الفرصة سانحة جدا لعرض جهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة في حماية اللغة وحفظها من جهة، والعمل على تيسيرها، وتسهيل نشرها من جهة أخرى، فالمجمع يجمع بين الوسائل التقليدية التي سار عليها عمله طوال اثنين وتسعين عاما، وهي إعداد المعاجم اللغوية والعلمية المتخصصة، وجمع المواد المعجمية، وتعريب المصطلحات، ومن ثم نشرها في إصدارات، ومن ناحية أخرى يسلك النهج الابتكاري الذي يوظف ما أتيح من التكنولوجيا الحديثة، والبرامج الحاسوبية، ولعل أهم الإنجازات التي تستحق الإشادة حاليا عي أن المجمع أنشأ موقعا إلكترونيا يليق بمكانته، وتاريخه، وتراثه، ويعبر عن دوره الوطني والقومي، فقد كان منذ إنشائه إحدى القوى الناعمة التي تضمن لمصر مكانتها العلمية والثقافية في الشرق الأوسط، والعالم كله، وقد أتاح المجمع من خلال موقعه تصفح كل إصداراته، وأعداد مجلته العلمية، وأتاح كذلك البحث بالكلمات أو بالجذور اللغوية التي اشتقت منها، في معجم محدد، أو كل المعاجم المحوسبة المتاحة، كما أتاح محاضراته العلمية، وندواته الثقافية، ومؤتمراته، وحفلاته، كل هذا صار متاحا للجمهور في أي مكان، وفي أسرع وقت.
كيف ينظر مركز الشيخة فاطمة بنت المبارك ومدرسة بريماكوف ومعهد بلدان آسيا وأفريقيا بجامعة موسكو إلى مجمع اللغة العربية؟
قال الدكتور تهامي أن الجميع أشاد بجهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة في خدمة لغة “الضاد”، ومنهم الدكتور رمزي أبو نجم أستاذ الهندسة بموسكو (هو روسي من أصول أردنية) وهو أحد منظمي المؤتمر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة: “إنه أنشط مؤسسة علمية توجه كل جهودها، وإمكاناتها لخدمة اللغة العربية، ورعايتها، وحمايتها، وإثرائها، ومن هنا كان حرص القائمين على المؤتمر على أن يكون للمجمع من يمثله في هذا المؤتمر الهام، وأن يكون ممثل المجمع له خبرة ودراية بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقد كانت كل هذه المواصفات متحققة فيمن اختاره المركز من باحثي المجمع، وهو بيننا اليوم، وأوصى أن يكون أحد باحثي المجمع ممن لهم خبرة طويلة في هذا المجال مشرفا أكاديميا لتصحيح الأخطاء اللغوية التي ربما لا ينتبه إليها الدارسون والمدرسون الروس”. هكذا يرى الزملاء في روسيا مجمع اللغة العربية، وأود أن أوضح أن المؤسسة العلمية الوحيدة التي مثلت مصر هناك في هذا المحفل هي مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
ما أهم التوصيات التي خرج بها هذا المؤتمر؟
شهد المنتدى العلمي الدولي إصدار مجموعة من التوصيات النوعية التي تسعى إلى ترسيخ مكانة اللغة العربية كلغة عالمية، وتعزيز حضورها في المحافل الدولية، وقد أجمع المشاركون على ضرورة اتخاذ خطوات منهجية وشاملة لتحقيق هذا الهدف النبيل، ومن أبرز هذه التوصيات:إطلاق اختبار دولي موحد للغة العربية، حيث تبنّى المشاركون توصية باعتماد اختبار دولي شامل للغة العربية تحت مسمى (ATEFAL)، يُعنى بقياس الكفاءة اللغوية للناطقين بغيرها. ويأتي هذا الاختبار كمعيار عالمي مشابه للاختبارات الدولية المعتمدة في قياس إتقان اللغات الأخرى، مما يسهم في توحيد معايير تقييم المهارات اللغوية وتعزيز انتشار اللغة.
كما تم إطلاق برامج التبادل الطلابي الدولي، فالمشاركون أكدوا أهمية تبني برامج تبادل طلابي دولية بين متعلمي اللغة العربية في مراكز تعليمها حول العالم والجامعات والمعاهد العربية. وتتضمن هذه البرامج تنظيم مدارس صيفية تمتد لفترات تتراوح بين أسبوعين وشهرين، يتم من خلالها تمكين الطلاب من معايشة المجتمعات الناطقة بالعربية والانخراط في ثقافاتهم المتنوعة، وتشمل هذه المبادرة تنسيقًا شاملًا مع الجامعات والمراكز البحثية ومجامع اللغة العربية لضمان نجاحها واستدامتها.
وفيما يتعلق بصياغة بروتوكولات تعاون دولية، أوصى المشاركون بضرورة صياغة بروتوكولات واتفاقيات تعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية العربية والدولية، بهدف تنظيم الإطار العام لبرامج التبادل وتعزيز أطر التعاون المشترك بما يضمن تحقيق أهداف تعليم اللغة العربية ونشرها، ومن بينها في روسيا مركز الشيخة فاطمة بنت المبارك، ومدرسة بريماكوف، وقسم اللغة العربية وآدابها في معهد بلدان آسيا وافريقيا بجامعة موسكو الحكومية.
وماذا عن تنظيم لقاءات افتراضية لتبادل الخبرات ؟
بالفعل هذا سؤال وجيه، اقترح المشاركون تنظيم لقاءات افتراضية ونقاشات دورية عبر منصات تقنية مثل “Zoom”، تُخصص لتدريب الطلاب، وتبادل الخبرات، ومناقشة مستجدات تعليم اللغة العربية وتعزيزها على مستوى العالم.
وكان من بين الاقتراحات قصيرة المدى، إنشاء مجموعة لتنسيق الفعاليات في كل جامعة. ومركز بحثي، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومن المفترض أن يشارك في هذه المجموعة ممثلون عن الجامعات والممعاهد، والمجامع اللغوية المشاركة في المنتدى،وقد بدأ هذا الأمر بالفعل من جانبنا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، فقمنا بدعوة زملائنا في اليوم التالي بعد انتهاء المؤتمر إلى حضور ندوة عنوانها أعمال نجيب محفوظ بين النص الأدبي والمعالجة السينمائية، وستكون المشاركة متاحة عن بعد عبر تطبيق زووم.
إذن كيف يتم ترجمة هذا الحديث إلى خطوة استراتيجية شاملة ترنو إلى تعزيز تعلم اللغة العربية ؟
إن إمكانية المشاركة في المؤتمرات التي تعقد في الجامعات والمجامع التي حضرت المنتدى، وفرص النشر في مختلف المجلات المتخصصة في كل من روسيا، والدول العربية، فإقامة مدارس صيفية في روسيا للطلاب وأطفال المدارس العرب وبالمثل في الدول العربية لنظرائهم من المدارس الروسية.
وتأتي هذه التوصيات كخطوة استراتيجية شاملة ترنو إلى تعزيز تعلم اللغة العربية، ونشرها عالميًا، مع تمكين الطلاب من استكشاف عمقها الثقافي وقيمها الحضارية، وتوثيق التعاون الأكاديمي والعلمي بما يليق بمكانة اللغة العربية كلغة تراث عالمي، ووسيلة للتواصل الحضاري.
الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .