على مدار عقد كامل، تغيرت ملامح الصورة التي ينقلها الإعلام الدولي عن مصر كوجهة سياحية، من التغطية المرتبطة بالأزمات السياسية إلى التقارير التي تصفها بـ”الوجهة الصاعدة” و”واحدة من أكثر بلاد العالم تنوعًا”.. فما الذي تغير؟ وكيف ساهمت تحولات ما بعد 30 يونيو في إعادة تشكيل صورة مصر في الإعلام الدولي؟
قبل 30 يونيو: صورة مرتبكة بين المخاوف والتحذيرات
خلال الفترة ما بين 2011 و2013، كانت تغطية الإعلام الأجنبي لمصر تتسم بالتشاؤم، خصوصًا فيما يتعلق بالسياحة، وكانت نشرات الأخبار تعج بالتحذيرات من السفر، وتقارير الوكالات تتحدث عن إلغاء رحلات الطيران، وإغلاق الفنادق والمنتجعات وسط تقارير أمنية سلبية أثرت على ثقة السائحين بالمقصد المصري.
كل ذلك ساهم في تراجع الحركة السياحية إلى أدنى مستوياتها، مع انخفاض أعداد السياح إلى نحو 5 ملايين زائر فقط في 2016، مقارنة بـ14.7 مليون في 2010.
اقرأ أيضا: 30 يونيو.. مصر تواصل تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة
بدء استعادة الاستقرار وتحوّل الصورة الذهنية
مع استعادة الدولة لاستقرارها السياسي والأمني بعد 30 يونيو، بدأت وسائل الإعلام الدولية في تغيير لهجتها تدريجيًا، خاصة مع إطلاق مصر مشروعات قومية ضخمة ذات طابع سياحي وثقافي، وبدء تطوير البنية التحتية للمدن والمقاصد السياحية، وسط اهتمام رسمي مدروس بالصورة الذهنية والترويج الإعلامي العالمي.
ولم تعد التغطيات تركز فقط على التاريخ، بل شملت التنوع البيئي، والتجارب الترفيهية، والفرص الاستثمارية، والحفلات والمهرجانات.
مصر على قوائم الأفضل
وصفت CNN Travel مصر بـ”الوجهة التي استعادت بريقها”، وخصصت تغطيات خاصة للمتحف المصري الكبير، ومدينة الأقصر بعد افتتاح طريق الكباش.
وأدرجت BBC مصر في قائمتها لأفضل وجهات الشتاء لعام 2023، مشيدة بـ”الدفء، والكرم، والأسعار المعقولة مقارنة بوجهات أوروبية أخرى”.
فيما أشادت National Geographic بجهود مصر في تطوير محمية سانت كاترين ضمن مشروع “التجلي الأعظم”، ووصفت شرم الشيخ بأنها “المدينة الخضراء على البحر الأحمر”.
ونشرت صحيفة The Guardian تقريرًا مطولًا عن مرسى علم كوجهة واعدة لهواة الغوص والهدوء بعيدًا عن الزحام السياحي الأوروبي.
وأدرجت مجلة Lonely Planet مصر ضمن “Top 10 Must-Visit Destinations”، مع التركيز على القاهرة الإسلامية، وسيوة، والأقصر.
كيف لعبت الحملات الترويجية دور البطولة؟
بجانب الأداء الأمني والبنية التحتية، كان هناك استثمار مدروس في المحتوى البصري والإعلامي الذي يُقدَّم لمصر في الخارج.
وشهدت السنوات الأخيرة تعاون مع شركات مثل Beautiful Destinations وCNN International لإنتاج فيديوهات مذهلة لمواقع أثرية وسياحية.
كما تم إطلاق حملات رقمية موجهة لأسواق السياحة الواعدة مثل الهند، كوريا الجنوبية، وأمريكا اللاتينية.
الثقة تعود والأعداد ترتفع
بعد سنوات عجاف استطاعت مصر أن تجذب 13 مليون سائح في 2019، ثم تعافٍ سريع بعد كورونا، حيث حققت 14.1 مليون سائح في 2024، طبقًا لتقارير منظمة السياحة العالمية، مع ارتفاع ملحوظ في الإنفاق السياحي للفرد، بفضل التنوع في أنماط السياحة (ثقافية، شاطئية، علاجية، بيئية).
الإعلام الدولي شريك استراتيجي في النجاح
يقول الدكتور سعيد البطوطي، المستشار الاقتصادي بمنظمة السياحة العالمية، إن مصر أعادت رسم صورتها كوجهة مستقرة وآمنة وجاذبة من خلال مزيج ذكي من الترويج والاستثمار السياسي والبنية السياحية.
وأضاف البطوطي في تصريحات خاصة لبوابة أخبار اليوم، أن الإعلام الغربي كان يتناول مصر كدولة أزمات، والآن يتناولها كقصة نجاح سياحي ملهمة.
وتابع: «بعد 30 يونيو، لم تتغير السياسات فقط، بل تغيرت اللغة والصورة والرؤية، فأصبحت مصر تُقدَّم في الإعلام العالمي كدولة تنبض بالتاريخ، وتنمو بالتنمية، وتخطط للمستقبل».
واختتم المستشار الاقتصادي بمنظمة السياحة العالمية: «لقد فهمت الدولة أن الصورة الذهنية لا تُترك للصدفة، فبدأت ترسمها بنفسها، وتُنتجها بحرفية، وتُوجهها بذكاء، لتعود مصر إلى مكانتها الطبيعية على خارطة السياحة العالمية – ليس فقط بالأرقام، بل في وعي وقلوب الإعلام الدولي والجمهور العالمي».
الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .