وصلت الليرة التركية لأقل مستوى لها على الإطلاق أمام العملة الأمريكية واليورو في شهر مارس الماضي.


 
وصلت الليرة التركية لأقل مستوى لها على الإطلاق أمام العملة الأمريكية واليورو في شهر مارس الماضي.

وهبطت العملة التركية بنحو 4.1% في شهر مارس، بعد أن سجلت أدنى مستوى في تاريخخها أمام الدولار عند 4.010 ليرة.

أما أمام العملة الأوروبية الموحدة فلم يختلف الوضع كثيراً، حيث شهد شهر مارس مستوى قياسياً متدنياً عند 4.9778 ليرة.

ومنذ بداية العام هبطت الليرة أمام اليورو بنسبة 7.2%، فيما تراجعت بنحو 5.3% خلال شهر مارس الماضي.

مشاكل اقتصادية متتالية

وتواجه تركيا مشاكل اقتصادية عديدة، وتُلقي البيانات السلبية بظلالها على وضع الليرة بالتبعية.

وأعلنت الجهات الرسمية في تركيا في شهر مارس زيادة كبيرة في عجز الحساب الجاري الذي وصل إلى 50.6 مليار دولار خلال الـ12 شهراً المنتهية في يناير، وتكمن سلبية تلك البيانات في تغيرها الجذري على مدار عام.

وكان عجز الحساب الجاري سجل 33.6 مليار دولار في يناير 2017 و47.2 مليار دولار ديسمبر الماضي.

وأوضح المركزي التركي أن الزيادة في العجز ترجع إلى ارتفاع الواردات بنسبة 39% في نفس الفترة.

أما العامل السلبي الثاني فهو التضخم، الذي تجاوز وبشكل ضخم مستهدف المركزي حتى وصل إلى 10.26% في فبراير الماضي، وذلك بعد أن سجل أعلى مستوى في 14 عام خلال نوفمبر عند 12.98%، فيما يبلغ مستهدف المركزي التركي 5% فقط.

وفي آخر تقرير للسياسة النقدية أعلن المركزي أن التضخم وتوقعاته تشير إلى مخاطر على سلوك التسعير، مع مؤشرات ضمنية تشير إلى القصور الذاتي.

وعلى الرغم من ذلك فإن النمو الاقتصادي لا يزال يسير عكس المناخ التشاؤمي؛ حيث سجل 11.1% في الربع الثالث من العام الماضي على أساس سنوي، وهي أكبر وتيرة نمو في 6 سنوات.

وتوقع رئيس الوزراء التركي أن ينمو اقتصاد البلاد بمستويات تتراوح بين 7% و7.5% في 2017.

ومع تلك الأوضاع انخفضت ثقة المستهلكين في الاقتصاد في الشهر الجاري عند مستوى 71.3 نقطة مقابل72.3 نقطة في فبراير.

سعر الفائدة

تعد سياسة المركزي في تركيا من ضمن الأسباب التي تضغط على العملة، وسط ارتفاع التضخم بنسب تتجاوز المستهدف، وتدخل رئيس البلاد المتكرر في الضغط على مسئولي السياسة النقدية.

وبعد زيادة التضخم بشكل كبير في نوفمبر قرر البنك في ديسمبر الماضي رفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 8 أشهر على السيولة الطارئة التي يمنحها للمصارف بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 12.75%، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى رفع معدل الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس.

وأبقى البنك معدل الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 7.25% و9.25% على الترتيب، وهو ما جاء متوافقاً مع التوقعات.

لكن في اجتماع سياسته النقدية الأخير أبقى البنك على سعر الفائدة دون تغيير، وذلك تزامناً مع تباطؤ التضخم.

ومع ذلك فإن وضع السياسة النقدية لايروق للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الذي دعا كثيراً إلى اقتراض رخيص لدعم الاقتصاد.

وفي الشهر الماضي دخل "أردوغان" في محادثات مع المركزي لبحث خطوات خفض أسعار الفائدة وتشجيع الاستثمار، كما تحدثا بشأن إصلاحات محتملة قد يتم تقديمها من أجل توسيع السياسة النقدية.

المشاكل السياسية

تواجه تركيا أزمات سياسية في الداخل والخارج، داخلياً مع المعارضين لنظام أردوغان، وخارجياً بسبب سوريا.

وفي الشهر الجاري أقر البرلمان قانوناً يعيد تنظيم لوائح الانتخابات ويدعم تشريعات وصفتها المعارضة بأنها قد تفتح الباب أمام الاحتيال والتأثير على نزاهة الانتخابات المرتقبة في 2019.

أما خارجياً فإن تواجد الجيش التركي داخل سوريا يجلب للدولة كثير من المشاكل، خاصة التي تثيرها تواجد القوات بمنطقة عفرين السورية.

وفي آخر بياناتها، طالبت الحكومة السورية تركيا بسحب "قوات احتلالها بشكل فوري وغير مشروط من الأراضي السورية".

خفض التصنيف الائتماني

كان ردة فعل منظمات التصنيف الائتماني مع كل تلك الأحداث أن تخُفض تقيمها لوضع الاقتصاد داخل تركيا، الخطوة التي عمقت من خسائر الليرة.

وفي شهر مارس خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تقيمها لتركيا إلى (Ba2)، مقابل تصنيفها السابق لها عند (Ba1).

وأرجعت الوكالة تلك الخطوة إلى المشاكل السياسية والاقتصادية، وذكرت أن خطر الصدمات الخارجية يتزايد بالنسبة للاقتصاد التركي، خاصة مع اتجاه البنوك المركزية الكبرى لرفع معدلات الفائدة.

وانتقد أردوغان هذا القرار بأن وكالة التصنيف الائتماني مشغولة بمحاولات تدفع بلاده نحو مأزق، مشدداً على عدم التفات المؤسسات المالية لقرارات تلك المنظمات، أو أخذ قراراتها على محمل الجد.
Exit mobile version