بنوك

وصلنا إلى لحظة نادرة في أزمة منطقة اليورو. ويبدو أنني أكثر تفاؤلاً من الأسواق المالية، فأنا لا أعتقد أن اليونان

وصلنا إلى لحظة نادرة في أزمة منطقة اليورو. ويبدو أنني أكثر تفاؤلاً من الأسواق المالية، فأنا لا أعتقد أن اليونان ستخرج من منطقة اليورو، كما أرى أن هناك فرصة ضئيلة للتوصل إلى اتفاق في اجتماع المجلس الأوروبي المقرر في 28 يونيو بشأن إقامة اتحاد مصرفي يتمتع بالقوة الكافية.

وفكرة الاتحاد المصرفي تكتسب زخما الآن. ففي الأسبوع الماضي قال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، إن عمليات إعادة هيكلة البنوك يجب أن تكون مركزية لأن الحكومات أفسدتها. وكان كل من دراجي وماريو مونتي، رئيس الوزراء الإيطالي، القوة الدافعة وراء مناقشة هذا الموضوع أثناء عشاء غير رسمي للمجلس الأوروبي أقيم أخيراً.

وتبدي أنجيلا ميركل التي كانت متشككة من قبل أكثر، قبولاً لهذه الفكرة، لكنها تفتقر إلى الحماسة. والمستشارة الألمانية هي التي رفضت في عام 2008 فكرة إقامة صندوق لعموم أوروبا لمواجهة انهيار بنك ليمان براذرز واتخذت منطقة اليورو في ذلك الوقت القرار الكارثي بضرورة إنقاذ كل دولة لبنوكها، وكان ذلك هو اليوم الذي بدأت فيه أزمة منطقة اليورو.

ولا يمكن أن يعني تغير رأي ميركل إلا أمرا من ثلاثة. أولاً، ربما تكون مستعدة حقاً للتفاوض لإقامة اتحاد مصرفي. ثانياً، أنها مستعدة للمراوغة. ثالثاً، أنها ترغب في الرفض لكن دون أن تظهر ذلك، ربما لتجنب اللوم. وإذا صح أي شيء غير التفسير الأول فإننا في أزمة حقيقية.

ويجب أن يضم هذا الاتحاد جميع البنوك تقريباً، ويجب كذلك أن يكون اختبار الإدراج ملائماً من الناحية النظامية. وينبغي أن يخدم ذلك الاستقرار المالي وليس سياسة المنافسة، ولذلك يتعين أن تكون الضوابط والمعايير منخفضة بما يكفي لإدراج بانكيا ولانديسبانكين الألماني، أو بعبارة أخرى، يجب أن تكون منخفضة للغاية.

وسيُخرج ذلك جميع البنوك الملائمة من الناحية النظامية من الدول الأعضاء لتدخل في منطقة اليورو، وستنتهي فكرة وجود بنك إسبان،ي وسيكون بانكيا في إسبانيا ولكنه ليس إسبانياً.

ولا بد أن يشتمل الاتحاد المصرفي على أربعة عناصر مركزية: صندوق للمراقبة وإعادة التمويل، وصندوق لتأمين الودائع المشتركة، وجهة تنظيمية مركزية، وسلطة مركزية مشرفة. وإضافة إلى ذلك، يجب تمويل الصندوقين- صندوق إعادة التمويل وصندوق التأمين- بشكل مناسب. وينبغي دعم جهاز تفكيك البنوك بالتزامات بتقديم، لنقل، تريليون يورو مثلا، والتي سيتعين توفيرها في نهاية المطاف عن طريق سندات الدين المشتركة والمتعددة- سند منطقة اليورو. ويمكن استخدام مظلة الإنقاذ الحالية لبدء هذه العملية، لكن هذا ربما يكون حلا مؤقتا فقط.

ويجب أن يكون تأمين الودائع بلا حدود، بل من الأفضل ترسيخ ذلك في البنك المركزي الأوروبي نفسه- وهو الأمر الذي سيكون مبرراً عندما تصبح هيئة إعادة تمويل البنوك كبيرة بالشكل الكافي. وينبغي أن يكون الهدف من وراء ذلك هو إيقاف نوعين من التهافت على سحب الودائع من المصارف نشاهدهما حالياً. ويتمثل النوع الأول في عمليات السحب القطاعي وفيه يتم التهافت على سحب الودائع من البنوك الضعيفة ووضعها في البنوك القوية. والنوع الثاني هو السحب الجغرافي وفيه يتم التهافت على سحب الودائع من البنوك في الدول الهامشية الضعيفة ووضعها في الدول الرئيسة. وبعبارة أخرى، لا يحتاج تأمين الودائع إلى تأمين الأرصدة فقط، ولكن أيضاً قيمة الوديعة باليورو حتى إذا خرجت الدولة من منطقة اليورو.

وتتطلب كلتا الخطتين تغييراً مؤسسياً جذرياً. ويحتاج صندوق إعادة التمويل المشترك إلى جهة إشراف مركزية تتمتع بالشجاعة والقوة اللتين يمكنانها من تفقد أحد البنوك الإسبانية وإغلاقه إن لزم الأمر. ويجب أن يكون تأمين الودائع مصحوباً باتحاد سياسي عميق، وإلا فإنه قد يتسبب في مخاطر معنوية عن طريق تشجيع الدول على الخروج من منطقة اليورو لعلمها بهذا الضمان. ودون الالتزام بقدر أكبر من الاتحاد السياسي، سيكون تأمين الودائع إما غير فعال وإما مدمرا. ولذلك فإن إعادة التمويل والتأمين والإشراف المشترك يتبع كل منهما الآخر.

إذن، إقامة اتحاد مصرفي مناسب تعد أمرا عظيما للغاية وقد يكون المكون الأكبر لأي اتحاد مالي في المستقبل، لكنني لست متأكداً إذا كان الجميع يوافقني الرأي أم لا. وكما هو الحال دوما،ً لا ينبغي أن نقلل من شأن استعداد الساسة الأوروبيين لمحاولة المراوغة إذا لم يمكنهم التوصل إلى حل وسط والتظاهر بأنه اتفاق تاريخي. والقول بغير ذلك سيكون بمثابة انتصار للأمل على التجربة.

لكنني على الأقل يراودني هذا الأمل. وعلى عكس ما كان عليه الأمر منذ ستة أشهر، يدرك المسؤولون حالياً أنه لا بديل عن إقامة اتحاد مصرفي، لكن يكمن الخطر الأكبر الآن في أن قادة منطقة اليورو يغيرون رأيهم. ولم تناقش ميركل هذه القضية في الداخل، لكن إقامة اتحاد مصرفي سليم ستكون بمثابة صدمة لكثير من الألمان، بمن فيهم العاملون في مجال الإعلام. ولا يزال من السهل أن تكون متشائما، لكنني لست مستعداً بعد للتخلي عن الفرصة الأخيرة لإنقاذ اليورو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى