الرأي

ما هذا الذى يحدث ؟! أهى الحقيقة ؟! أم هو الكابوس الذى لم تتمن الثورة يوماً أن تراه ؟!

 
ما هذا الذى يحدث ؟! أهى الحقيقة ؟! أم هو الكابوس الذى لم تتمن الثورة يوماً أن تراه ؟! هل من المعقول أن يكون الشعب هو من إختار لنفسه السيناريو الأسوأ ؟! أم أنها المؤامرة التى لم أتمن يوماً أن أؤمن بها ؟!

فى نهاية المطاف فإن النتيجة النهائية التى خرجت اللجنة العليا للإنتخابات بها علينا هى صعود كلاً من أحمد شفيق ومحمد مرسى لجولة الإعادة وهى بالتأكيد النتيجة التى لم يتمن خروجها كل من يساند هذه الثورة، بل لم تتمنها غالبية الشعب المصرى التى إختارت أن تمنح أصواتها للثورة ممثلة فى المرشحين حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وخالد على والبسطويسى والحريرى مجتمعين، ومن ثم فإن شكل الفترة المتبقية من المرحلة الإنتقالية سوف يتحدد طبقاً لمدى تقبل هذه الكتلة الضخمة المكونة من هؤلاء اللذين إختاروا تيار الثورة للنتيجة النهاية للإنتخابات أو رفضهم لها .

ولكن تظل الحالة المسيطرة على البلاد الأن هى حالة الإستقطاب الإنتخابى التى لا ترتبط بأى حال من الأحوال بالواقع السياسى أو بخريطة القوى الممثلة لأطياف المجتمع المصرى المختلفة والتى لم تعد العملية الإنتخابية تعبر عنها بعد خروج مرشحى الأغلبية دفعة واحدة من السباق، أى أننا نستطيع أن نقول أن مصر الأن سوف تدخل فى  " بيات ثورى " لفترة مؤقتة حتى تتمكن من الإنتهاء من حالة الزخم الإنتخابى وما يصاحبه من حوار مجتمعى – أحياناً ما يتسم بالعنف والقسوة – وبعدها سوف تهيمن على الأجواء حالة من الترقب لطبيعة الأداء الجماهيرى الذى سوف يعقب هذه المرحلة كرد فعل على النتائج النهائية للعملية الإنتخابية وما أسفرت عنه من إعادة تشكيل لقمة هرم السلطة فى مصر .

بالعودة إلى الواقع الذى نعيشه هذه الأيام، فإن وصول الفريق أحمد شفيق إلى جولة الإعادة يعد مثالاً واضحاً على رغبة قطاع عريض من أبناء الشعب المصرى على إنهاء الحالة الثورية التى سيطرت لعام ونصف على مجريات الأحداث، وإستسلام سريع لمخططات الدولة الأمنية فى محاولاتها لإستمرارها فى بسط سيطرتها على أحشاء الدولة وشرايينها بما يسمح بالإبقاء على الهيكل الرئيسى للنظام دون تغيير يذكر .

أما وصول الدكتور محمد مرسى إلى جولة الإعادة فى مواجهة شفيق فهو يعنى أن الثورة لم تتمكن بعد من ملء الفراغ القديم بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين بعد أن كان من المنتظر للقوى الثورية أن تنجح فى الإستحواز والسيطرة على هذا الهامش الناتج عن الصراع بين هذين القطبين ومحاولة توسيعه وتضخيمه حتى يتمكن من إحتواء كل من لا ينتمى إلى هذا التيار أو ذاك .

لقد أتت الإنتخابات الرئاسية لتمثل ملخصاً لحالة الصعود والهبوط فى الرسم البيانى لتوجهات الشعب المصرى على مدار العام والنصف الماضيين، وهو ما أدى فى النهاية إلى أن تظهر هذه الإنتخابات فى شكل حوار مجتمعى حول عدة معطيات لا تقتصر في مكوناتها على شكل الدولة فى المستقبل وحسب ولكن تضمنت أيضاً العلاقة التى سوف تربط بين مؤسسات هذه الدولة والطبيعة الجوهرية للنظام الذى سوف يتسلم السلطة فيها، إلا أن هذا الحوار قد أدى إلى إفراز نموذجين تجمع بينهما متشابهات عديدة تصل فيما بينها إلى حد التطابق أحياناً وهما الدولة الدينية والدولة الأمنية المستبدة.. وهو ما سوف يؤدى بطبيعة الحال إلى إفراغ الثورة من مضمونها ولو بشكل مؤقت حتى تتمكن من إستعادتها عافيتها وتواجدها المؤثر فى الشارع لكى تعود لتطيح بهذين النموذجين – اللذين لا يعبران عن تطلعاتها – بطريقة ديمقراطية كما نتمناها جميعاً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى