رأت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الثورة المصرية الحقيقة لم تحدث الشتاء الماضي ولكنها تبدأ في الحدوث الآن ليس في
رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الثورة المصرية الحقيقة لم تحدث الشتاء الماضي ولكنها تبدأ في الحدوث الآن ليس في ميدان التحرير ولكن في المدن والقري المصرية، فبينما لاتزال الأحزاب الليبرالية والعلمانية غائبة عن الريف المصري ولاتزال تحكم علي الأمور من التظاهرات والبوسترات المناهضة للعسكر فإن الإسلاميين استولوا علي الملعب لصالحهم.
قالت الصحيفة في سياق تقرير بثته علي موقعها الإلكتروني أنه علي الرغم من ان الاحتجاجات التي قوبلت برد عنيف من قبل المجلس العسكري في القاهرة اجتذبت اهتمام العالم كله، فإن المنخرطين فيهايمثلون جزءاً صغيراً من أطياف الشعب المصري، ومن يضطلعون بالدور الأهم الآن هم الملايين ممن خرجوا ليصوتوا في الإنتخابات البرلمانية التي تبدأ مرحلة جديدة من التفاوض مع المجلس العسكري حول مستقبل السلطة السياسية في مصر، وهو ما يجب التركيز علي نتائجه في المرحلة المقبلة.
رأت الصحيفة أنه رغم أن المشهد لم يكن كذلك في فبراير الماضي حين كان الثوار هم من يستحوذون علي المشهد إلا أن الآن أصبح من الواضح أن لا شيء قد تغير في مصر بعد، فالعسكريون الذين يحكمون البلاد منذ 1952 لايزالون يتحكمون في مصيرها، ولكن الآن من يشغلون ميدان التحرير هم النشطاء السياسيون الذين لايزالون يترددون علي التحرير ولكن اللعبة الحقيقية أصبحت أبعد من التحرير، حيث حركت الأحزاب الإسلامية عشرات الآلاف من الناس ليصوتوا لها ويراقبوا مراكز الاقتراع أيضاً.
قال جون آلتمان كاتب التقرير ومدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن أنه يصعب علي الأمريكيين تصور أن يفوز الإسلاميين بـ 70% من مقاعد البرلمان ولكن ما يبدو انهم سيفعلون، فالإسلاميون أدركوا أن اللعب قد اصبح أبعد من التظاهرات إلي ميكانيزمات الإنتخابات، كما ان مؤيديهم متحمسين ومنظمين للغاية، علي عكس الأحزاب الليبرالية والعلمانية فبينما يغيبون اليوم عن الريف تماماً ويحكمون علي الأمور من التظاهرات والبوسترات المناهضة للمجلس العسكري، فإن الحزبين الإسلاميين الرئيسيين (الحرية والعدالة والنور) قد استحوزا علي المجال كله لنفسيهما.
أكد آلترمان أنه علي الرغم من أن السياسيين الإسلاميين يسعون لتسلم السلطة من العسكري و الجيش قام بتأمين مراكز الإقتراع جيداً، إلا شرعية الجيش الآن تتهاوي جراء القمع العنيف للمتظاهرين، وبينما تتراجع صورته فإن أعداداً أكبر من المصوتين يعززون شرعية الإسلاميين عبر الانتخابات.
وتعتبر الصحيفة أن هذه مجرد مقدمة للمعركة الحقيقية التي ستبدأ مع بدء البرلمان مزاولة عمله، وإقرار الدستور الجديد وانطلاق الحملات الإنتحابية للمرشحين الرئاسيين، خاصة وأن هذا سيتزامن مع انخفاض الإحتياطي المصري من النقد الأجنبي وانخفاض قيمة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم.
أوضحت الصحيفة أن السياسيين المنتخبين والمجلس العسكري سيعملان معاً لوضع القواعد التي ستحكم مصر من خلالها وسيعمل كل طرف منهم إلي دفع الأمور إلي الهاوية مذكراً الآخر بقوته، حتي يتوصلا إلي أفضل الحلول.
أشار آلترمان إلى أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في الحفاظ علي توازن لن يكون سهلاً بين العسكر في مصر والسياسيون الجدد، فلا يجب السماح لأي طرف بأن يقهر أو يسكت الآخر.


