أخبار

سعر رغيف الخبز.. قرار تاريخي يعيد رسم خريطة الدعم في مصر

لم يكن مجرد رقم تغير على شاشات الأخبار، بل كان قرارًا يمس حياة الملايين، ويطوي صفحة من تاريخ الدعم في مصر امتدت لأكثر من ثلاثة عقود. فجأة، أصبح الحديث عن سعر رغيف الخبز هو الشغل الشاغل للأسرة المصرية، بعد أن أعلنت الحكومة المصرية عن تحريك سعره من 5 قروش إلى 20 قرشًا، في خطوة وصفت بـ«الضرورية» لمواجهة التحديات الاقتصادية.

القرار، الذي أعلنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، يمثل أول زيادة مباشرة على رغيف الخبز المدعم منذ ثمانينيات القرن الماضي. هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل هي حلقة في سلسلة إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تهدف إلى ترشيد الدعم وتوجيهه لمستحقيه، وتخفيف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة التي تحملت فاتورة دعم الخبز لسنوات طويلة.

وبين منطق الأرقام الذي قدمته الحكومة، ومشاعر المواطنين التي تتأرجح بين التفهم والقلق، يبرز سؤال جوهري: هل نحن أمام بداية النهاية لمنظومة الدعم التقليدية، أم مجرد تصحيح لمسار اقتصادي أصبح استمراره بنفس الآليات شبه مستحيل؟

كواليس القرار.. لماذا الآن؟

لفهم أبعاد القرار الحالي، يجب العودة إلى الوراء قليلًا. كانت تكلفة إنتاج رغيف الخبز الواحد تتجاوز 125 قرشًا، بينما يباع للمواطن بـ 5 قروش فقط، ما يعني أن الدولة كانت تتحمل نحو 120 قرشًا في كل رغيف. ومع تضخم فاتورة استيراد القمح عالميًا، وتزايد الضغوط على الموارد، أصبح هذا الوضع عبئًا لا يمكن تجاهله.

أوضحت وزارة التموين والتجارة الداخلية أن الزيادة الجديدة إلى 20 قرشًا لا تزال تمثل جزءًا بسيطًا من التكلفة الحقيقية. الهدف، بحسب التصريحات الرسمية، ليس إلغاء الدعم، بل تحويله من دعم عيني غير فعال إلى دعم نقدي أو شبه نقدي يضمن وصوله إلى الفئات الأكثر احتياجًا عبر منظومة بطاقات التموين الذكية.

منظومة الدعم والموازنة العامة

يأتي تحريك سعر الخبز المدعم في سياق أوسع يتعلق بإعادة هيكلة بنود الإنفاق في الموازنة العامة للدولة. تسعى الحكومة لتوفير الموارد المالية اللازمة لتمويل قطاعات حيوية أخرى مثل الصحة والتعليم، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية مثل برنامج «تكافل وكرامة» لتعويض الفئات المتأثرة بالإصلاحات.

يرى خبراء الاقتصاد أن الخطوة، رغم صعوبتها الاجتماعية، كانت حتمية لضمان الاستدامة المالية. فاستمرار الدعم بشكله القديم كان يستنزف مليارات الجنيهات التي يمكن توجيهها لتحسين الخدمات الأساسية أو الاستثمار في مشروعات تنموية تخلق فرص عمل حقيقية وتدفع عجلة النمو.

نبض الشارع.. بين القلق والترقب

على الجانب الآخر، استقبل الشارع المصري القرار بمزيج من المشاعر. فالخبز ليس مجرد سلعة، بل هو رمز للأمن الغذائي والاستقرار لدى شريحة واسعة من المصريين. وهناك مخاوف مشروعة من أن تكون هذه الزيادة بداية لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار قد تؤثر على تكاليف المعيشة بشكل عام.

في المقابل، هناك قطاع من المواطنين يتفهم ضرورة القرار كجزء من عملية إصلاح شاملة، معلقين آمالهم على أن تفي الحكومة بوعودها بتعزيز برامج الحماية الاجتماعية. يبقى المستقبل القريب هو الاختبار الحقيقي لمدى قدرة هذه الإجراءات على تحقيق التوازن الدقيق بين ضرورات الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات العدالة الاجتماعية.

الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر  لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى