الأخيرة
فى ظل القصف والانفجارت والدمار الذى شهدته العراق خلال سنوات الحرب منذ عام 2003 ، كان الوضع بالنسبة لآخرين يبدو
تقرير-شيماء الملاح
فى ظل القصف والانفجارت والدمار الذى شهدته العراق خلال سنوات الحرب منذ عام 2003 ، كان الوضع بالنسبة لآخرين يبدو مختلفا ، حيث راجت صناعات وتجارات جديدة أدت لاعتبار أصحابها أن إنتهاء حالة الحرب بمثابة خسارة فادحة لهم .
فمن أهم ما راجعت صناعته فى هذا الوقت الأسلحة والذخائر سواء كانت بدائية الصنع أو التى كان يستخدمها الجيش الأمريكى فى الحرب .
كما شهدت العراق فى ذلك الوقت انتشار شركات أجنبية والتى أطلق عليها البعض "شركات المرتزقة" ، حيث كانت تعمل هذه الشركات على تجنيد عدد من العراقيين للعمل فى مجال الأمن السياسي لقوات الإحتلال الأمريكى مستغليين وضع الاقتصادى السيئ للبلاد ، وحاجة الشعب للقمة العيش والحياة الآمنة ، حيث وصل عدد هذه الشركات فى وقت الغزو إلى ستين شركة وفق تقارير عراقية .
ولم تكن الإستفادة من الغزو الأمريكى على العراق مقتصرا على جانب صناعة الأسلحة أو مكاسب تلك الشركات فقط ، بل أيضا شهدت العراق رواجا شديدا فى تجارة التوابيت ، فبعد أن اعتاد الشعب على استعارة التوابيت من المساجد عند الحاجة ، أصبح من الصعب أن تستوعب توابيت المساجد هذا الكم الهائل من القتلى بسبب القصف والتفجير المتكرر، كما تحول العديد من أصحاب مهنة صناعة الآثاث المنزلى إلى صناعة التوابيت بسبب الإقبال المتزايد عليها مما أدى إلى إرتفاع سعر التابوت الواحد حسب نوعية الخشب المستخدم في نجارته ، ووصلت نسبة الزيادة إلى 50 % فى بعض الأحيان ، إذ بلغت أسعار بعض التوابيت إلى ستين ألف دينار من أربعين ألف دينار .
وتحولت الساحة القريبة من معهد الطب العدلي في بغداد، الذي اصبح يستقبل زوارا كثيرين لتسلم رفات موتاهم ، الى سوق للمتاجرة بالتوابيت على حد قول بعض العراقيين ، اذ يلاحظ قيام بعض المواطنين قرب المعهد بتأجير التوابيت إلى الذين يتسلمون موتاهم من المعهد، ما يعني تغيير جذري في قيم وتقاليد المجتمع العراقي، حيث اصبحت هذه تجارة مربحة يستغلها بعضهم لتحقيق مكسب مادي على حساب الناس المفجوعين بقتل أعزائهم بعد ما كانت سبيلا يريد من يقوم به كسب الثواب والأجر من دون أي مردود مادي.
كما ارتفعت أسعار الأقمشة السوداء التي تستخدم كلافتات للنعي وبالتالي تزايدت مهنة الخطاطين هذه الفترة وإزدهر عملهم بعد أن كاد عمل الخطاط آيلاً إلى الركود إثر التقدم التكنولوجي الذي نشهده في الوقت الحاضر، وكذلك الأقمشة التى تستخدم فى صناعة الملابس السوداء لدى العائلات العراقية وخصوصا النساء، اللواتي يرتدينها بسبب فقدان أحد أفراد عائلاتهن .