أخبار وتقارير

بي بي سي: تراجع التضامن مع علاء عبدالفتاح يعكس فقدان التعاطف مع الثورة


هل يعد انحسار هاشتاغ مصري راسخ علامة على تراجع التأييد الشعبي لثورة يناير 2011؟
ترصد خدمة بي بي سي ترند أحدث توجهات شبكات التواصل الاجتماعي أو الهاشتاغات الأكثر جذبا لمستخدمي الإنترنت.
عندما قضت السلطات المصرية الأسبوع الماضي على الناشط علاء عبد الفتاح، الذي يوصف بأحد "رموز" الثورة المصرية في عام 2011، بالسجن 5 أعوام توقعنا أن يجذب هاشتاغ #FreeAlaa عددا كبيرا من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وذلك استنادا إلى شعبية حساب علاء عبد الفتاح الشخصي على تويتر التي بلغت 700 ألف متابع. كما أن هاشتاغ #FreeAlaa دأب على الصعود كلما دب خلاف بينه وبين السلطات المصرية، إذ استخدم الهاشتاغ 30 ألف مرة في العام الماضي (كما ذكر اسمه في تغريدات 120 ألف مرة).
لكن الوضع اختلف هذه المرة، فلماذا؟
تتلخص قصة علاء عبد الفتاح في أنه مدون ومهندس كمبيوتر اشتهر قبل ثورة 2011 وبعدها بلسانه اللاذع وبانتقاداته العلنية للأنظمة الإسلامية والعسكرية على حد سواء.
وأصبح علاء وزوجته منال – وهي مدونة أيضا – "زوجين مؤثرين" على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الثورة المصرية في عام 2011. كما أفضت ممارساته إلى اتهامه وسجنه عدة مرات منذ عام 2006، في ظل حكومات متعاقبة منذ الربيع العربي، وكان هاشتاغ #FreeAlaa يحظى باهتمام المستخدمين في كل مرة.
وفي الأسبوع الماضي أدين علاء – في القضية المعروفة بإسم محاكمة "مجلس الشورى" – بتهمة تنظيم تظاهرة بدون ترخيص في عام 2013 أمام مبنى مجلس الشورى المصري، حيث كان يتظاهر مجموعة من الشباب المصري احتجاجا على حق الحكومة في محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية.
وفرضت على علاء غرامة قدرها 100 ألف جنيه مصري وحكم عليه بالسجن 5 أعوام تنفيذا لأحكام قانون التظاهر الجديد الذي يجرم الاحتجاج بدون إذن.
ولم يحقق هاشتاغ #FreeAlaa ولا "الحرية لعلاء" سوى ظهور متواضع على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتعد نطاق استخدامه دائرة النشطاء. وحتى هاشتاغ #قضية_مجلس_الشورى لم يشهد مشاركة تذكر.
وأفضى الاحتجاج خارج مجلس الشورى إلى معاقبة 24 آخرين، لكن أسماءهم لم تتداول على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضا.
ويبدو أن ملايين المصريين العاديين، الذين أظهروا دعما للمتظاهرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، أصبحوا غير مبالين بشكل ملفت هذه المرة.

فقدان للتعاطف
قالت نرفانا محمود، وهي طبيبة مصرية داعمة للثورة ومدونة على الإنترنت، لبي بي سي ترند: "الشعب المصري فقد قدرته على التعاطف. ردة الفعل لنفس الحدث كانت ستكون مختلفة قبل خمس سنوات".
وأضافت أنه بعد حادثة قطع رؤوس 21 مسيحيا في ليبيا وبعد هجمات مسلحة على الأراضي المصرية، لم يعد المصريون يأبهون لإعتقال السلطات للنشطاء. وقالت: "لم يعد المصريون يكترثون. لقد فقد الناس الثقة في الثوريين، وبدأوا ييأسون منهم. لن يشكل أي شئ يفعلونه فارقا."
ثم جاءت الطريقة التي يعبر بها علاء عبد الفتاح عن نفسه عبر الإنترنت. فانتقاده اللاذع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تولى بعد احتجاجات شعبية على نظام حكم جماعة الأخوان المسلمين، واستخدامه لغة مسيئة أفقداه تعاطف الكثيرين.
وتقول آية عبد الله، مديرة قسم التواصل الاجتماعي بموقع صحيفة "المصري اليوم" الإخبارية : "يرى البعض أنه بلغ حد التجاوز."
ويقول بعض أنصار علاء السابقين الآن إنه يستحق هذا الحكم، وفقا لما قرأت آية من تعليقات. واستشهدت بتغريدة لمستخدم تقول :"في كل مرة أبدأ في التعاطف مع علاء، يرد أحد الأشخاص بتغريدة قديمة له (علاء) وأقول بعدها إنه يستحق ذلك لأنه غبي."
ولكن الدعم لنشطاء ثورة 2011 لم يتلاش بشكل كلي من وسائل التواصل الاجتماعي في مصر.
غطت بي بي سي ترند الشهر الماضي ردة فعل المغردين لمقتل شيماء الصباغ خلال مسيرة لإحياء الذكرى السنوية الرابعة لثورة 2011، وقد ذكر اسمها أكثر من 130 ألف مرة. تقول نيرفانا محمود: "لاقت قصة شيماء رواجا لأنها قتلت، وكانت الصور مؤثرة".
كما ساعدت الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الاخوان المسلمين في 2013 وتأييد الجيش على تغير المناخ عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فلكل هاشتاغ يدعم أحد المحتجين المؤيدين للثورة، تظهر في الغالب حملة مضادة مؤيدة للحكومة.
وقال كمال سدرة، الاستشاري في مجال الإعلام الرقمي ومدير سابق لمنظمة حقوقية في مصر، لبي بي سي ترند إن ذلك غالبا ما يسفر عن انتقادات شخصية، وإنه سئم من كم الإساءات التي يتلقاها الآن كلما نشر شيئا عن شباب الثورة.
وأضاف: "فقد الناس الثقة بالتحول الإيجابي الذي يمكن أن تحققه الثورة على أرض الواقع. الشباب الذي أشعل الثورة هم الآن إما خلف القضبان أو مقتولون أو ممنوعون من السفر أو خائفون مما قد يحدث."
ولا يزال الهاشتاغ المصري الراسخ "الثورة مستمرة" نشطا، إذ رصدت 47 ألف تغريدة له الشهر الماضي، لكن نصف هذه التغريدات جاءت من دول أخرى في الربيع العربي، والكثير منها جاء من دائرة صغيرة نسبيا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. لكن يبدو أنه لم يلهم نطاقا أوسع من الناس بذات القدر.
ويقول سدرة :"ربما يأمل هؤلاء الناس أن الثورة لم تنته، لكن الواقع أن الثورة فقدت دعمها الشعبي."
انشغال بمقتل كلب
الموضوع الذي شغل المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي وأثار غضبهم هذا الأسبوع لم يكن عن النشطاء بل كان عن مقطع فيديو يظهر فيه شباب يذبحون كلبا في شارع الأهرام في القاهرة.
وأطلق نشطاء على تويتر هاشتاغ بعنوان "كلب شارع الأهرام" تعبيرا عن تعاطفهم مع الكلب. واستخدم الهاشتاغ في أكثر من 30 ألف تغريدة، منذ بدءه في الـ 25 من فبراير واستجابت السلطات المصرية للغضب الشعبي وألقت القبض على ثلاثة مشتبه بهم في تعذيب وقتل هذا الكلب.
وكتب ناشط مصري على فيسبوك ساخرا: "طبعا حادثة كلب شارع الأهرام مؤلمة للغاية ومؤشر مقلق، لكن دعنا ننظر للجانب المضيء، يكفي أن أحدا لم يشمت في موته قائلا في 60 داهية يستاهل ولم يطلق هاشتاج مضادا يشتمه فيه وذلك حدث غير مسبوق في حد ذاته".

نقلا عن بي بي سي
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى