بعد أشهر من اللحاق بالتضخم .. البنوك المركزية تواجه مزيدا من المجهول
بعد أشهر من محاولة اللحاق بالتضخم، اعتقد محافظو البنوك المركزية أنهم ربطوا أسعار الفائدة أخيرا عند المستوى المناسب تقريبا لكبح الأسعار دون خنق الاقتصاد بالكامل.
لكن الآن ومع تعقد الأمور في منطقة الشرق الأوسط، هناك مجموعة جديدة من المخاطر الحقيقية، غير القابلة للقياس في معادلاتها.
وقال هيو بيل، كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، “أحد سيناريوهات تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس، ارتفاع تكاليف الطاقة، وهي أحد تداعيات الصراع، التي أقر جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بأنها تشكل مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي.
وفي حين أن أي تأثير قد يكون طفيفا إلى جانب المآسي الإنسانية في منطقة الصراع نفسها، إلا أنه سيكون خبرا سيئا بالنسبة للاقتصاد العالمي الضعيف الذي بدأ بالفعل “يعرج” على حد تعبير صندوق النقد الدولي.
وما لم تتغير الصورة بشكل كبير في الأيام المقبلة، فمن المتوقع بالفعل أن يبقي البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا وبنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماعات خلال الأسبوعين المقبلين.
ويرى كل من بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي فرصة لترويض التضخم دون التسبب في ركود صريح من خلال إبقاء أسعار الفائدة عند المستويات الحالية لعدة أشهر، وهي مناورة تقنع الأسواق بتأجيل الرهانات على تخفيضات أسعار الفائدة الأولى حتى منتصف 2024 وما بعده.
تعكير المياه
ومع ذلك، تبرز أسئلة أكبر في حال وصول أسعار النفط إلى مستويات 130 دولارا التي تم الوصول إليها في الأيام التي تلت الحرب الروسية- الأوكرانية في فبراير 2023.
وأوروبا معرضة للخطر أيضا، فمن شأن ارتفاع أسعار الغاز أن يؤدي أيضا إلى التضخم، على الرغم من أن لديها الكثير من الغاز في المخزون، في الوقت الحالي على الأقل.
وقال يانيس ستورناراس، محافظ البنك المركزي اليوناني، إن أوروبا تمكنت على نطاق واسع من استيعاب آثار ارتفاع تكاليف الطاقة الناجمة عن الحرب الأوكرانية، معربا عن أمله في أن تتمكن من فعل الشيء نفسه إذا ظهر مزيد من الصدمات.
وأوضح “سيعتمد الأمر على مدة الصراع، وعلى ما إذا كان سيتم تمدده أم أنه سيكون محليا”، مضيفا أنه كقاعدة عامة، تؤدي الصراعات إلى زيادة التضخم، بينما تضعف النشاط الاقتصادي العام.
وتشمل الأمور المجهولة الأخرى كيف يؤثر عدم اليقين على معنويات المستهلكين والمستثمرين وكيف يؤثر على عقليات الشركات والعاملين في تحديد الأجور في المستقبل.
وقال تيتسويا هيروشيما، مدير فرع بنك اليابان، الذي يشرف على منطقة توكاي “عندما تكون حالة عدم اليقين مرتفعة للغاية، فمن الصعب أن نقول كيف ستسير محادثات الأجور في العام المقبل.
وبين “العديد من الشركات الآن في مرحلة تريد فيها قياس توقعات الأرباح بعناية”، في إشارة إلى موقفها في مفاوضات الأجور المقبلة.
وفي أوروبا، أثار وزراء الهجرة في الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع مخاوف من احتمال تفاقم الصراع بين إسرائيل وحماس، وقال محللون إن قطاعي السفر والسياحة سيكونان من بين القطاعات الأولى التي تشهد تباطؤا إذا زادت المخاوف من امتداد الصراع.
وفي الوقت الحالي، لا يزال الصراع محصورا إلى حد كبير في إسرائيل وغزة، لكن وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتلجنس قالت في دراسة لها هذا الأسبوع إنه بالفعل يعكر صفو المياه بالنسبة للبنوك المركزية.
وعلى حد تعبير باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي “إن دورنا المؤسسي في بنك الاحتياطي الفيدرالي هو مراقبة هذه التطورات بحثا عن آثارها الاقتصادية، والتي تظل غير مؤكدة إلى حد كبير”.