إذا كان هناك من يمكن أن يشار إليه بكلمة الأستاذ في هذا الزمان, فهو محمد حسنين هيكل الذي يبلغ غدا سن التسعين من عمره المديد بإذن الله. فهو من مواليد23 سبتمبر1923 في قرية صغيرة إسمها باسوس بالقليوبية,
لأب لا يقرأ ولا يكتب عمل في زراعة وتجارة القطن, وتزوج كرجال زمانه زوجتين أنجبت له الثانية خمس بنات وولدين هما محمد وفوزي. وقد كتب لفوزي أن يستقل صاروخ العلم ويحصل علي الدكتوراه ويسافر إلي أمريكا ويقيم بها إلي أن توفاه الله. أما محمد فكان أمل الأسرة أن يكمل عمل أبيه في محلج القطن وأن يتم تمييزه عن باقي العاملين ببالطوه الأبيض الذي يلزم الآخرين أن ينادوه يامحمد أفندي.
وحتي يستكمل الابن لوازم الأفندية قررت الأم التي تعرف القراءة وقدرا من الإنجليزية إدخاله مدرسة خليل أغا في القاهرة للحصول علي شهادة التجارة المتوسطة بعد سنتين.
في القاهرة أصبح حلم محمد افندي بعد أن بدأ مطالعة الصحف أن يكون طبيبا. وبدون إنتظار خصص كراسة ليسجل فيها اسم كل دواء يقرأه وكل إعلان عن المقويات الكثيرة التي كانت تمتليء بها صحف ذلك الوقت. وكان ذلك بداية عادة ظلت تصاحبه طوال العمر. أن يسجل كل مايسمعه ومايصادفه ومن اتصل به ومن قابل وماذا رأي!
وحتي يحقق حلمه أدرك أن تعليمه في التجارة المتوسطة لا يكفي, وأن عليه تعليم نفسه بنفسه. فانضم في وقت واحد إلي القسم الخاص لتعليم الإنجليزية بالجامعة الأمريكية, وإلي قسم تعليم الفرنسية في مدرسة الليسيه.
في الجامعة الأمريكية عام1942 سمع محمد محاضرة عن الخبر الصحفي وقواعده ألقاها سكوت واطسن الذي كان يعمل محررا في جريدة الإجبشيان جازيت أهم صحيفة إنجليزية في زمن الاحتلال الانجليزي. وعندما سأل واطسن تلاميذه عمن يرغب في التدريب في صحيفته, كان ذلك دون أن يعرف أحد, بداية شاب مغمور اسمه محمد حسنين هيكل, لم يبلغ صحفي عربي شهرته وقدراته واتصالاته.
نقلا عن الاهرام