ارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في التعاملات الأوروبية أمس، لليوم الخامس على التوالي، لتسجل أكبر زيادة أسبوعية منذ بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ما دفع دولا أوروبية إلى التحذير من أوضاع خطيرة تلوح في الأفق بسبب الزيادات الكبيرة في الأسعار.
وارتفع سعر العقود الآجلة القياسية للسوق الأوروبية 8.4 في المائة ليصل إجمالي الارتفاع خلال أسبوع التداول الحالي إلى نحو 60 في المائة، بعد إعلان شركة إيني الإيطالية تلقيها إخطارا من "غازبروم" الروسية للغاز الطبيعي بأنها ستضخ إلى إيطاليا نصف الكميات المطلوبة.
وذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن هذا الخفض يمثل ضربة قوية لإحدى أكبر الدول المستهلكة للغاز الطبيعي الروسي في أوروبا، في الوقت الذي تحاول فيه أوروبا تعزيز مخزوناتها من الغاز قبل فصل الشتاء المقبل.
من ناحيتها قالت الشركة المشرفة على شبكة نقل الغاز الفرنسية "جي آر تي غاز"، "إنها لم تتلق أي كميات من الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب منذ 15 حزيران (يونيو) الحالي مع انقطاع التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا".
وارتفع سعر الغاز الطبيعي الهولندي وهو الغاز القياسي للسوق الأوروبية 4.5 في المائة أمس إلى 130 يورو لكل ميجاواط/ساعة تسليم الشهر المقبل كما ارتفع سعر الغاز البريطاني 3.2 في المائة.
وذكرت شركة الطاقة الإيطالية "إيني" أن الشركة الروسية العملاقة "غازبروم" خفضت صادراتها من الغاز إلى إيطاليا 50 في المائة.
وذكرت شركة "إيني" أن "غازبروم" تعهدت لروما في السابق بإمدادها بنصف الـ63 مليون متر مكعب من الغاز التي تم طلبها أمس.
وتم تقليص إمدادات الغاز 15 في المائة من النسبة المطلوبة الأربعاء و35 في المائة الخميس. وخفضت روسيا خلال الأسابيع القليلة الماضية تدفق الغاز الذي تصدره لعدة دول أوروبية وسط خلافات بشأن العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الحرب.
وشهدت ألمانيا انخفاضا 60 في المائة من إمدادات الغاز الأسبوع الجاري عبر خط نورد ستريم 1، وارتفعت أسعار الطاقة بصورة كبيرة بسبب انخفاض تدفق الغاز من روسيا إلى أوروبا، فيما يخشى عديد من محللي الطاقة من استعداد روسيا لوقف جميع الإمدادات إلى أوروبا كتكتيك لممارسة الضغط.
وحذر باولو جينتيلوني مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي من دخول اقتصاد القارة في حالة ركود إذا توقفت إمدادات الغاز من روسيا، رغم أن هذا لم يحدث حتى الآن.
وفي ألمانيا، ذكرت الحكومة أن إمدادات الغاز لا تزال مستقرة.
في الوقت نفسه، تحدث الناطق باسم وزير الاقتصاد الألماني عن وضع خطير، مشيرا إلى أن توقف إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى فرنسا عبر خط أنابيب من ألمانيا هو نتاج لتقليص الإمدادات عبر خط أنابيب "نورد ستريم" من روسيا إلى ألمانيا. وذكر المتحدث أنه لم يتم حتى الآن تفعيل آلية تضامن من قبل أي دولة في الاتحاد الأوروبي.
وحذرت كايا كالاس رئيسة وزراء أستونيا من أن بلادها بصدد مواجهة شتاء مروع في ظل ارتفاع معدلات التضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، بالتزامن مع أزمة الطاقة التي تتعرض لها بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقالت كالاس في مقابلة مع وكالة "بلومبيرج"، "تنتظرنا أوقات عصيبة بسبب الطاقة، وسنشهد، على الأرجح، ارتفاعا للأسعار بشكل يفوق ما حدث الشتاء الماضي، وهو أمر مقلق للغاية".
وارتفعت شعبية كالاس 44 عاما، في بلادها التي يقطنها 1.3 مليون نسمة بسبب موقفها القوي إزاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي تكافح للبقاء في السلطة بعد انهيار الائتلاف الحاكم الذي تقوده بسبب صراعات سياسية داخلية.
وتجري كالاس محادثات لتشكيل حكومة جديدة في الوقت الذي تواجه فيه أستونيا أكبر أزمة أمنية تشهدها المنطقة منذ عقود مع ارتفاع التضخم إلى نحو 20 في المائة.
وبعكس دول أوروبية أخرى، التزمت أستونيا بوقف شراء الغاز الطبيعي الروسي واتجهت إلى شحنات الغاز المسال، غير أن هذه السياسة ستؤثر في دخل الشعب الأستوني الذي يعاني بالفعل ارتفاع تكاليف الطاقة وأسعار الغذاء. وتشير بيانات وكالة الإحصاء الأوروبية "يوروستات" إلى أن اسعار الكهرباء المنزلية في أستونيا قفزت بأكثر من 50 في المائة خلال النصف الأول من 2021.
وتقول كالاس "في حالتنا، تزامن ارتفاع التضخم مع بطء النمو الاقتصادي، وهو ما جعل الوضع صعبا للغاية".
