أخبار

انخفاض واردات القمح بقيمة 800 مليون دولار بعد تولي جهاز مستقبل مصر الشراء

سجلت واردات مصر من القمح انخفاضا بنحو 25% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، لتسجل 2.6 مليار دولار مقابل 3.4 مليار دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، في تراجع يعادل نحو 800 مليون دولار من فاتورة الشراء الخارجية.
يأتي الهبوط الكبير في الواردات بعد أشهر قليلة من نقل مسؤولية استيراد السلع الاستراتيجية من هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين إلى جهاز “مستقبل مصر للتنمية المستدامة” المرتبط بالقوات المسلحة، بحسب وثائق رسمية قالت وكالة رويترز إنها اطلعت عليها في ديسمبر الماضي.

وقالت رسالة رسمية من وزارة الزراعة المصرية لنظيرتها الروسية إن جهاز مستقبل مصر أصبح الجهة الحصرية لاستيراد الأغذية الأساسية المتولية جميع الاختصاصات التي كانت بحوزة الهيئة العامة للسلع التموينية (GASC) لأكثر من أربعة عقود.

وأشارت الرسالة إلى أن الجهاز الجديد يعتزم تنفيذ عمليات شراء مباشرة إلى جانب المناقصات الدولية، في خطوة قالت رويترز إنها أثارت قلقًا أوليًا بين المتعاملين العالميين بسبب محدودية خبرة الجهاز في التفاوض التجاري الدولي.

وفي يونيو 2025 كشفت رويترز أن الجهاز أبرم صفقة لشراء نحو 180 ألف طن من القمح الفرنسي من اثنين من كبار التجار الأوروبيين، بأسعار تتراوح بين 246 و256 دولارًا للطن، مع دفعات فورية وأخرى مؤجلة عبر خطابات اعتماد لمدة 180 يومًا.

وأكدت مصادر تجارية أن ضعف الطلب العالمي على القمح الفرنسي – المتأثر بخلاف تجاري بين باريس والجزائر – ساهم في قبول الصفقة، رغم تحفظات مبكرة أبداها بعض الموردين تجاه التعامل مع كيان جديد لا يمتلك سجلًا تجاريًا مكتملًا.

انخفاض واردات القمح بقيمة 800 مليون دولار

وتزامن تراجع الواردات مع توسع الدولة في عدة مشروعات زراعية ضخمة تشرف عليها جهات بينها جهاز مستقبل مصر، في إطار خطة حكومية تستهدف إضافة 5 ملايين فدان للرقعة الزراعية بحلول 2027. وتشمل تلك المشروعات:

1) مشروع “الدلتا الجديدة” – أكبر مشروع استصلاح في تاريخ مصر الحديث
يمتد المشروع على محور الضبعة غرب الدلتا بمساحة تتجاوز 2.2 مليون فدان، ويُعد النواة الرئيسية للتوسع الزراعي الجديد. يعتمد المشروع على محطات معالجة مياه ضخمة على رأسها الحمام بطاقة تتجاوز 7.5 مليون م³ يوميًا، إضافة إلى مشروعات للبيوت المحمية والإنتاج الحيواني. ويستهدف المشروع إنتاج محاصيل استراتيجية مثل القمح والذرة والبنجر وفول الصويا لتقليل فجوة الاستيراد.

2) مشروع “الداخلة – شرق العوينات” – أكبر مناطق الزراعة في الصحراء الغربية
يقع المشروع في أقصى جنوب غرب مصر على مساحة تقارب 660 ألف فدان، ويعتمد على المياه الجوفية العميقة. تُظهر بيانات زراعية أن التربة هناك مناسبة لإنتاج القمح والذرة البيضاء والبرسيم والفواكه الجافة، إضافة إلى محاصيل تصديرية مثل البطاطس والبصل. ويمثل المشروع أحد أهم أحواض الإنتاج الزراعي في مصر بسبب انخفاض مستوى الآفات وجودة التربة.

3) مشروع “الكُفرة” – توسّع زراعي في المنطقة الحدودية جنوب شرق ليبيا
يمتد المشروع على نحو 600 ألف فدان، ويُدار بتنسيق مع الجهات المصرية المسؤولة عن مشروعات التوسع الزراعي، لكونه جزءًا من حزام زراعي عربي–مصري واسع يعتمد على المياه الجوفية. ويركّز المشروع على زراعة القمح والمحاصيل الاستراتيجية في بيئة منخفضة الآفات لتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي.

4) مشروع “سنابل سونو – أسوان”
يقع المشروع على مساحة تقارب 850 ألف فدان، ويُعد من أكبر مشروعات الزراعة في صعيد مصر. يعتمد على مصادر مياه جوفية وأنظمة ري حديثة، ويركّز على زراعة القمح والسمسم والذرة ومحاصيل الزيوت، إضافة إلى محاصيل تصديرية تناسب مناخ أسوان. ويستهدف المشروع تخفيف الضغط على دلتا النيل ونقل جزء من الإنتاج جنوبًا.

5) مشروع “شمال ووسط سيناء”
يُخطط لاستصلاح 400–500 ألف فدان بالاعتماد على مياه ترعة السلام وسحارة سرابيوم والمحطات الحديثة لمعالجة المياه. ويستهدف المشروع زراعة القمح والشعير والذرة وإنشاء مجتمعات زراعية جديدة شرق قناة السويس لدعم الأمن القومي وتنمية سيناء.

6) مشروع “العريش الزراعي” – توسّع جديد في شمال سيناء
يقع المشروع على مساحة 40.5 ألف فدان بالقرب من مطار العريش، ويعتمد على شبكات ري مطوّرة لخفض الفاقد المائي وزراعة محاصيل استراتيجية ومحاصيل تصديرية مناسبة لطبيعة التربة الرملية. وهو جزء من خطة أكبر لإحياء الزراعة في شمال سيناء وتطوير سلاسل القيمة المرتبطة بها.

7) مشروع “شرق العوينات” – أكبر توسّع زراعي في جنوب غرب مصر
يقع مشروع شرق العوينات في أقصى الجنوب الغربي لمصر بمحافظة الوادي الجديد، ويعتمد بصورة أساسية على مياه الخزان الجوفي النوبي لزراعة محاصيل استراتيجية مثل القمح والشعير والفول السوداني ومحاصيل تصديرية كالبطاطس والعنب.

ورغم عدم صدور أي بيان رسمي يربط بشكل مباشر بين انخفاض فاتورة استيراد القمح وتغيير الجهة المسؤولة عن الشراء، تشير البيانات الحكومية إلى أن هذا التراجع يأتي في سياق تحسّن نسبي في الإنتاج المحلي، وزيادة المخزون الاستراتيجي لدى الدولة، إلى جانب تبنّي سياسة أكثر صرامة في ترشيد الاستيراد في ظل ضغوط النقد الأجنبي خلال العامين الماضيين. كما ساهمت تحركات الحكومة لتنويع مصادر التوريد وتقليل الاعتماد على مورّد واحد في تهدئة فاتورة الاستيراد مقارنة بالعام الماضي.

الدولة تقترب من الاكتفاء الذاتي لرغيف الخبز المدعم

وفي الاتجاه نفسه قال بهاء الغنّام، المدير التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، إن الدولة “تسير بخطى ثابتة نحو الاقتراب من الاكتفاء الذاتي لرغيف الخبز المدعّم”، موضحًا أن الفلاح المصري ينتج سنويًا كميات من القمح تتجاوز الاحتياجات اللازمة لتوفير القمح المخصص للخبز. وأضاف أن المشروعات الزراعية الكبرى مثل الدلتا الجديدة وشرق العوينات وشمال سيناء ستسهم تدريجيًا في تقليص فجوة الاستيراد، مؤكدًا أن الجهاز يعمل بالتنسيق مع وزارتي التموين والزراعة لتعزيز الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح.

يشكل القمح أحد أكبر بنود الاستيراد الغذائي في مصر، إذ تستهلك البلاد بين 17 و18 مليون طن سنويًا، بينما يتراوح الإنتاج المحلي بين 8 و9 ملايين طن، ما يجعل مصر من أكبر مستوردي القمح عالميًا.

ووفقًا لبيانات رويترز، يشتري جهاز مستقبل مصر – شأنه شأن GASC سابقًا – القمح اللازم لبرنامج الخبز المدعوم الذي يخدم أكثر من 70 مليون مواطن.

ويقول متعاملون إن الفترة المقبلة ستكون اختبارًا لقدرة جهاز مستقبل مصر على إدارة ملف استيراد القمح بكفاءة، مع مراقبة تأثير التحول المؤسسي والمشروعات الزراعية الكبرى على حجم الواردات وتكلفتها، خاصة بعد الانخفاض الكبير المسجل منذ بداية العام.

الحياة إيكونوميست موقع إخباري يهتم بتغطية أخبار الاقتصاد العالمي ورصد مستمر  لـ أسعار الذهب، ، أسعار الدولار ، أسعار العملات ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار السيارات ، أخبار الاتصالات ، الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى