الأخيرة
استلم الرئيس محمد انور السادات زمام الحكم بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد ان رحل فى الثامن والعشرين
كتب : محمد مجدي
استلم الرئيس محمد انور السادات زمام الحكم بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد ان رحل فى الثامن والعشرين من شهر ديسمبر لعام 1970 ، لتبدأ معه مصر مرحلة جديدة من حياتها كان أحد ضباط الجيش المصري وأحد المساهمين بثورة يوليو 1952 م، كما قاد حركة 15 مايو 1971 م ضد مراكز القوى المسيطرة على الحكم وهم من رجال عبد الناصر ونظام حكمه. كما قاد حرب أكتوبر 1973 م. أعاد الأحزاب السياسية لمصر بعد أن ألغيت بعد قيام الثورة المصرية, أسس الحزب الوطني الديمقراطي وترأسه وشارك في تأسيس حزب العمل الاشتراكي , انتهى حكمه باغتياله أثناء الاحتفال بذكرى حرب 6 أكتوبر في عام 1981 م، إذ قام خالد الاسلامبولي وآخرون بإطلاق النار عليه أثناء الاستعراض العسكري في الاحتفال وهو جالس في المنصة. ويعد أنور السادات واحد من أهم الزعماء المصريين والعرب في التاريخ الحديث .
محمد أنور السادات الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية والذى استمر حكمه فى الفترة من عام 1970 حتى عام 1981حمل فيهم النصر لمصر وقدم لها اعظم هدية فى تاريخها هى انتصار حرب اكتوبر المجيدة التى اعادت لمصر كرامتها
نشأته ومولده
ولد فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 1918 فى قرية ميت ابو الكوم بمحافظة المنوفية فى اسرة فقيرة تتكون من 13 أخ واخت ومن ام ذات اصول سودانية ، كان الاب يعمل موظفا بسيطا فى مستشفى العسكرى الخاصة بالجيش بالمصرى فى السودان تزوج الاب ثلاث زيجات ، وفى عام 1925 عاد والد السادات من السودان الى مصر مع الجيش فى اعقاب مقتل السردار الانجليزى فى السودان " سيرلى ستاك " حيث فرضت بريطانيا وقتها عودة الجيش المصرى
عاد الوالد الى قريته بميت ابو الكوم بالمنوفية فالتحق محمد فورا بكتاب القرية ليحفظ القرأن الكريم ويحصل على قدر من اللغة العربية ثم انتقل بعد ذلك الى مدرسة الاقباط فى مدينة طوخ بمحافظة القليوبية وفى عام 1925 انتقلت الاسرة كلها للعيش فى القاهرة فالتحق بعدد من مدارسها وهى الجمعية الخيرية الاسلامية ومدرسة السلطان حسن وفؤاد الاول ورقى المعارف بشبرا
محمد انور السادات والكلية الحربية
بعد ان حصل على شهادة البكالوريا التحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1938 وانتقل فورا الى منقباد فى صعيد مصر للعمل هناك ، وهناك تعرف على جمال عبد الناصر الذى جمعت بينهم صداقة وهدف مشترك وهو تحرير الوطن من الاستعمار ، عمل السادات داخل الجيش بسلاح المشاة ثم الاشارة .
فصل من الخدمة العسكرية وسجن الاجانب
بسبب اتصاله بالالمان قبض عليه وصدر ضده حكم بالاستغناء عن خدماته فى عام 1942 بعد خلع الرتبة العسكرية واقتيد بعد خلع الرتبة العسكرية وتم اقتياده الى سجن الاجانب الحربى لقضاء فترة عقوبة مشددة ثم انتقل الى معتقل ماقوسة ثم معتقل الزيتون قرب القاهرة وتمكن عام 1944 من الهرب من المعتقل وظل مختبئا حتى عام 1945 الى ان سقطت الاحكام العرفية وبذلك خرج مرة اخرى الى النور بعد ان سقطت الاحكام المقررة عليه حسب القانون .
عمل خلالها انور السادات اعمالا كثيرة منها تباعا على عربة لورى وتباعا على المراكب النيلية ينقل الحجارة لاستخدامها فى الرصف وفى عام 1945 انتقل الى بلدة ابو كبير فى الشرقية وعمل " فواعلى " واشترك بيديه فى شق ترعة الصاوى ، هذا الرئيس الشعبى المصرى المكافح من الدرجة الاولى الى ان وصل الى رئيسا للجمهورية .
عودة مرة اخرى الى الجيش
فى تلك القترة كان السادات يشعر بمرار البعد عن الجيش والحياة العسكرية والسياسية التى خلق من اجلها فشارك فى جمعية سرية تقوم بقتل الانجليز فاتهم فى قضية مقتل " امين عثمان " والذى كان يعد من اهم حلفاء الانجليز ومن اصدقائهم فقبض عليه مرة اخرى وحكم عليه بالسجن وبعد 31 شهرا من السجن حكم عليه بالبراءة فخرج وعمل فترة فى مجال الصحافة المعارضة بالاضافة الى بعض الاعمال الحرة الاخرى ايضا ، ولكنه كانت لازالت تجمع بينه وبين الجيش واصدقاء الجيش
علاقات قوية استطاعت ان تتوسط له فى ان تعيده الى الجيش مرة اخرى وفى مقابل حب السادات الكبير للحياة العسكرية عاد مرة اخرى الى الجيش المصرى عام 1950 برتبه يوزباشى على الرغم من ان زملائه قد سبقوه فى الرتب منها الصاغ والبكباشى وسرعان ما ترقى برتبة صاغ من نفس العام و فى عام 1951 ترقى الى رتبة بيكباشى
وفى العام نفسه اختاره عبد الناصر ليكون عضوا بالهيئة التأسيسية لحركه الضباط الأحرار والتى قامت بثورة 32 يوليو التى الغت الملكية واعلنت الجمهورية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر والضباط الاحرار الذى كان من بينهم محمد انور السادات والذى اذاع بنفسه بيان الثورة .
المناصب التى تولاها بعد اعلان الثورة وقيام الجمهورية
وفي عام 1954 ومع أول تشكيل وزاري لحكومة الثورة تولى منصب وزير دولة
وانتخب عضواً بمجلس الأمة عن دائرة تلاولمدة ثلاث دورات ابتداءً من عام 1957.
وكان قد انتخب في عام 1960 أنتخب رئيساً لمجلس الأمة وكان ذلك بالفترة من21 يوليو 1960 حتي 27 سبتمبر 1961
كما أنتخب رئيساً لمجلس الأمة للفترة الثانية من 29 مارس 1964 إلى 12 نوفمبر 1968.
في عام 1969 اختاره جمال عبد الناصر نائباً له، وظل بالمنصب حتى يوم 28 سبتمبر 1970.
تولى منصب رئاسة الجمهورية
وذلك بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر خرج النائب السادات على شاشات التلفزيزن والراديو معلنا خبرا وفاته ليتسلم الراية وتدخل معه مصر فى مرحلة جديدة .
في السابع من أكتوبر عام 1970 وافق مجلس الامه على ترشيح محمد أنور السادات رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر , وبعد أن تولى السادات الرئاسة قاد حركة 15 مايو 1971 م ضد مراكز القوى المسيطرة على الحكم " المعروفة بثورة التصحيح " وهم من رجالات عبد الناصر ونظام حكمه والتي كانت سبباً في تدهور الأوضاع في مصر .
حرب 1973 المجيدة
هى حرب العزة والكرامة " سيناء " التى اعادها السادات ليس لمصر فقط وانما لكل العرب وهى كانت بمثابة درس رادع لاسرائيل تعلمت فيه الا تدوس على شبر من ارض مصر.
وفي عام 1973 وبالتعاون مع سوريا ودعم عربي كبير ، قاد الرئيس السادات مصر نحو حرب 1973 التي حاولت مصر فيها استرداد شبه جزيرة سيناء بعد الاحتلال الإسرائيلي لها في حرب الستة أيام عام 1967. وبالفعل استطاعت القوات المسلحة المصرية بكل اقتدار على استرجاع كل شبر من ارض سيناء وكانت النتيجة هى استرجاع 15 كيلو متر من صحراء سيناء , وفى النهاية أدى انتصار السادات في الحرب إلى استعاده سيناء كاملة وإعادة فتح قناة السويس وهز ثقة إسرائيل في قدراتها العسكرية و رفع الروح المعنوية المصرية بل والعربية.
رجل السلام
فى 9 نوفمبر 1977 أعلن السادات انه مستعد انه يذهب إلى إسرائيل من اجل التباحث حول مفاوضات السلام اراد السادات السلام فعمل على تحقيقه قدر ما استطاع اراد النقاش والتحاور وجها لوجه فلا احد كان يمكن ان يتخيل ان اى رئيس عربى يذهب الى اسرائيل فى يوم من الايام فى تلك الفترة التاريخية من حياة الشعوب العربية ، فكان السادات صاحب فكر ونهج مختلف بل كان سابق لعصره رأى بعين الماضى أفاق المستقبل والصراعات الدامية التى سوف تحدث على الساحة العربية ، اراد ان يؤمن العرب كل العرب ليس فقط مصر من خطر اسرائيل فى المستقبل فذهب اليهم فى بيتهم اسرائيل ليمد اليهم يد ممدوة بالسلام واليد الاخرى لتمسك بالزمام ودعا الى السلام والى اتفاقية السلام
بالفعل في التاسع عشر من شهر نوفمبر 1977 قام السادات بزيارة إسرائيل وسط دهشة وانبهار العالم بهذه الزيارة التي وصفها البعض من الذين عايشوها وشاركوا فيها إنها كانت بمثابة الهبوط على سطح القمر وسط تغطيه إعلاميه من العالم كله, وفى إسرائيل القي السادات خطابه الشهير في الكنيست الاسرائيلى وطرح الحقائق كاملة أمام شعب إسرائيل وأمام العالم كله بما مفاده أن الشعب العربي والمصري يريد السلام وان على إسرائيل أن تتخلى عن أحلام الغزو وعن الاعتقاد بان القوه هي خير سبيل للتعامل مع العرب وانه لا حل للقضية الصراع العربي الاسرائيلى دون حل مشكله شعب فلسطين .
هكذا نادى الريئس السادات منذ اكثر من ثلاثين عاما بان الصراع العربى الاسرائيلى لن يحل دونما حل القضية الفلسطنية اولا ولم يفهم الاسرائيين ولا العرب مغزى هذا الخطاب الا بعد وفاة السادات وما نشهده حاليا كدول عربية من اسرائيل وتصعيد اعمالها فى منطقة الشرق الاوسط .
ولكنه ظن البعض ان السادات قد قدم تنازلات دون مقابل وهو الاعتراف بإسرائيل بالذهاب لديهم فى هذه الزيارة
6 أكتوبر عام 1981 " حادث المنصة "
لم يكن يدرى احد او يتوقع ان هذا اليوم سوف يكون يوم الفراق حيث كانت سوف تغمض فيه عين السادات وقلبه الى الابد … تزين السادات بكامل هيئته العسكرية فرحا بملاقاه ابنائه من الجيش وفى اليوم الذين يحتفلون به بنصر اكتوبر المجيدة لكن يد الغدر كانت اسرع من ذلك …
المنصة
كالعادة كان يجلس السادات فى الصف الاول وبجواره كبار القادة والمدعوين على يمينه جلس نائبه محمد حسنى مبارك ثم الوزير العمانى شبيب بن تيمور وزير دولة سلطنة عمان وهو كان مبعوث السلطان قابوس الحاكم الوحيد بين الحكام العرب الذى لم يقطع علاقته بمصر ولا بالسادات بعد زيارة القدس ومعاهدة كامب ديفيد
بعد الوزير العماني ، جلس ممدوح سالم ، مستشار رئيس الجمهورية الذي كان من قبل رئيسا للوزراء ، والذي كان اول وزير للداخلية بعد سقوط مراكز القوى وحركة 15 مايو 1971 ..
بعد ممدوح سالم كان يجلس الدكتور عبد القادر حاتم ، المشرف العام على المجالس المتخصصة ، وهو من رجال عبد الناصر الذين قربهم السادات اليه .. وبعد الدكتور حاتم كان يجلس الدكتور صوفي ابو طالب رئيس مجلس الشعب ..
على يسار السادات كان يجلس وزير الدفاع محمد عبد الحليم ابو غزاله .. ثم المهندس سيد مرعي صهر السادات ، ومستشاره السياسي وبعده كان عبد الرحمن بيصار شيخ الازهر ثم الدكتور صبحي عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى ..فرئيس الاركان عبد رب النبي حافظ..فقادة الافرع الرئيسية للقوات المسلحة ..
وفي الصف الثاني _ خلف السادات مباشرة كان يجلس سكرتيرة الخاص فوزي عبد الحافظ
وكانت معنويات السادات النفسية فى ذلك اليوم مرتفعة جدا فكان كثيرا وعلى غير العادة يقوم بتحية المارين امامه من اصحاب العروض العسكرية لتحيتهم واحيانا كان يصفق لهم ويتبادل التعليقات مع نائبه ووزير الدفاع
عملية الاربعين ثانية
فى اقل من دقيقة ولحظة نزول " الاسلامبولى " وهو من معه بالتوجه الى المنصة وفى سرعة شديدة تناثر الرصاص فى كل اتجاه مصيبا السادات بعدد كبير من الطلقات النارية فكان مشهد المنصة مشهدا فريدا من نوعه مازال عالقا بالاذهان … من قتلى وحرجى وفوضى عارمة ودماء كراسى مقلوبة وذعر عم ارجاء المكان
بجانب عدد القتلى جرح 28 شخصية فى هذا الحادث الاليم كان على راسهم وزير الدفاع ابو غزالة واللواء محمد نبيه رئيس هيئة التدريب بالقوات المسلحة ..وكلود رويل سفير بلجيكا ..وشبيب بن تيمور وزير الدولة العماني وعدد من الظباط المصريين والامريكيين ..
و ثبت ان السادات لفظ انفاسه الاخيرة قبل ان يحملوه خارج المنطقه
وهكذا انتهت حياة الرئيس محمد انور السادات ذلك الشخص الذى عاش بطلا ومات شهيدا ، غاب عنا ولكنه ترك لنا تاريخا طويلا مزين بالنصر والعزة والكرامة … رحل عنا بجسده لكن مازال قلبه ينبض فى قلوب كل العرب والمصريين … رحل عنا ولكنه ترك لنا رسالة سوف نظل نرددها ونفهم ما تحوى معانيها على مر العصور