الرأي

الدستور لفظآ يعود إلى اللغة الفارسية إذ خلت المعاجم العربية من تعريفه ومعناه هو دست- قاعدة- ور-صاحب- أى صاحب القاعدة

 

الدستور لفظآ يعود إلى اللغة الفارسية إذ خلت المعاجم العربية من تعريفه ومعناه هو دست- قاعدة- ور-صاحب- أى صاحب القاعدة ولمعرفة ما إذا كان صاحب القاعدة هو الشعب أو الحاكم كان من المتعين الوقوف على أن الدساتير تنقسم من حيث نشأتها إلى أحد قسمين أولهما يتخذ الإسلوب غير الديمقراطى الذى ينطوى على طريقة المنحة من الحاكم إلى المحكوم والذى يمن عليه فيه ببعض سلطاته أو الإتفاق والعقد فيما بينهما وهو الذى يشارك الحاكم فيه الشعب السلطات ويتقاسمها معه بحيث تتوافق إرادتهما معآ. والقسم الثانى هو ذلك الذى يتخذ الإسلوب الديمقراطى طريقآ له وهو ما يتمتع فيه الشعب وحده بالإرادة المنفردة فى وضع دستوره دون إرادة الحاكم أى أن السيادة فى ذلك الدستور تكون للشعب وحده وفيها تسلك إرادته إحدى المسلكين أولهما هى الجمعية التأسيسية التى تنتخب من الشعب لوضع الدستور أو تلك التى يعهد إليها بذلك وعلى نحو ما حدث فى ذلك المسمى بدستور مصر لسنة2012 والتى عهد فيه إلى تلك الجمعية التأسيسية المكلفة بالأغلبية العددية للحزب الحاكم آن ذاك وما نالها إيذائه من العوار لإنحرافها التشريعى بما وطنته فيه من مواد غير دستورية بطبيعتها وأخرى ترمى إلى سياسة التمكين للحزب الحاكم وجماعته من الإخوان المسلمين فضلآ عن تقديس الحاكم بمحاكمته امام تشكيل المحكمة التى أفردتها فى المادة 152/3 وجعله بمنأى عن العقاب والمساءلة وذلك لإختزال محاسبته فى محكمة تشكل ممن سبق له وأن عينه من قضاة المحكمة الدستورية بموجب المادة 176 منه .

أو وضع الزيادة فى الصلاحيات أو النقصان منها لبعض مؤسسات الدولة وفق الهوى السياسى وعلى نحو ما يرمى إليه ولكلآ مما سلف أمثالآ وأمثالآ وفضلآ عما سبق الإشارة إليه من نماذج لدسترة النصوص أى وضع نصوص غير دستورية فى تلك الوثيقة تخالف الأعراف الدستورية فقد يصادف الجمعية التأسيسية مثلما صادف تلك الجمعية القائمة عليه رفض شعبى أو عوار قانونى فى تشكيلها .

وأما عن المسلك الآخر للأسلوب الديمقراطى فى وضع الدستور فهو طريق الإستفتاء الشعبى أو الدستورى والذى يصدر فيه الدستور مباشرة من الشعب الذى يوكل الأمر فيه لجمعية أو لجنة معينة من قبل البرلمان إن وجد أو الحكومة وهو ما يقارب الوضع الحالى للجنتى العشرة والخمسين اللتان تقومان على تعديل ذلك المسمى بدستور 2012 السابق إعداده بمعرفة جمعيته التأسيسية محل تلك المطاعن سالفة البيان سيما وأنها محلآلدعاوى دستورية مقامة ببطلان تشكيلها ووفق الإعلانات الدستورية الباطلة الصادرة من الرئيس السابق محمد مرسى ورغم إستفتاء الشعب عليه فهو إستفتاء على باطل ليس لبطلان ما أستفتى عليه من ذلك الدستور فحسب بل ولما لاحقت عملية الإستفتاء ذاتها والتى كانت بمثابة الإستفتاء السياسى صاحب الإرادة المزيفة للشعب .والتى كان المرجو منها إخضاعه لقبول ذلك النظام فضلآ عما لاحقها من شبهات التزوير ومن ثم كان الأجدر إسقاط ذلك الباطل الذى بنى على باطل-دستور 2012 –

ولما لم يحدث ذلك وسار الأمر على ما سار عليه من جهود نحو تعديل قدرآ ما من ذلك الدستور الباطل  فضلآ عن ديباجته ,

 فإنتبه يا مشروع الدستور الجديد لتنأى بنفسك عن هذه أوتلك ومن ثم كان من المتعين الوقوف على سلامة بعض تلك المواد المراد تعديلها وتنقية نصوصها من شوائب الآثام والخطايا التى بثها فيها غيره ممن سبقه.

ولهذا الحديث إمتدادآ لذلك الحديث الذى بدأ فجره منذ نشر مقالة بعنوان شجن هيكل وبكاء الشعب وأخرى بعنوان سفك دمائنا حلال على شبكة جوجل وفى إختتامية الأخيرة الإشارة إلى ما تخلله مؤلف بعنوان شماتة أم رثاء الخديوى محمد على وقد سبقهما نشره بمكتبات الأهرام عن تلك الحالة الشاذة التى يتهم فيها رئيس الجمهورية وكانت بداية عهد مصر بها إبان ثورة 25 يناير 2011 نهاية عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أى فى ظل دستور 1971 الذى تضمن فى مادته الرقيمة 85 إتهام رئيس الجمهورية ومحاكمته أمام محكمة خاصة وهو ما سارت على دربه المادتين رقم 152 من دستور 2012 والمادة رقم 134 من مشروع تعديل الدستور الجديد حين ضمنته لذات الخطأ بل وزادت عليه حين قررت (…ولا يصدر قرار الإتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام … ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة –خاصة- يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الإستئناف ويتولى الإدعاء أمامها النائب العام … وينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه) وهىعن وضع آلية وكيفية محاسبة رئيس الجمهورية نظرآ لما شهدته البلاد فيما جد عليها من حالة إتهام رئيسى الجمهورية السابق والأسبق كلآ فى ما هومنسوبآ إليه من جرائم الخيانة العظمى –الجريمة السياسية-الدستورية- مخالفة أحكام الدستور فضلآ عن جرائم التحريض على قتل المتظاهرين والتى تواترت فى وسائل الإعلام بين آراء الفقهاء على وصفها بالمخلوع تارة وبالمعزول تارة والمعفى من منصبه تارة أخرى رغم أنها وعلى ما سيلى ليس لها إلا وصفها الذى أراده المشرع لها من قبل كل ذلك بوصفه –الرئيس المتهم- وفق نصوص القانون السارى العمل به حتى الآن القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء فى المادة الأولى منه التى نصت على أن تتولى محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء محكمة مسماها فيه المحكمة العليا المشكلة من إثنى عشر عضوآ ستة منهم من أعضاء مجلس الشعب-الأمة- بطريق الإقتراع وفى ذلك حديثآ آخر وثلاثة من مستشارى محكمة النقض بطريق الإقتراع أيضآ وأقدم ثلاثة من مستشارى محكمة الإستئناف فضلآ عن إختيار ذات التشكيل بطريق القرعة أيضآ بصفة إحتياطية ونقل عبء سلطة الإتهام من النيابة العامة إلى ثلاثة أعضاء منتخبين بطريق الإقتراع السرى من أعضاء مجلس الشعب وفق المادة الثالثة منه ومن ثم كانت هى المحكمة المختصة التى تقاسمت تلك الحالة الشاذة من إتهام رئيس الدولة بين الشعب والقضاء ولذلك قد جمعت بين الحسنيين الشعب والقضاء وأوجب القانون فى مادته الخامسة على إنعقاد المحكمة فى دار محكمة النقض وكانت تلك الآليات التى أفردها ذلك القانون وإختص بها هى مما إنحرفت بها المادة رقم 85 من دستور 1971 عن مسارها التشريعى حين أشارت بغير صدق منها على أنها محكمة خاصة رغم نص القانون رقم 247 لسنة 1956عليها بأنها المحكمة العليا ونص دستور 1971 اللاحق على ذلك القانون فى مادته رقم 191(كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحآ ونافذآ ومع ذلك يجوز إلغائها أو تعديلها وفقآ للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الدستور)

 ثم زايدت الجمعية التأسيسية القائمة على دستور 2012 على ذلك الإنحراف التشريعى والخروج به عن غير موضعه فى المادة 176 منه وسايرتها فى ذلك لجنة الخمسين القائمة على تعديل ذلك الدستور حين ضمنته ذات ما نصت عليه فى المادة 165 منه وعلى نحو ما إستهللنا به هذا الحديث عن تشكيل ذات المحكمة المعيبة لفظآ بكلمة خاصة والمعيبة تشكيلآ بعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية المعينيين من ذلك الرئيس الذى قد يمثل أمامها يومآ ما لإتهامه ومن ثم محاكمته أمامها بموجب المادة 152 من دستور 2012 وهو ذات ما إعتنقته المادة  134 من مشروع الدستور المعدل وهو ما يثير التعارض بين مثوله أمام هذه المحكمة وتشكيلها وفق المادة 165 من مشروع تعديل الدستور (… ويعين نائب رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة) وكان الأجدر أن يكون تعيينهم بقرار الجمعية العمومية ذاتها وإقتصار دور رئيس الجمهورية على التصديق على ذلك القرار بالتعيين لا منح المادة 176 من دستور 2012 والمادة 165 من مشروع الدستور المعدل لتلك الولاية والوصاية له فى قرار التعيين ثم محاكمته أمامهم بموجب المادة 152 من دستور 2012 وما تضمنته المادة 134 من مشروع تعديل الدستور أيضآ فضلآ عن أن إستخدام هاتين المادتين لذات اللفظ المعيب لكلمة محكمة خاصة ما فيه الإشارة لما يخرجها عن مدلول القاضى الطبيعى الذى تختاره دعواه لا من يختار هو دعواه .حين يصدر رئيس الجمهورية قراربتعيين أعضاء المحكمة التى قد تتولى محاكمته حال إتهامه ومن ثم شبهة فقدانها لحياديتها ومواكبتها لصورة المحكمة الإستثنائية

وفضلآ عن كل هذا وذاك فقد أودعت المادة 152 /3 من دستور 2012 وإستقرت عليه المادة134 من مشروع  تعديل ذلك الدستور بجعل سلطة الإدعاء أمام تلك المحكمة الخاصة المعيبة قانونآ ولفظآ و المشكلة بعضوية ممن سبق وأن عينهم رئيس الجمهورية الذى قد يمثل أمامها متهمآ إيذاء إرتكابه لجريمة ما فى يد النائب العام المعين بقرار منه وفق المادة 173 من دستور 2012 وأيدته المادة 162 من مشروع تعديل الدستور رغم أن تلك  الحالة من الإتهام ضد رئيس الجمهوريةهى التى سبق وأن كفلها المشرع فى المادة رقم 3 /2 من القانون رقم 247 لسنة 1956 إذا ما صدر الإتهام من رئيس الجمهورية ضد رئيس الوزراء أوأيآ من الوزراء وهو ما أرادت أن تواكبه المادة 147 من مشروع تعديل الدستور(لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب …إتهام رئيس مجلس الوزراء أوأيآ من أعضاء الحكومة…بعد تحقيق يجريه النائب العام)وهو ما يغاير صدور الإتهام قبل رئيس الجمهورية وتوجيه الإتهام إليه بتحريك الدعوى الجنائية ضده من النائب العام وكما أشارت إليه المادة 173 وما يقابلها فى المادة 162 إذ أن توجيه الإتهام إلى رئيس الجمهورية فتتولاه سلطة الإتهام التى كفلها المشرع من قبل لأعضاء ثلاثة من أعضاء مجلس الشعب بطريق الإقتراع وهى تلك التى سبق وأن رصدها القانون رقم 247لسنة1956 فى المادة 3/1 منه وعلى نحو ما سلف لينأى بسلطة الإتهام الممثلة فى النائب العام  من تغول السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الدولة إذا ما صاحبته حالة الإتهام تلك ووجهت إليه على السلطة القضائية و يمثلها النائب العام وبما يفقدها لإستقلالها وهى التى كفلت لها كافة الدساتيرالإستقلال و هو ما ضمنته لها المادتين 157 ,159من مشروع تعديل الدستور .

ومن ثم إنسحب أثر ذلك التعارض المعيب بين محاكمته فى المادة 152 من دستور 2012 وبين المحكمة المنوط بها تلك المحاكمة فى المادتين 176,173 (تعيين رئيس الجمهورية للنائب العام ولأعضاء المحكمة الدستورية العليا)   وما يقابلها فى مشروع تعديل ذلك الدستور بإنسحاب ذات الأثر للمادة 134 الخاصة بمحكمته وطبيعة تشكيلها على المادتين 162 ,165 الخاصتين بتعيينه للنائب العام ورئيس ونائب المحكمة الدستورية العليا وخروجه بذلك من المحاكمة أمام قاضيه الطبيعى وهى المحكمة العليا التى أرادها القانون رقم 247 لسنة 1956 وأسماها كذلك فى مادته الأولى فكفل للشعب والقضاء محاكمة رئيس الجمهورية لدى إتهامه.

ورغم أن النيابة العامة وعلى رأسها النائب العام هى خصم شريف و محايد فى الدعوى لايرد إلا أن ذلك كان من شأنه إلقاء العبء عليها وتغول الحاكم وتعسفه قبلها وقد حدث ما حدث فى الإعلان الدستورى الصادر من الرئيس السابق محمد مرسى الذى ضمنه عزله للنائب العام الأسبق .

فإنتبه يا مشروع الدستور لتدرأ الصراع الدائم بين الحاكم إذا ما نال صلاحيات مطلقة فتجنب الشعب النضال من أجل تقييد تلك الصلاحيات إلى أن يتم إرساء مبدأ العقاب ووضع آلياته فينأى الحاكم بنفسه عن الإنحراف بالسلطة من مسارها الصحيح وإعمل على تنقية نصوصك من الآثام والخطايا فى لفظ معيبآ منك أوفى غاياتك وتحلى بصفات الدستور القويم حتى يتثنى لك أن تحكم هذا الشعب العظيم لا فيما سبق بالعودة إلى ما أقره القانون رقم 247 لسنة 1956 وقيدته المادة 32 من الإعلان الدستورى الصادر من السيد المستشار رئيس الجمهورية عدلى منصور بتاريخ 8 يوليو 2013 (كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستورى يبقى صحيحآ ونافذآ …) فحسب بل وفيما سيلى أيضآ .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى