الرأي

خلعَ جسده المنهك وألقى به على ” حصيرة ” الأمس المُهترئة ، ولأن حلمه أقصر من فتحة عينيه قرر أن

خلعَ جسده المنهك وألقى به على " حصيرة " الأمس المُهترئة ، ولأن حلمه أقصر من فتحة عينيه قرر أن يغمضهما سريعاً قبل أن يَفر ما تبقى منه خلسة …
لكن هيهات أن يأتيه النوم ومطارق الأفكار تدق برأسه ، وناموس الماضي يلاحقه ، كل البشر تحاسبه على خطيئة وحده الفقر من يتحمل وزرها .. الحاجة والعوز لهما اليد الأولى فيها .

ويستمر في عذابه الليلي كلما حاول أن يغفوا .. وحديث روحه التي لا تمل ::

ما ذنبي أن يقتلني ضميري بالثانية ألف مرة دون أن يأذن لي بالموت إلى الأبد ، ارحمني أيها الساكن في داخلي ،وأنت كل مساءٍ تصلبُ روحي على خشبة الاعتراف بالذنب دون أن تفكر بأن تغفر لي .. أنا لم أقتل أبناءي صدقني أنا لم اقتلهم ، وإن كانت يدايّ هاتان من دفنتهما معاً في مقبرة واحدة ، ثم لم أسمحَ للشمس أن تودعهما ولا للقمر أن يساهرهما للمرة الأخيرة قبل الرحيل ..

لماذا عليهم أن يضعوني هنا بين هذه الجدران الأربعة بلا سقف .. ويتركوا الباب مفتوح للذكريات الموجعة حد النزف الذي لا ينتهي .. ليتهم زجوا بشيبتي هذه إلى السجن ، لو فعلوا لما استطعت أن أتحسس بألم الأب المفجوع زوايا هذه الغرفة بحثاً عن أثرٍ لأحدهم .. إنهم بلطفهم يزيدون في عذابي ..

أبناءي الثلاثة " عمر ، وأسامة ، وصهيب " يا فلذة كبد أبيكم .. إياكم أن تغفروا للقاتل .. عندما تصبحون في الجنة ، وتقابلوا الله هناك ، قولوا له أن والدنا بريء من دمنا ، القاتل الوحيد هو " الفقر " لو كان حالنا كجارنا لما اضطر والدنا لأن يرسلنا لنتسول القرش المغموس بالذل على أرصفة الطريق ، ولمَ صفعت عجلات تلك السيارة بضاعتنا التي أفسدتها أشعة الشمس الحارقة ، ثم أضلت طريقها لتعجن أجسدانا الهشة الضعيفة وتعجلها نسيناً منسياً !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى