الرأي

عامان على الثورة المصرية، تحول مسماها في كثير من وسائل الإعلام الأجنبية من مسمى الثورة إلى مسمى الانتفاضة، وفي خضم

بقلم : ايمن ولاش 

عامان على الثورة المصرية، تحول مسماها في كثير من وسائل الإعلام الأجنبية من مسمى الثورة إلى مسمى الانتفاضة، وفي خضم الأحداث الزمنية، أصبحنا في حالة من التأزم فاقت توقعات البعض، وتسببت في تراجع الآمال في حدوث تغيرات حقيقية على أرض الواقع، تلك التغيرات التي طالب بها الجميع، وارتفع سقفها إلى حد فاق المأمول والمتوقع في ظل محدودية الموارد والقدرات المتاحة، ووصلت إلى حد دخول نفق مظلم يصعب رؤية بصيص نور في نهايته، وفي إطار ذلك تساءل الكثيرون عن أسباب الوضع المتأزم وفرص ومآلات وسيناريوهات الخروج منه، وهو كم من التساؤلات المشروعة التي وجب التطرق إليها في ظل رؤى تصاعد وتيرة حالة التأزم وسيناريوهات الفشل المستقبلي.
إن حالة التأزم تختلف في تعريفها عن حالة الأزمة، فبالرغم من أن كلاهما يشير إلى ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن، ويمثل نقطة تحول قد ينتج عنها تغير كبير، إلا أن الفارق بينهما يكمن في كون الأزمة تأتي بشكل مفاجيء خارج عن الإرادة، ووفقاً لمتغيرات طرأت على الوضع القائم، أما التأزم فيشير إلى وجود متغير متعمد نتج عن بعض الممارسات المقصودة.
لقد ظهرت حالة التأزم في مصر بعد صدور إعلان دستوري في  نوفمبر 2012، أعطى للرئيس سلطة التشريع ومد من خلاله عمل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وحصنها من الحل، ذلك الدستور الذي أثار جدلاً كبيراً بين التيارات السياسية، ثم خروج الدستور وما واكبه من تظاهرات مؤيدة وتيارات معارضة في حالة شعبية شديدة الاستقطاب، وما تبعه من بعض التصريحات الرسمية لأحد المسئولين في القنوات الفضائية والتي كان أهمها القول بأن "موازين القوى في الشارع تصب في صالح الرئيس"، وبرغم من أنني دارس للعلوم السياسية وأعلم أن المصطلح يستخدم في العلاقات الدولية في إشارة إلى موازين القوى في النظام الدولي، إلا أنها كانت البادرة الأولى لسماع المصطلح في إطار دولة واحدة وشعب واحد، وكأن التعبير قُصد منه التأكيد على حالة استقطاب مجتمعي يصبح فيه البقاء فيه للأقوى وكأنها قوانين الغابة.
ودونما العودة إلى تفاصيل تلك الفترة وتطوراتها التي يعلمها الجميع إلا أن ما سبق قد مثل نقطة بداية أعقبها حالة من الاضطراب تناثرت فيها الأحاديث والمناورات السياسية ما بين جماعة الأخوان الحاكمة والمعارضة لها، وهو ما أثبت تواجد حالة من انعدام الاستقرار السياسي في ظل وضع اقتصادي متردي.
إن المتغير الاقتصادي هو الأكثر تأثيراً على سيناريوهات المستقبل، فالنظام الحاكم حاول بداية حل الأزمة الاقتصادية عبر فرض مجموعة من الضرائب وزيادة الأسعار، والدعوة لترشيد الاستهلاك والانفاق، وهو ما نتج عنه موجة شعبية غاضبة ليزداد الوضع سوءاً، وهو ما أوجب توجه النظام إلى الاقتراض من الخارج، وبعد فشل محاثات صندوق النقد التي اشترطت مجموعة من الاجراءات التي وجد النظام أنها ستساهم في زيادة الغضب الشعبي، وفي ظل الرغبة للوصول إلى انتخابات مجلس للنواب وعدم فقدان أصوات الناخبين في الاقتراع، كان التوجه للاقتراض من الخارج كقطر والاتحاد الأوروربي، لحل الأزمة الاقتصادية على المدى القصير، أما الحل على المدى الطويل فيتطلب وجود تنمية اقتصادية تستلزم وجود حالة من الاستقرار الأمني والسياسي والتي يصعب تحقيقها في الفترة الحالية.
وفي انتخابات مجلس النواب القادم يظهر المتغير الثاني المؤثر على سيناريوهات المستقبل، فالنظام الحاكم يريد الوصول إليها مهما بلغت ردود الأفعال، معتمداً في ذلك على قدرات جماعة لها من القدرة على حشد أصوات الناخبين، وفي ظل عدم وجود معارضة قوية، قد ينتج مجلساً للنواب بأغلبية نسبية أخوانية، وهو ما سيزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي، وتراجع الحالة الأمنية، ومن ثم صعوبة في وجود تنمية اقتصادية مستدامة على المدى الطويل بعودة السياحة وجذب استثمارات أجنبية، والتي تتطلب استقرار الحالتين الأمنية والسياسية، وهي الدائرة المفرغة لازدياد حالة التأزم.
إن السيناريوهات المستقبلية تشير إلى دائرة مفرغة يستمر فيها نظام قائم على تحقيق غاياته وبرامجه دونما النظر إلى صلاحية تلك الغايات والبرامج يما يتوافق مع الحالة المصرية، وفي ظل تلك الدائرة المفرغة نصل من سيناريو فشل إلى آخر، والخروج من حالة التأزم تلك تستلزم بروز متغير جديد تكون له القدرة على إخراج الوطن من تلك الدائرة المفرغة إلى دائرة أخرى يظهر بها بصيص من نور الأمل في الأفق، وهو ما قد ينتج في حالة وجود إرادة ينتج عنها سلسلة من الإجراءات التي تستهدف الخروج من الأزمة، إجراءات وقرارات رشيدة تضمن الحفاظ على الدولة ومصالحها الحيوية وحمايتها.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى