ستة عشر شهرا مرت على ثورة الخامس والعشرين من يناير دون حدوث أي تقدم ملموس على الساحة السياسية في مصر
ستة عشر شهرا مرت على ثورة الخامس والعشرين من يناير دون حدوث أي تقدم ملموس على الساحة السياسية في مصر .. ورغم اجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه الشعب و الشورى ، إلا أن المجلسين مهددان بالحل بسبب دعوى قضائية تطالب بإلغاء الانتخابات وما ترتب عليها من نتائج نظرا لمنافسة الأحزاب على المقاعد الفردية بدلا من اقتصار التنافس عليها من جانب المستقلين .. وخلال شهر تقريبا سيتم البت قضائيا في مدى قانونية بقاء البرلمان …. أما انتخابات الرئاسة ، فحدث عنها ولا حرج ، ضبابية في المشهد بالنسبة للمرشحين – استبعد منهم من استبعد وقبل منهم من قبل – ، وانتهاك لقواعد الدعاية الانتخابية لدرجة أنه قيل إن أحد المرشحين المحتملين أنفق 80 مليون جنيه قبل بدء الدعاية وغيرها من اللوغاريتمات…
وعلى الرغم من أن الثورة وضعت أوزارها في الحادي عشر من فبراير العام الماضي بخطاب التنحي الذي القاه عمر سليمان نيابة عن الرئيس المخلوع ، إلا أن الحسم السياسي لم يأخذ مكانه بعد …
وبعد أن كان أنصار النظام السابق يتوارون عن الأنظار خشية التعرض للهجوم والانتقاد من جانب قطاعات الشعب المختلفة نظرا لحجم الفساد الكبير الذي تميزت به الفترة الأخيرة من حكم مبارك ، إلا أن طول الفترة التي مرت دون عقاب لأي منهم كانت كافية لإعادة إنتاج الوجوه السابقة في كل المجالات السياسية والثقافية والإعلامية ، حتى أصبحنا نرى أسماء قديمة كثيرة تتردد في وسائل الإعلام ، وكأن الرهان كان قائما على عامل الوقت في أن ينسى الشعب آلامه ويطوي صفحة الماضي ..
وبنفس المنطق ، جاءت الأشهر الثلاثة الماضية التي أعقبت انتخابات الشعب والشورى ، شد وجذب ، وحقائق وأكاذيب ، وإشاعات ووقائع ، حتى اختلطت الأمور ببعضها وأصبحت الساحة السياسية مهيأة لطرح أي من الأسماء السابقة ، حتى ولو كان مبارك نفسه – فقد وجدنا مواطنون يحررون توكيلات له في بعض محافظات مصر – ولو تبنت أي جهة حملة الدعاية لمبارك لكان أحد الأسماء في قائمة المرشحين ولحصل على أحد الرموز التقليدية مثل الهلال أو الجمل مثلا ،، إلا أن محاكمته حالت دون ترشحه…
لا أتهم الشعب المصري بالجهل ، ولكن أظن أنني مثل ملايين المصريين لا يعرفون الكثير عن القانون والقضاء والتشريعات الدستورية ، ولا نعلم متى يكون محظورا على شخص ما الترشح للانتخابات وما هي الجهة المنوط بها منعه من الترشح ، هل هي اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة أم القضاء الإداري أم الدستورية العليا أم المجلس العسكري بصفته الحاكم للبلاد، أم أن هناك جهة أخرى لديها الحل والربط ؟؟؟؟؟؟ …
وأين أدوات الجهات السيادية التي تفصل بين الأمور ؟ وكيف أن الجدل حول جنسية والدة حازم ابو إسماعيل لا يزال مستمرا ؟ وكيف أن مصير أحمد شفيق لم يتحدد بعد ؟ وغيرها من التساؤلات التي تركت للشعب كي يختبر بها ذكاءه… وبالتأكيد سوف تكون النتيجة "لم ينجح أحد" …
كيف بأمة أطاحت بنظام فاسد في ثمانية عشر يوما لا تعرف حتى الآن ما هو مصيرها .. هل ستكون هناك انتخابات رئاسية أم سيكون هناك دستور أم إعلان دستوري مكمل ؟ أم سيكون هناك حل لمجلسي الشعب والشورى والعودة إلى نقطة الصفر ؟؟
القضية ليست في نية المجلس العسكري البقاء في السلطة من عدمه ، بقدر ما هي حسابات المصالح التي فاقت حدودها وطغت على حب الوطن والتضحية من أجله مثلما يردد الإخوان والوهابيون والليبراليون واليسار وغيرهم من التيارات …
الحل ليس في حكم قضائي ، لأنه بالتأكيد سيعقبه بعد أيام ، وأحيانا بعد ساعات حكم قضائي آخر يلغيه … وليس في رسالة طمأنة على الفيس بوك بأن الجيش هو حامي الوطن وأنه لم ولن يطلق الرصاص على أي مواطن ولن يسحله في الشارع ولن يكشف عذرية الفتيات … وليس في رسم الجمل والشعارات حول مشروع النهضة الذي سينتشل مصر – بقدرة قادر – من الفقر ، مثلما فعل مجلس الشعب مع كرامة مصر عندما أذل أمريكا وأعاد المتهمين الاجانب إلى مصر ليحاكموا أمام القضاء ، ومثلما فعل البرلمان مع المجلس العسكري ليجري تعديلا وزاريا يغير وجه الحياة الفاسدة بتعيين وزراء جدد للتعليم العالي والثقافة والقوى العاملة … أتمنى لو أن هناك من يفسر لي كيف أن تلك الوزارات ستستطيع أن تغير من الأداء المخيب لحكومة كمال الجنزوري بحسب رأي الإخوان …
إذا كان هذا هو حال الفترة التي أعقبت الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية تحديد الجدول الزمني لإجرائها ، فما بالنا بالأيام القليلة المتبقية لحين بدء التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات – إذا قدر لها أن تتم – ؟؟ .. على صعيد المرشحين قد نجد اندماجات وتنازلات من جانب بعض المرشحين لصالح البعض الآخر .. وقد نفاجأ بأحكام قضائية تخرج بعض اللاعبين من الحلبة .. وقد نفاجأ بعباسية أخرى يسقط فيها من الضحايا من يسقط ثم تتلبد السماء بالغمام ، ويتسع حظر التجوال من العباسية إلى مصر كلها مثلما حدث أيام الثورة … وقد يعلق مجلس الشعب جلساته مطالبا بإجراء استفتاء على رئيس للجمهورية يتم الاتفاق عليه بين المجلس العسكري والقوى السياسية التي تفاوضت من قبل مع عمر سليمان أيام الثورة …. وكأننا نقول ودنك منين يا جحا أقصد "يا ريس" …