الرأي

لا يستطيع أحد أن ينكر جمال وروعة المشهد السياسي لمصر أثناء الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشعب التي جرت خلال يومي

لا يستطيع أحد أن ينكر جمال وروعة المشهد السياسي لمصر أثناء الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشعب التي جرت خلال يومي الثمن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر نوفمبر المنصرم.. فبرغم كل التحديات التي ألمت بالمرحلة وبرغم صعوبة المخاض السياسي لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وما ألم بمصرنا الحبيبة من انفلات أمني وتدهور اقتصادي وجدل سياسي إلا أن المرحلة الأولى أثبتت للعالم كما أثبتت ثورتها السلمية من قبل على إصرار الشعب المصري بكل طوائفه وعلى اختلاف انتماءاته السياسية على تعطشه للديمقراطية وكأنه يريد أن يثبت لنفسه قبل أن يثبت للغير أن وصمه بأنه ما يزال غير مؤهل للديمقراطية هو وصف بعيد عن الواقع وعار تماما عن الصحة..

ولكن، وبعد هذه المقدمة التي يبدو منها سيطرة التفاؤل، إلا أننا يجب ألا ننسى أن المرحلة الأولى من الاستحقاق الانتخابي لمجلس الشعب قد شابها العديد من السلبيات كممارسة الدعاية الانتخابية أمام اللجان وطول الطوابيرأمام اللجان الفرعية وتأخروصول القضاةوأوراق الانتخابات لمقار اللجان وعدم ختم بعض أوراق الانتخابات، وبعض أحداث العنف والشغب المحدودة وعدم ملائمة أماكن الفرز.

هذه السلبيات التي وإن كانت لا تقارن بما شهدته الانتخابات في مصر منذ عقود، إلا أنها يجب تلافيها وبسرعة حتى لا نعطي الفرصة للمتربصين بمصرنا أن ينالوا من أول تجربة ديمقراطية يخوضونها فالثوب الأبيض لا ينبغي ألا تدنسه بقع السواد مهما تكلفت الأمور..

كما أننا ينبغي ألا ننسى من صاحب الفضل الأكبر في هذا الإنجاز التاريخي.. وهم شباب ثورتنا المجيدة ودماء شهدائها الأبرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل هذه اللحظة، وانطلاقا من ذلك ينبغي ألا نقلل مما يدور في ميدان التحرير حتى اللحظة حتى وإن تصاعدت النبرات حينا وارتفع سقف المطالبات أحيانا..

وحتى لا ننسى، ينبغي ألا نخوض كثيرا في التقليل من طرف لحساب طرف أو تخوينه لحساب الآخر.. فمصر التي بدت منقسمة بين ميداني التحرير والعباسية هي في الأصل مصر التي تريد بناءً لا هدما، مصر التي تحلم بديمقراطية كاملة تضعها في حجمها الطبيعي وتضعها بحق ودون مبالغات إعلامية بين مصاف الدول المتقدمة.

حتى لا ننسى، يجب أن نقف وراء حكومة الإنقاذ الوطني التي يشكلها الدكتور كمال الجنزوري فمهتمها ثقيلة ومدة بقائها في السلطة لن تتجاوز أشهر معدودة، يجب أن نساندها لتستطيع أن تقدم رصيدا يمكن البناء عليه، كما أن على الحكومة أيضا ألا تنسى أن تلتزم بما وعدت به من إيجاد حلول جذرية للانفلات الأمني والسيطرة على الأسواق وإعادة عجلة الإنتاج للدوران من جديد وبناء اقتصاد قومي يراعى العدالة الاجتماعية..

وإلى التيارات السياسية المتناحرة ما زالت، لا تنسوا مصلحة الوطن العليا وأعلوها فوق مصالحكم الضيقة وارتقوا بهذا البلد وافتحوا حوارا بناءً يضمكم تحت راية من التوافق حتى تمر هذه المرحلة الحساسة من عمر الوطن.. فإما أن تدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه أو انتظروه يلفظكم كما لفظ من قبلكم..

وإلى مجلسنا العسكري الموقر، لا تنسى ما عقدت العزم عليه وأوف ما وعدتنا به من سرعة تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة في الموعد الذي حددته بنفسك في نهاية يونيو 2012، حتى تظل سندا لنا وضامنا لاستقرار البلاد وحاميا لأمنها وحدودها..

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى