عاجل

كنتُ كلما قرأت لها شيئا أخذتني في رحلة أخرى ربما عجز الكثير من الكتّاب على اصطحابي بها ، روحها

كنتُ كلما قرأت لها شيئا أخذتني في رحلة أخرى ربما عجز الكثير من الكتّاب على اصطحابي بها ، روحها
الاثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠:٠٠ ص
3229

 حوار - الاء نصر

 كنتُ كلما قرأت لها شيئا أخذتني في رحلة أخرى ربما عجز الكثير من الكتّاب على اصطحابي بها ، روحها ، تفردها ، تمردها ، حبها ، تألقها ، جعل مني طفلة يوما كانت تتعلق برداء أمها، لكنها الآن ترى في السطور معطفاً لتختبئ به سراً وهي تفتش عن كلمات تلك المبدعة ، كَتبت الشعر الغنائي وكان آخر ما لُحن وأنُشد لها كلمات لحزب الحرية والعدالة . ولكي ندنوا من تلك الحروف أكثر كان لنا حوارا خاصاً مع الكاتبة الشابة سماح ضيف الله المزين .

- في سطور قليلة، من هي سماح المزين؟
هي.. نفسٌ طيبةٌ.. تحيى بالأمل، تتقن العطاء، تعملُ بجدٍ، وترنو للتألق.. تحبّ الورد وحكاياه، وتهوى صيدَ الفَراشِ، وتعليق الأمنيات على أبواب القلوب.. تنفست هواء خان يونس قبل أن أتنفسَ غيره، أحب بلدي بل أعشقها، ولدت لأبوينِ طيبينِ كريمينِ بعد أربعةِ إخوة (ذكور) لأكونَ هديةَ الله المنتظرةِ لوالدتي التي تمنت كثيراً أن يرزقها الله بطفلة (بنت) ثم ابتعدت عن الوطنِ طويلاً طويلاً.. لأقضي طفولتي وصباي حتى.. في المملكة العربية السعودية، وأعود لغزة الحبيبة شابة ممتلئةَ النفسِ حباً وحنيناً لتلك المعشوقةِ المتفردّة! من بين سبعة إخوة وأخوات كلهم ولدوا في المملكة العربية السعودية.. وربما لحسن حظيْ ولدت في قطاع غزة، وتحديداً في مدينة خان يونس، ليشتعلَ مع أول الأنفاسِ حبّ الوطنَ نبضاً في قلبِ سماح الوليدة.. أعتبر نفسي.. إحدى عشاق القراءة والكتب، وفرسان الريشة والقلم، صادقت الكتاب طويلا، ولا أزال أعتبره الصديق اللصيق بي كروحي. اسمي: سماح ضيف الله عبد المزين، أبلغ من العمر الأدبي ديوانين وسبعين قصيدة، والكثير من منثور الروح في صفحات المجلات الثقافية والأدبية، وحضوراً ثابتاً في المواقع الإلكترونية التي تعنى بالثقافة وأهلها، سقيتُ بالهمةِ تربةَ حياتي، فأزهر دربي نجاحاً، مبكراً دلفت قدمي وروحي قبلها عالم الفن ونفد حبه إلى قلبي، فغنيتُ للوطنِ والجمال منذ صغري، ولطالما مسني الحنين للوطن وحضنه وأهله على الوجع الذي كنت أشعر به كلما تذكرته.

- إنتاجك الأدبي الغزير يشي عن بدايات استثنائية، حدثينا عن الروافد التي جعلت منكِ كاتبة؟
الاغتراب عن الوطن كان من أهم العوامل التي أسهمت في صناعة شخصيتي الأدبية، وتحريك الحس الكتابي لدي لأترجم ما أشعر به على الورق، ثم أن حب الفنّ نفد إلى حياتي وقلبي مبكراً جداً، فمنذ أعوامي الخمس الأولى كنت أستمع لأغاني البراعم وأحاول تقليدهم في الغناء، وكنت أهوى الألوان وأخطط لأعمال طفولية - وإن كانت شريرة - مع أخي الذي يكبرني بعامين، فقد كنت أتمتع بخيال رحب جداً كعطاء رباني، ولن يفوتني أو أنسى أن والدي – رحمه الله – ساهم بشكل كبير جداً في تنمية هذا الحب عن طريق أشرطة الفيديو والكاسيتات والقصص الملونة التي لم تكن تحمل سوى المضمون الهادف، وبذلك زرع في نفسي حب الفن أكثر، فلم أبلغ السابعة من العمر إلا وقد حفظت أجزاءً من القرآن الكريم وأتقنت التجويد، وكنت أقرأ في المحافل والإذاعة المدرسية، حتى أن والدتي – حفظها الله – كانت تطلب مني أن أكتب لها بعض القصص والمنشورات وأشارك في الاحتفالات التي كانت تقيمها، وشيئاً فشيئاً بدأت أتغنى بكلمات مشابهة على أوزان الأغنيات التي أحفظها، وأكتب موضوعات الإنشاء في المدرسة وحين يشكرني الناس كنت أشعر بالمسؤولية فأعمل جاهدة لتقديم شيء أجمل وأكثر لفتاً للنتباه. ثم إنها – السيدة الوالدة - مبدعة ربما في الأعمال الفنية والأشغال اليدوية، وقد لفت هذا انتباهي إلى الإبداع الفني كثيراً، كما أنها مع والدي ساهما في زرع حب القراءة لدي ولدى إخوتي عبر الجلسات الأسبوعية التي كانا يعقدانها لنا كأسرة في البيت، نقرأ فيها ونتحدث عما قرأنا، ومن مكتبة المنزل المتواضعة وجدت نفسي أمام مكتبات أوسع وأكبر حين درستُ علم المكتبات كتخصص جامعيّ، وقبلها حين كنت أقضي وقتاً طويلاً في مكتبة المدرسة وأنفذ أنشطتها، ثم تعرفت إلى عالم الإنترنت الذي لطالما فتشت فيه عما أروي به لهاث لهفتي لمعرفة وقراءة المزيد، في المجالات التي أفضل القراءة فيها كالفلسفة والأدب والتنمية البشرية، وما يخص المرأة المتميزة، وأتعرف إلى شخصيات ناجحة ومتميزة تعلمت منها الكثير، وساهمت بشكل كبير في تكوين صورة مكتملة لدي عن المبدع وعطائه لأستلهم منها الضوء للمسيرة القادمة، ثم بعد المرحلة الجامعية انتقلت من حضانة التلمذة إلى نطاق وأفق أوسع، شاركت في مسابقات شعرية وعن طريقها تعرفت إلى الأستاذ الدكتور عبد الخالق العف الذي أشاد بموهبتي ودعاني للانضمام إلى منتدى أمجاد الثقافي في مدينة غزة، ودفعني للإصرار على تنمية هذه الموهبة أكثر، قصيدةً فقصيدة وجائزة فجائزة.. أصبحت أحد أعضاء مجلس إدارة المنتدى وعضواً بارزاً في ممثلي المشهد الثقافي والأدبي الفلسطيني.

- الوقوع في فخ وردٍ، أشبه بمن يهتدي إلى كلماتكِ صدفةً، فماذا يميز حرفكِ وما سرها؟
لست أستطيع أن أجزم، لكن ربما يعود ذلك للشخصية التي وهبني الله إياها لأنني أحب الناس، أحب الحياة الجميلة أحب الورد جداً، ولي عالمٌ خاص أحيا فيه وأحب أن آخذ إليه من يقرأ لي ويتابعني، أضيف لذلك قربي الشديد والواضح من الناس وملامسة مشاعره وإحساسي بهم، ذلك يجعلني أكتب عما يلمس قلوبهم فيشعرون أنني قرأت مشاعرهم ويعيشون مع النصوص كأنني كتبتُ عنهم بالذات.

- كان لمصر نصيب من كلماتك، وأخرها شعر غنائي لحزب الحرية والعدالة، أم الدنيا ماذا تعني لقلبك؟
أعشق مصر، وأعتبرها بلدي الثاني بعد فلسطين، وأفخر بها دوماً، وطالما واجهتني أسئلة من المحيطين عن هذا العشق الذين تفاجئوا فعلاً بتوافق ثقتي الكبيرة بمصر وأهلها بعد الثورة، وقد استقبلت التهاني فعلاً كأي مصريّ، ولطالما كان لها نصيب من كلماتي قبل الثورة وخلالها وبعدها.. وكم أنا سعيدة لأنني أخط تلك الكلمات وأرد على هذه الأسئلة وأنا فعلاً في حضن القاهرة.
مما كتبت لها:
جُوزي كنانة كل دربٍ وارتقي .. فبكِ يليقُ التاج والديباجُ
جُوزي وحوزي المجدَ إنكِ فخرُنا .. والثائرون منارةٌ وسراجُ
فبهم تبوأُ أمةُ العربِ العلا .. ولهم ستبنى في السما أبراجُ
مصرُ العروبةِ إن حضن فؤادها.. لبني العروبةِ حارسٌ وسياجُ
..
وخلال الثورة كتبت:
أفديك مصرَ وأفدي وجهك النادي :: يا من بقلبك قامت كل أعياديْ
هل ألبسوكِ ثيابا وجهها عفِنٌ :: ويح الذينَ أشاعوا البؤسَ في الوادي
لم يقرؤوا خبراً عن سادةٍ خلدوا :: مذ دللوكِ فكانوا خيرَ أسيادِ
أو يقرؤوا خبراً عن سادةٍ تعسوا :: لما رموكِ بغدرِ عدىً وحُسَّاد

غير ذلك.. كتبتُ الكثيرَ من الأغنيات لمصر والثورة وللشباب المصري وأغنيات أخرى في موضوعات اجتماعية لكن باللكنة المصرية، وربما اشتهرت مؤخراً أغنية حزب الحرية والعدالة الذي أسسه الأخوان المسلمون والتي هي من أداء الفنان الملتزم عبد الرحمن درويش الذي كتبت الكلمات بناءً على طلبه وهي من ألحان وتوزيع الفنان الكبير آدم حسين، وهذه الأغنية بالذات تبث على ما أعتقد بصفة دائمة على قناة 25 يناير.

- الواقع الفلسطيني المعاش كيف اثر في تكوين شخصية سماح الكاتبة؟
الواقع لا أزال أراه بنظرتي الخاصة وتحليلي المستند على الثقافة، أثر قليلاً في اتجاه قصائدي ولم يؤثر في شخصيتي ربما لأنني عشت في أكثر من بلد وتعاملت مع شخصيات مختلفة وجنسيات كثيرة، فلست أبداً من الذين يؤيدون الحكم على أنفسهم بالسجن مدى الحياة في غياهب الحزن الذي يصنعونه لأنفسهم ويقيدون حروفهم وأرواحهم قبلها في سطور حزنٍ قد تقتل فيهم حب الحياة والعطاء، وإن كان الحزن والمعاناة واقعاً فإنني لا أتوانى عن تصويره بشكل أقرب للحقيقة إلا أنني لا تخلو أي قصائدي من لمسة الأمل والإيمان التي أمنحها للمتلقي وصاحب المعاناة سيان. فعلى الرغم من صعوبة الواقع أجد نفسي في مكان وسط بين التفاؤل والواقعية. إلا أن كل انفعال يشدني لأعيشه بتفاصيله وأكتب عنه كما أراه بحلوه ومره.

- ما رأيك بالأدب النسائي الحديث، وهل أنت من مؤيدي أدب الجسد (الايروتيك)؟
أحتفظ بإجابتي لنفسي!

- آمال وتطلعات شاعرة، هل سترسو يوماً أم أنها في عناقٍ دائم لأعالي السماء؟
ستظل تطاول السحب، وتعانق النجم.. لا أعتقد أن حداً سيوقفها فهذا ما قرأته في تجاربي السابقة، كلما تمنيت شيئاً أو طمحت لشيء ووصلت، وجدت نفسي أنسج أمنية جديدة أو أرنو لمرتبة أعلى وطموح لا يقف عند حد.
 

الأكثر قراءة
Latest-News-img
المركزي: ارتفاع إيرادات رسوم المرور بقناة السويس بمعدل 20.7% لتسجل 4.8 مليار دولار خلال 6 أشهر
Latest-News-img
وزيرة التخطيط: 7.6 مليار جنيه قيمة الاستثمارات الموجهة للشرقية لتنفيذ 419 مشروعًا بخطة 23-2024
Latest-News-img
الإحصاء: 6 ملايين دولار صادرات مصر لمملكة البحرين خلال عام 2023
Latest-News-img
الإحصاء: تراجع معدل التضخم السنوي لشهر مارس 2024
Latest-News-img
بعد رفع أجور القطاع الخاص لـ6000 جنيه.. وزير العمل يؤكد تنفيذه بالمديريات
Latest-News-img
إيرادات روسيا تقفز خلال الربع الأول وسط صعود أسعار النفط
جديد الأخبار